" السخرية والاستهزاء "
" السخرية والاستهزاء "
أخي المسلم:
يعمد ضعاف النفوس إلى استخدام السخرية والاستهزاء كوسيلة لصرف الأنظار عنهم وتضخيم عيوب الآخرين، وهذا أمرٌ محرَّمٌ لأنه لا يرجى من وراء السخرية والاستهزاء إصلاح ولا رشد، بل ربما أدَّى إلى الازدياد في الإثم والباطل، قال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ " [الحجرات: 11].
ومعنى السخرية:
الاستهانة والتحقير والتنبيه على العيوب والنقائص على وجه يُضحك منه، وقد يكون ذلك بالقول، وقد يكون بالمحاكاة في الفعل والقول، وقد يكون بالإشارة والإيماء.. قالت عائشة رضي الله عنها: حاكيتُ إنسانًا فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «والله ما أحب أني حاكيت إنسانًا ولي كذا وكذا» (أبو داود والترمذي وصححه).
قال ابن عباس رضي الله عنهم في قوله تعالى: " وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا " [الكهف: 49] قال: إنَّ الصغيرة التبسُّم بالاستهزاء بالمؤمن، والكبيرة القهقهة بذلك، وهذا إشارة إلى أنَّ الضحك على الناس من جُملة الذنوب والكبائر.
ومن أقبح أنواع السخرية والاستهزاء:
السخرية والاستهزاء بأهل الدين والاستقامة ؛ لأنَّ الاستهزاء بهؤلاء دليل على خفَّة التديُّن وضعف الإيمان، وربما أدَّى إلى الردَّة والخروج من الإسلام بالكلية والعياذ بالله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في قوله تعالى " قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ " [التوبة: 65، 66]: تدلُّ على أنَّ الاستهزاء بالله وبالرسول كفر.. وكذلك الآيات.
وقال سماحة الشيخ ابن باز:
الاستهزاء بالإسلام أو بشيء منه كفرٌ أكبر، ومن يستهزئ بأهل الدين والمحافظين على الصلوات من أجل دينهم ومحافظتهم عليه يُعتَبَر مُستهزِئًا بالدين، فلا يجوز مجالسته ولا مصاحبته، بل يجب الإنكار عليه والتحذير منه ومن صحبته، وهكذا من يخوض في مسائل الدين بالسخرية والاستهزاء يعتبر كافرًا.
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن حُكم الاستهزاء باللحية والأمر بحلقها؟
فكان الجواب: لا يجوز الاستهزاء بمن أعفى لحيته لأنه أعفاها تنفيذًا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينبغي نُصح المستهزئ وإرشاده، وبيان أنَّ استهزاءه مِمَّن أعفى لحيته جريمة عظيمة يُخشى على صاحبها من الردَّة عن الإسلام لقوله سبحانه وتعالى: " قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ " الآية.
مختارات