النسمة العاشرة - حسن الحسنات - (10)
المرسى: وأخيرا وصلنا إلى الصفحة الأخيرة، وبعدها ستغلق دفتي الكتاب، وتتركه جانبا لتستريح بعد القراءة وجهد الإطلاع، وكما رسوت على آخر صفحة من الصفحات، فالأمل أن ترسو في الآخرة على شواطئ الجنات، وما أشبه المرسى بالجنة:
المرسى.. انتقال من حال إلى حال، وسفر من دار إلى دار، وتحول من اضطراب عنيف وعصف مخيف إلى سكون لذيذ ومستقر مريح وكذلك الجنة.
المرسى.. لقاء الأحبة بعد الفراق وطول العناق مع الاشتياق وكذلك الجنة.
المرسى.. فرح بالوصول وابتهاج بإدراك الغاية وتلذذ بنبل المنى وكذلك الجنة.
فلا تطرح هذا الكتاب من يدك حتى تقرأة كاملا! علم الله أني كتبته لك بمداد الوداد مزجته بمهجة الفؤاد، وبعثته إليك ببريد المحبة عبر أجواء الشوق، لينال في ختام الراحة شرف المثول بين يدىك، لتقرأ بقلبك قبل مقلتيك، وعقلك مع ناظريك! فهلا رددت الجميل أخر القارئ الكريم؟!
ترى.. ماذا غرست فيك الأسطر والكلمات؟! هل أثارت فيك الشوق إلى العمل أم لازلت راقد في أوكار الكسل؟! هل شقت سفينة نفسك بحر خمولك أم أنك لم ترفع شراعها من الأساس؟!
أستحلفك بالله.. لا تكسر قلبي بغفلتك ولا تصدم فؤادي بإعراضك، بل أطرب أذني بترانيم ذكرك وأبكي فرحا بدموع توبتك.
قبل أن أغادر.. أريد أن أبشرك بأن قراءة سير الصالحين تعدي، وإن لم تفعل أثارت في القلب الغيرة التي تشعل السباق، فإن لم تفعل فليس أقل من تعلق القلب بأوصاف المتقين تمهيدا لأن يحشر المرء مع من أحب منهم.
آخر سطر.. أردت أن أقول لك فيه: دوام الحال من المحال، فإذا هدأت الريح يوما ففترت همتك ووهن عزمك، فلا تبتئس فإنها سنة الحياة، وما هي بالنهاية إنما هي رياح التوفيق تولد في رحم الغيب، وستنبعث بإذن الله من جديد لتوصلك إلى الجنة المتلهفة على لقياك، والملائكة الحافين حول قصرك يهنئونك فيا بشراك، لتطرب وانت تسمع أحلى صوت وأعذب نشيد كلماته:{سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين} [الزمر: 73].
مختارات