" تأخيـر الـزواج "
" تأخيـر الـزواج "
من حق الفتاة المسلمة أن تتعلم، ومن حقها أن تصير طبيبة ومهندسة وعالمة في شتى الميادين المشروعة وهي بذلك مفخرة لأسرتها، بل ولأمتها كلها ! لكن ما يعاب في هذه القضية هو أن تبني الأخت المسلمة تعليمها على حساب حياتها الاجتماعية التي تمنحها شرف الزوجة الصالحة والأمومة الناصحة؛ فكثير من الأخوات يتعمدن تجاهل الزواج... بل ويلغينه من حياتهن... رغبة في إتمام الدراسة... والحصول على الشهادة...وهذا كما يعرضهن لخطر العنوسة والحرمان من الأمومة وتكوين الأسرة... يعرض عفافهن أيضًا للخطر في المستقبل... إذ الزواج سكينة للرجل والمرأة... وهو الحصن الحصين الذي تصان فيه العفة... ويحفظ فيه الحياء... والأخت المسلمة مثلها مثل الرجل... تكمن في أعماقها الغريزة... وهي فطرة تسري في أعماق كل البشر ! فيكون تأخيرها للزواج تعريض لغريزتها للمحرم ! وتعريض لأنوثتها وأمومتها للانقراض...ومن هنا كان لابد على كل فتاة عاقلة أن تحسب لهذه المسألة حساباتها الصحيحة، وأن لا تساير طموحاتها الدنيوية ـ الشريفة ـ على حساب نعمة الأمومة... والأسرة... وسكينة الزواج... وكلها طموحات من الشرف والرفعة والثواب في النهاية ! علما أن الزواج لا يتعارض أبدًا مع الرغبة في مواصلة مسيرة التعليم والدراسة... وإن كان الجمع بين الزواج والدراسة يقتضي من الطموح والاجتهاد وتحمُّل المسؤولية ما لا يخفى ! ولو تأملت الأخت المسلمة هدفَها في الحياة... ومسؤولياتها فيها... لوجدت أن أغلى شهادة تحملها في هذه الحياة هي شهادة الزوجة الصالحة... وشهادة الأم المربية الحنون ! فهدفها في الحياة هو تحقيق العبودية لله جل وعلا... كما قال سبحانه: " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون "... وهي حينما تكون زوجة مثالية صالحة تكون أقرب إلى تحقيق هذا الهدف؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «المرأة إذا صلَّت خمسها وصامت شهرها، وأحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، فلتدخل من أي أبواب الجنة شاءت» [رواه أحمد وابن حبان].
وكما قال صلى الله عليه وسلم: «أيُّما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة» [رواه الترمذي].
فأجر الزوجة الصالحة وثوابها لا يعادله ثواب طبيبة ولا معلمة ولا مهندسة! فكيف إذا اجتمع الثوابان ! على أن الأخت المسلمة إذا أصرَّت على مواصلة تعليمها... ودراستها... لها أن تشترط ذلك على مَنْ يتقدَّم لزواجها؛ وذلك أصلح لشأنها من إلغاء الزواج بالكلية؛ فإن ذلك يعرِّضُها للعنوسة والحرمان من الأمومة ! كما يحرمها من هناء السكينة النفسية التي لا يمكن تحصيلها إلا بالزواج... مع أن وقوع بعض الأخوات في العنوسة يؤدي بهن غالبًا إلى تعريض عفافهن للمساومة؛ أملًا في تدارك خطأ تأخير الزواج واللِّحاق بالقافلة قبل فوات الأوان.
تقول إحدى الأخوات:
" كنت في الخامسة عشر من عمري، وكان الخطَّاب يتقدمون إليَّ من كل حدب وصوب، وكنت أرفض بحجة أنني أريد أن أصبح طبيبة، ثم دخلت الجامعة وكنت أرفض الزواج بحجة أنني أريد ارتداء معطف أبيض على جسمي حتى وصلت إلى سن الثلاثين، وأصبح الذين يتقدمون إلي هم من فئة المتزوجين، وأنا أرفض وأقول: بعد هذا التعب والسهر أتزوج إنسانا متزوجا، كيف يكون ذلك؟! ووصلت هذه المرأة سن الخامسة والأربعين وصارت تقول: أعطوني ولو نصف زوج [اعترافات عانس].
وتقول أخرى ممن سلكت الطريق نفسه ونالت الشهادة والمنصب: " خذوا شهاداتي ومعاطفي وكل مراجعي... وأسمعوني كلمة: ماما " ثم تقول هذه الأبيات:
لقد كنت أرجو أن يقال طبيبة فقد قيل فما نالني من مقامها
فقل للتي كانت ترى في قدوة هي اليوم بين الناس يرثى حالها
وكل مناها بعض طفل تضمه فهل ممكن أن تشتريه بمالها
مختارات