فيشتاق!!
هلا جلست قليلا هنالك في ظلال الجنة، هنالك وحدك حيث لا شيء، إلا أنت في ضعفك وفقرك وربك الوهاب في غناه وكرمه وجوده وقربه!
ما بينك وبين هذا القرب إلا حركة قلب طامع، يصبُّ طمعه في ضراعاته وأدعيته، فيُفتح له، ويشهد سواطع الجمال وبوارق الجلال!
هنالك، وما أدراك ما هنالك! يدعو، فيجد قرب ربه، وسمعه، وعلمه بحاجة عبده!
فيشتاق!
نعم يشتاق، فيدعو فيشهد ربا كريما لا مثل لكرمه، جوادًا لا مثل لجوده، غفارًا لا مثل لمغفرته! رحيما تدهشك رحمته وتجذبك من غفلتك إليه! فكأن الدعاء ميلاد جديد والله!
تقول: ذنوبي، وأخجل!
أقول لك: الدعاء مشفاك، وميقات إحرامك من ذنوبك وعيوبك، وميعاد الإذن بالدخول في حرم العناية!
ومن نظر في الخلق وجد أن الفارق بين رجل وآخر هو الدعاء!
نعم!
فمن دعا وجثا ضارعا ولم تفلت يده التشبث بطمعه في الله، أفلح وفُتِح له وبورك فيه وعليه، وسبق سبقًا بعيدا!
ومن أفلس فانغمس في ترابه، وأسبابه=كان محجوبا مخذولا؛ إذ كيف تطيب الحياة بغير معرفة الله والحاجة لله والأنس بالله والاحتماء بالله!
نعم!
الفرقان بين شخص وآخر: أن أحدهما أقبل يحمل فقره ويعلم أنه لا ملجأ من الله إلا إليه!
فتم له شهوده، وكان دعاءَه عيدُه، فأحب الدعاء وصار شغله فيه الدخول على الله وليس مجرد الإجابة!
وأما الآخر، فسكت فيه فقره، ونطق كبره، وقال أنا أنا، فصار ميتا مسجونا في سببه، محجوبا عن ربه!
ومن نظر في عبادة الخليلين سيدنا أبي القاسم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وسيدنا الخليل إبراهيم ﷺ =لا يخطئ أبدا لهجهما بالدعاء في كل مشهد وموقف!
فإن الدعاء عبادة، والعبادة ذل بحب، والمحب لا يكف عن مناجاة حبيبه، ويتعلل بالحديث إليه، ويتشوق لهداياه وعطاءاته!
آه!
لو ذقت الدعاء لذقت الحياة ولفُتِح لك باب موصل إلى الفردوس!
اللهم نعيم قربك وعافية محبتك!
!
مختارات