" عقبةُ الشِّرك "
" عقبةُ الشِّرك "
الشرك كالكفر في خطورته على الإنسان، وهو الذنب الذي لا يغفره الله عز وجل؛ كما قال تعالى: " إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ " [النساء: 48].
والمشرك حابط عمله؛ كما قال تعالى: " لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ " [الزمر: 65]، وقال: " وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " [الأنعام: 88].
والمشرك من شرار الخلق عند الله تعالى؛ كما قال سبحانه: " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ " [البينة: 6].
أنواع الشرك
الشرك نوعان: شرك أكبر، وشرك أصغر.
الشرك الأكبر: أ- فالشرك الأكبر: يخرج به العبد من الإسلام، ويحبط العمل، ويوجب الخلود في النار مع المشركين، ولا يغفره الله إلا بالتوبة منه.
وهذا النوع من الشرك يتضمن: اتِّخاذ الأنداد من دون الله، وتسويتها بالله عز وجل، ومحبتها كمحبة الله عز وجل، كما حكى الله عنهم أنهم قالوا لآلهتهم في النار: " تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ " [الشعراء: 97، 98]؛ مع أنَّهم يقرُّون بأن الله وحده خالقُ كل شيء وربُّه ومليكُه، وأن آلهتَهم لا تخلق و لا ترزق ولا تحيي ولا تميت؛ وإنما كانت هذه التَّسويَّة في المحبَّة والتَّعظيم والعبادة كما هو حال أكثر المشركين؛ يحبون معبوداتهم ويعظِّمونها ويوالونها من دون الله، وأعظمهم يحبون معبوداتهم أعظم من محبة الله، ويستبشرون بذكرهم أعظم من استبشارهم إذا ذكر الله وحده ويغضبون لمنتقص معبوديهم وآلهتهم أعظم مما يغضبون إذا انتقص أحد ربَّ العالمين.
وهكذا كان عباد الأصنام سواء؛ فأولئك كانت آلهتهم من الحجر، وغيرهم اتخذوها من البشر؛ قال تعالى حاكيًا عن أسلاف هؤلاء المشركين: " وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ " [الزمر: 3]، ثم شهد عليهم بالكفر والكذب، وأخبر أنه لا يهديهم فقال: " إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ " [الزمر: 3]؛ فهذه حال من اتخذ من دون الله وليًّا يزعم أنه يقرِّبه إلى الله، وما أعزَّ مَنْ يخلص من هذا؛ بل ما أعز من لا يعادي من أنكره.
نماذج من الشرك الأكبر:
1- الطواف بالقبور ودعاء أهلها.
2- دعاء الأموات والغائبين كما يدعى الله عز وجل.
3- الذبح والنذر لغير الله.
4- السجود لغير الله سجود عبادة.
5- محبة غير الله كحب الله، والخوف من غير الله كالخوف من الله.
6- ابتغاء الرزق من غير الله، واعتقاد أن غيره هو الذي يرزق.
7- الاستغاثة والاستعانة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله.
8- اعتقاد أنه يكون في الكون ما لا يشاؤه الله.
الشرك الأصغر
ب- والشرك الأصغر لا يخرج به العبد من الإسلام، ويستحق به الوعيد والعذاب دون الخلود في النار، وهو مُحبط للعمل الذي اقترن به وصاحبه تحت المشيئة؛ إن شاء عذَّبه الله وإن شاء عفا عنه.
والشرك الأصغر هو ما جاء في النصوص الشرعية أنه شرك، ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر؛ ولكنه يعتبر من الوسائل الموصلة إلى الشرك الأكبر.
نماذج من الشرك الأصغر:
1- الحلف بغير الله.
2- يسير الرياء.
3- قول الرجل: " ما شاء الله وشئت " أو: " هذا من الله ومنك " أو: " أنا بالله وبك "، أو: " توكلت على الله وعليك "، أو: " لولا أنت لم يكن كذا وكذا "، وغير ذلك من الألفاظ.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من حلف بغير الله فقد أشرك» (رواه أحمد والترمذي وحسنه).
سُبُلُ الوقاية من الشرك
1- إخلاص العبادة لله عز وجل بتجريد التوحيد.
2- تَعَلُّمُ العلم الشَّرعيِّ.
3- معرفة عواقب الشرك، وأنه يؤدي إلى العذاب في جهنم، وإلى حبوط الأعمال.
4- معرفة أن الشرك الأكبر لا يغفره الله عز وجل.
5- عدم مصاحبة الجهلة الذين يقعون في صور من الشرك؛ لأن الطبع يسرق من خصال المخالطين.
فاحذر أخي من الشرك بجميع أنواعه، واعلم أن الشرك يكون في الأقوال والأفعال والاعتقادات، ورب كلمة واحدة أوبقت دنيا المرء وآخرته وهو لا يدري؛ قال صلى الله عليه وسلم: «هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأمَّا من قال: مُطِرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب، وأما من قال: مُطِرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب » (متفق عليه).
مختارات