من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الصمد)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فمن أسماء الله الحسنى: الصمد، وللسلف رحمهم الله أقوال في معني هذا الاسم، وبعض الفوائد المتعلقة به، جمعت بعضًا منها، أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.

قال ابن عباس رضي الله عنه، ومجاهد، وعطاء، وعكرمة، وعطية، وسعيد بن جبير، والحسن، والضحاك، رحمهم الله: الصمد: الذي لا جوف له.

قال ابن عباس رضي الله عنه: الصمد الذي يصمد إليه في الحوائج. وقال رضي الله عنه: السيد الذي كمل في سؤدده، والشريف الذي كمل في شرفه، والعظيم الذي كمل في عظمته، والحليم الذي كمل في حلمه، والعليم الذي كمل في علمه، والحكيم الذي كمل في حكمته، وهو الذي كمل في أنواع الشرف والسؤدد.

قال عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه: الصمد: السيد الذي قد انتهى سؤدده.

قال أبي بن كعب رضي الله عنه: الصمد الذي لا يخرج منه شيء. وقال رضي الله عنه: الصمد الذي لم يلد ولم يولد، لأن من يولد سيموت، ومن يرث يورث منه.

قال الربيع بن أنس رحمه الله: هو الذي لم يلد ولم يولد. قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: كأنه جعل ما بعده تفسيرًا له، وهو قوله: ﴿ لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ﴾ [الإخلاص:3].

قال الحسن وقتادة رحمهما الله: الصمد الباقي بعد خلقه.

قال الحسن رحمه الله: الصمد: الحي القيوم الذي لا زوال له.

قال سعيد بن جير رحمه الله: هو الكامل في جميع صفاته وأفعاله.

قال عامر الشعبي رحمه الله: الذي لا يأكل الطعام.

قال عبدالله بن زيد رحمه الله: نور يتلألأ.

قال عكرمة رحمه الله: الصمد الذي ليس فوقه شيء.

قال مقاتل بن حيان رحمه الله: الذي لا عيب فيه.

قال السدي رحمه الله: هو المقصود إليه في الرغائب، المستغاث به عند المصائب

قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: اختلف أهل التأويل في الصمد، فقال بعضهم: هو الذي ليس بأجوف، ولا يأكل ولا يشرب. وقال آخرون: هو الذي لا يخرج منه شيء. وقال آخرون: هو الذي لم يلد ولم يولد. وقال آخرون: هو السيد الذي انتهي إليه سؤدده. وقال آخرون: هو الباقي الذي لا يفنى.

والصمد عند العرب: هو السيد الذي يُصمدُ إليه، الذي لا أحد فوقه، وكذلك تسمى أشرافها. فإذا كان ذلك كذلك، فالذي هو أولى بتأويل الكلمة، المعنى المعروف من كلام من نزل القرآن بلسانه.

قال الإمام البغوي رحمه الله: تقول العرب: صمدت فلانًا أصمده صمدًا بسكون الميم إذا قصدته، والمَقصود صمد بفتح الميم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: قال ابن مسعود، وابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير، وخلق من السلف: الصمد الذي لا جوف له، وقال آخرون: هو السيد الذي كمل في سؤدده، وكلا القولين حق، فإن لفظ الصمد في اللغة يتناول هذا وهذا، والصمد في اللغة السيد، والصمد أيضًا المصمد، والمصمد المصمت، وكلاهما معروف في اللغة.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: الذي اجتمعت له صفات الكمال كلها والعرب تسمى أشرافها: بالصمد لاجتماع قصد القاصدين إليه واجتماع صفات السيادة فيه.

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: ﴿ ٱلصَّمَدُ ﴾ اختلفت عبارات السلف في معناه، وهي متقاربة أو متفقه، والمشهور منها قولان:

أحدهما: أن الصمد هو السيد الذي تصمد إليه الخلق في حوائجهم ومطالبهم.

الثاني: أن الصمد الذي لا جوف له، وأنه لا يأكل ولا يشرب، والذي لا حشو له.

قال الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: الصمد: الذي تصمد الخلائق كلها إليه في جميع الحاجات، وهو الكامل في صفات السؤدد.

قال الإمام الشوكاني رحمه الله: الصمد هو الذي يصمد إليه في الحاجات، أي: يقصد لكونه قادرًا على قضائها.

قال العلامة السعدي رحمه الله: ﴿ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ﴾ أي: الله السيد العظيم الذي قد انتهى في سؤدده ومجده وكماله، فهو العظيم الكامل في عظمته، العليم الكامل في علمه، الحليم الكامل في حلمه، فهو الكامل في جميع نعوته وأسمائه وصفاته.

ومن معاني الصمد أنه الذي تصمد إليه الخليقة كلها، وتقصده في جميع حاجاتها ومهماتها، فهو المقصود، وهو الكامل المعبود.

قال الشيخ حافظ بن أحمد حكمي رحمه الله: قال بعض العلماء: يعني الذي يصمد إليه الخلائق في حوائجهم ومسائلهم...وقيل: الصمد الذي قد انتهى سؤدده، وأوجز آخرون فقالوا: الصمد السيد. وقيل هو الباقي بعد خلقه. وقال كثير من العلماء: الصمد الذي لا جوف له، وقال غيرهم هو الذي لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب.

قال الشيخ فالح بن مهدي آل مهدي رحمه الله: الصمد هو الذي يُقصد في الحوائج دون سواه، والصمد الذي لا جوف له.

قال العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله: الصمد: فسر بمعنيين عند العلماء: أحدهما: أنه الذي لا جوف له، ليس من جنس المخلوقين، المخلوق له جوف يأكل ويشرب ويطعم، والله لا جوف له مصمت، كما قال تعالى: (الصمد)... وفسر الصمد بمعنى آخر: وهو أنه تصمد إليه الخلائق في حاجاتها، وترجوه، وتسأله، وتضرع إليه في حاجاتها سبحانه، وكله حق، هو الصمد لا جوف له، وهو الصمد ترفع إليه الحاجات -جل وعلا.

قال العلامة العثيمين رحمه الله: الصمد فسره المؤلف بمعنيين:

الأول: صمد لا يحتاج إلى أحدٍ ويحتاج إليه كل أحدٍ

الثاني الكامل الأوصاف يعني الذي كملت أوصافه.

قال الشيخ عبدالعزيز بن محمد السلمان رحمه الله: الصمد: الذي تصمد إليه الخلائق في حوائجهم ومسائلهم.

قال العلامة الجبرين رحمه الله: الصمد، معناه: الذي تصمد إليه القلوب، أو السيد الذي انتهى في سؤدده، فهو من أسماء الله تعالى التي تقتضي معاني، فنعتقد أن من أسماء الله الصمد، وأنه تصمد إليه القلوب، وأنه السيد الذي انتهى في سؤدده.

قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: ﴿اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ أي: السيد الذي كمل في سؤدده وشرفه وعظمته، وفيه جميع صفات الكمال، والذي تصمد إليه الخلائق وتقصده في جميع حاجاتها ومهماتها.

قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر البراك: مما فسر به الصمد أنه الذي لا جوف له ولا يأكل ولا يشرب.

قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ: اختلف المفسرون من السلف في معنى ﴿الصَّمَدُ﴾ على قولين مشهورين:

القول الأول: أن الصمد هو الذي لا جوف له.

القول الثاني: أن الصمد هو الذي كمل في صفات الكمال وهو الذي يستحق أن يصمد إليه، يعني: يُسأل ويُطلب، ويُرغب فيما عنده، وهو الذي يأتي بالخيرات، وهو الذي يدفع الشرور عمن يصمد إليه...وكلا المعنيين في الصمد صحيح، وقد رجح شيخ الإسلام أن المعنى الأول والثاني متلازمان، هذا يلزم هذا وهذا يلزم هذا.

قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: قوله: ﴿اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ أي: يصمد لحوائج الخلق فيقضيها، ويصمد الخلق له في حوائجهم فيطلبونها منه.