تابع " صفات النفس الخلُقية والمطلوب منها "
تابع " صفات النفس الخلُقية والمطلوب منها "
الشح والاقتصاد: الأولى: فهي خلق ذميم يتولد من سوء الظن – ضعف النفس – ويمده وعد الشيطان حتى يصير هلعًا، وهو شدة الحرص على الشيء، فيتولد عنه المنع؛ لبذله والجزع؛ لفقده، كما قال تعالى: " إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا " [المعارج: 19-21].
أما الثانية: فهي خلق محمود يتولد من خلقين: عدل وحكمة. فبالعدل يعتدل في المنع والبذل، وبالحكمة يضع كل واحد منهما موضعه الذي يليق به، فيتولد من بينهما الاقتصاد، وهو وسط بين طرفين مذمومين، كما قال تعالى: " وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا " [الإسراء: 29] ويمكن أن نقول: إن الاقتصاد حالة وسط بين التقصير والتفريط.
الاحتراز وسوء الظن: الأولى: فإنها تدل على أنه كالمتسلح المتدرع الذي تأهب للقاء عدوه وأعد له عدته، والأخذ بالأسباب التي بها ينجو من المكروه، والمبالغة في اتباع السنة من باب الاحتياط والاستقصاء، بعكس الوسوسة.
أما سوء الظن فهو امتلاء القلب بالظنون السيئة حتى يطفح ويظهر على لسانه وجوارحه من همز ولمز وعيب وبغض وحسد وحقد... إلخ، وعدم سلامة قلبه وإقدامه على الشر بعد معرفته لما يعتري قلبه من مرض الشبهة، حتى نرى صاحب ذلك الخلق الذميم يلحق الأذى رغم ابتعاده وعدم المخالطة لغيره، بعكس الأولى: يخالط ولكن محترز دون غفلة وبلاهة وقلة معرفة.
الظن والفراسة: الأولى: تكون مع ظلمة القلب ونوره، أو طهارته ونجاسته ولهذا أمر الله تعالى باجتناب كثير منه، وأخبر أن بعض الظن إثم.
أما الفراسة: فأثنى الله على أهلها ومدحهم، والفراسة الصادقة للقلب قد تطهر وتصفي وتنزه القلب من الأدناس وتقربه من الله، فهو ينظر بنور الله الذي جعله في قلبه، كما في الحديث قال أبي سعيد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله... الحديث» (رواه الترمذي).
وهناك أمثلة كثيرة لا يتسع المجال لذكرها، ولكن يمكن الرجوع إليها في أمهات الكتب، حيث إن شأن الفراسة عظيم وأنها نور يقذفه الله في القلب فيخطر له الشيء، فيكون كما خطر له، وينفذ إلى العين فيرى ما لا يراه غيرها.
النصيحة والغيبة: الأولى: خلق محمود يقصد منه تحذير المسلم من مبتدع أو فتان أو غاش أو مفسدة وفي أي أمر من أمور حياتك الدينية أو الدنيوية استشارك فيه وقصدك لوجه الله وأشار إليك بالأصلح والأصوب، ولا يعاديك في حالة عدم قبولك لنصيحته وهي نصيحة إحسان يصدر عن رحمة ورقة.
أما الثانية: فهي خلق مذموم إذا وقعت على وجه ذم أخيك وتمزيق عرضه والتفكه بلحمه والغضَّ منه، لتضع منزلته من قلوب الناس، فهي الداء العضال ونار الحسنات التي تأكلها كما تأكل النار الحطب.
ملحوظة: يمكن أن تكون الغيبة قربة إلى الله من جملة الحسنات إذا وقعت على وجه النصيحة لله ولرسوله وعباده المسلمين، أما التأنيب فهو عمل في صورة ناصح مشفق مع أن الصحيح هو قصده الإهانة والذم.
العفو والذل: إن العفو خلق محمود؛ لأنه إسقاط حقك جودًا وكرمًا وإحسانًا مع قدرتك على الانتقام، فتؤثر الترك رغبة في الإحسان ومكارم الأخلاق، بخلاف الذل، فإنه يترك الانتقام عجزًا وخوفًا ومهانة نفس، ويعتبر الذل من أخلاق النفس الأمارة بعكس العفو، فإنه من أخلاق النفس المطمئنة.
الرجاء والتمني: الأولى: تكون ببذل الجهد واستفراغ الطاقة بالإتيان بأسباب الظفر والفوز، بعكس التمني: حديث النفس بحصول ذلك مع تعطيل الأسباب.
الثقة والغرة: الأولى: سكون يستند إلى أدلة وأمارات يسكن إليها القلب، فكلما قويت تلك قويت الثقة مبادرًا إلى انتهاز الفرص في وقتها.
بينما الغرة: هي ثقة بمن لا يوثق به وسكون إلى من لا يسكن إليه؛ لأن النفس غرته وشيطانه وهواه وأمله الكاذب وقد يطلب الشيء قبل وقته مستعجلاً ذلك لشدة حرصه.
رقة القلب والجزع: الأولى هي: الرأفة والرحمة، والله سبحانه وتعالى إذا أراد أن يرحم عبدًا جعل في قلبه الرحمة والرأفة، وإذا أراد أن يعذبه نزعها منه.
أما الجزع: فهو ضعف في النفس وخوف في القلب، يمده شدة الطمع والحرص، ويتولد من ضعف الإيمان بالقدر.
التوكل والعجز: الأولى: من عمل القلب وعبوديته اعتمادًا على الله وثقته به.
أما العجز: فهو تعطيل السبب والمسبب حيث يعتمد على الأول ويترك أو يهمل الثاني أو العكس.
المنافسة والحسد: المنافسة: خلق محمود؛ لأنه يشتمل على النظر إلى الكمال الذي تشاهده من غيرك، فتنافسه حتى تكون مثله أو أكثر، دون أن تتمنى أن يزول عنه ما فيه من خير ونعمة، وهي من شرف النفس وعلو الهمة وكبر القدر.
أما الحسد: فهو خلُق نفس ذميمة وضيعة ساقطة ليس فيها حرص على الخير، فلعجزها ومهانتها تحسد من يكسب الخير والمحامد.
الوجد «الوجدة» والحقد: أما الأولى: فهي الإحساس بالمؤلم والعلم به وتحرك النفس في رفعة وكمال، وهي تكون مع قوة القلب وصلابته.
أما الحقد: فهو مرض القلب ويتمثل في إضمار الشر وتوقعه كل وقت، وضيق في القلب واستيلاء ظلمة النفس، والحقد بطيء الزوال بعكس الأولى.
مختارات