" الأعلى "
" الأعلى "
له العُلُوُّ المطْلَقُ في ذاته دونَ إضافة إلى موجود من موجوداته؛ أي لا يقارن بغيره؛ فيقال: هو الأعلى وكُلُّ شيء تحتَ قَهْره وسُلْطانه وعَظَمَته؛ فهو الذي على العرش استوى وعلى الملك احتوى، وبجميع صفات العظمة والجلال والكمال اتَّصَفَ، وإليه فيها المنْتَهَى.
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
من سُنَّة الرَّسول صلى الله عليه وسلم في سُجُود الصَّلاة قولُه: «سُبْحَانَ رَبَّيَ الأَعْلَى» وعَلَّلَ ذلك بأنَّ السُّجودَ غايةٌ في الخضوع والتَّذَلُّل من العبد بأشرف شيء فيه لله - وهو وَجْهُه - بأن يَضَعَه على التُّراب؛ فناسب في غاية سفوله أن يَصفَ ربَّه بأنَّه الأعلى؛ فالعبدُ ليس له من نفسه شيء، وليس له من العظمة نصيبٌ؛ فهو خُلق من العَدَم.
عُلُوُّ الخَلْق من عُلُوِّه تعالى؛ كما أنَّ عزَّتَهم من عزَّته، وعلى قدر الإيمان والعمل يكون العُلُوُّ في الدُّنيا والآخرة " إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ " [المطففين: 18] فَيَجْتَهد الإنسانُ أن يَكونَ في " علِّيِّين " وهي جَنَّاتُ المقرَّبين أعلى من جنات أصحاب اليمين؛ فأصحابُ علِّيِّين جُلَساءُ الرَّحمن، وهم أصحابُ المنابر من نور عن يمينه.
وفي الدُّنيا يكون عُلُوًّا يَمْنَحُ القُوَّةَ بمنعه الوهن، ويَمْنَح السَّعادةَ بدَفْعه الحَزَن: " وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " [آل عمران: 139] وما تلك السَّعادة والقوة إلَّا لأنَّ هذا العُلُوَّ يُدخل صاحبَه في معيَّة الله " فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ " [محمد: 35].
دلَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَه على ما يُرفَعُ به الدَّرجاتُ: " وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا " [طه: 75]، " يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ " [المجادلة: 11] وقال صلى الله عليه وسلم: «مَا تَواضعَ أَحدٌ لله إلا رَفَعَهُ الله»(مسلم (6757)).
وهذا العُلُوُّ يَحْصُلُ للمؤمن بإيمانه وليس بإرادته؛ وإلَّا كان ممَّن ذَمَّهم الله كفرعون وإبليس " تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ " [القصص: 83].
مختارات