" المنهج الصحيح لطالب لعلم المبتدئ "
" المنهج الصحيح لطالب لعلم المبتدئ "
بدايةً نرجو إيضاح المنهج الصحيح لطالب العلم المبتدئ وبماذا توجهونه من قراءة الكتب التي يبدأ فيها؟
الجواب: من المعلوم أن العلم له قواعد وله أسس، والعلم كغيره من الأشياء لابد أن تُسلك فيها الطرق الصحيحة لتأسيس العلم وبنائه على قواعد وعلى ضوابط ينبني بعضها على بعض، فمثلاً البناء.. بناء السكن، بناء العمارة، من المعلوم أنها تُبنى على قواعد وعلى أسس ثم بعد ذلك الأعمدة ثم السقف ثم الجدران وهكذا ثم تأتي بعد ذلك بعض الأمور أو الأشياء التي تُكمل هذا البناء من لياسة ودهانات ومن أشياء، وهكذا العلم لابد أن يُبنى ويؤصل الإنسان نفسه تأصيلاً صحيحًا.
ففي العقيدة مثلاً يؤصل نفسه في العقيدة، وفي الفقه يؤصِّل نفسه في الفقه، وفي الحديث... وهكذا كل علم يبني على أسس، وطالب العلم إذا لم يلتزم بهذه الضوابط تصبح المعلومات عنده غير مؤصلة، بمعنى أنه يأتي يبدأ بالفروع ويتعلم الفروع ويستطيع أن يتكلم في الفرع، لكن الأصل يجهله، أصل هذه المسألة وتعقيدها يجهله.
الثاني: المعلومات مثلاً مبني بعضها على بعض، فلنأخذ أي مادة من المواد التي تُدرس في الابتدائي، يؤخذ أصول هذه المعلومات، هذه العلوم، عبارة عن مصطلحات، عبارة عن جُمل مختصرة، هذه تتوسع فيما بعد في المرحلة المتوسطة، ثم تتوسع أكثر في المرحلة الثانوية، ثم تتوسع أكثر في المرحلة الجامعية.
ثم لا يزال في توسع، وهو بحاجة إلى التوسع، فكلما قرأ وتعلم عرف أنه يجهل شيئًا كثيرًا وأن هذا العلم بحر لا ساحل له، لكن عندما يكون طالب العلم مؤصلاً، يستطيع أن ينطلق من هذه الأصول ومن هذه الضوابط ومن هذه الجمل المختصرة ومن هذه القواعد، ينطلق منها إلى علوم أخرى.
إذًا، إذا عُرف هذا فنقول لطالب العلم: إنه لابد من الالتزام بهذا المنهج، وعلى طالب العلم أن يؤصل نفسه ويبنى علمه على أسس، كما أن صاحب البناء عليه أن يؤسس ويبني على أسس وعلى قواعد، وعلى... وعلى... الخ.
وهكذا في كل شيء، في المصنع عند تأسيس المصنع، عند صُنع أي شيء، لابد -أول شيء- من الأسس ثم بعد ذلك الأصباغ التي تأتي والطلاء والمكملات لهذه الأشياء.
والعلم الشرعي هو في الحقيقة أدق من أي شيء، إنه هو الذي إذا كان صاحبه غير مؤصل، يقع في الخطأ، ويقع في الغلط، ويتصور أنه أصبح طالب علم، وليس الأمر كذلك، ويتصور أنه أصبحت لديه معرفة وعلم، لكن تجهله جوانب كثيرة، بينما الإنسان المؤصَّل يستطيع أن ينطلق من هذه الأصول إلى الفروع، فالفروع لا حد لها، الأصول محصورة، فهذه نصيحتي لطالب العلم أن يؤصل نفسه، وأن ينهج المنهج الصحيح لطلب العلم، سواء كان علمًا شرعيًا أو غير شرعي، لابد من التأصيل وبنائه على قواعد وأسس.
مختارات