الأيام العشر… موسم الفضل
حين يوشك العام أن يطوي صفحته، وتضج القلوب شوقاً لباريها، وتضطرب الأرواح لهفًا إلى نفحات ربها ؛ تتهادى إلينا عشرٌ هي من أعظم أيام الله، عشرٌ اختارها العزيز الحكيم، وأقسم بها في كتابه المبين:
“والفجر، وليالٍ عشر” [الفجر: 1–2]
فإذا أقسم الله بشيء، دلّ على جلاله وعلوّ منزلته..
إنها العشر الأوائل من ذي الحجة، أيام اجتمعت فيها أمهات الطاعات، وتزاحمت فيها أبواب القربات، وتضاعفت فيها الأجور والحسنات، وشمر فيها المؤمنون عن ساعد الجد يبتغون فضلاً من ربهم ورضواناً..
جاء في فضل هذه العشر.. في الصحيحين من حديث ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيام” يعني أيامَ العشر..
تأمل أيها العاقل: العمل الصالح فيها أحب إلى الله، أي أعظم أجرًا وأرفع ذكرًا من سائر أيام الدنيا، حتى الجهاد في سبيل الله لا يعادلها إلا في صورة واحدة: أن يخرج المرء بنفسه وماله، ثم لا يرجع بشيء..
في هذه العشر:
• تُعظم الأعمال
• وتُغفر الذنوب
• وتُضاعف الحسنات
• وترتفع الدعوات
في هذه الأيام يتجلّى معنى العبودية في أبهى صورها:
• صيام النهار، خاصة يوم عرفة الذي يكفّر سنتين
• قيام الليل، وتلاوة القرآن بخشوع
• التهليل والتكبير والتحميد، فهي أيام ذكر لله:
“ويذكروا اسم الله في أيامٍ معلومات” [الحج: 28]
• الأضحية والذبح لله
• الصدقة، ومواساة الفقراء
• صلة الرحم، وإصلاح ذات البين
• حج البيت الحرام
ومن لم يُكتب له حج البيت، فليحج بقلبه وأعماله، فإن أبواب الخير مفتوحة..
كيف نغتنمها ؟
• ابدأ مواسم الخير بالتوبة وتجديد العهد مع الله فإن الذنوب حجاب عن التوفيق والسداد..
• اجعل لك جدولًا يوميًا: يُقسم بين الصلاة، والذكر، والقرآن، والصدقة، والصيام..
• اجتهد في الدعاء، خاصة يوم عرفة، فهو خير يوم طلعت عليه الشمس..
• عوّد نفسك على التكبير في كل وقت، فهو شعار هذه الأيام..
• صُم ما استطعت منها، فالعمل الصالح فيها يُضاعف، وما تقرّب عبد إلى ربه بأحب من الصيام..
▪️ختامها عيد ▪️
ويختم الله هذه الأيام بعيد الأضحى وأيام التشريق، حيث الفرح والبهجة، والذكر خصوصاً التكبير والأضحية، وحيث تفيض القلوب بمحبة الله والشوق إليه وإلى حج بيته العتيق عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أيامُ التشريقِ أيامُ أكلٍ وشربٍ وذكرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ )
فيا أخي ويا أختي..
هل ستترك هذه العشر تمرّ كسابقاتها ؟
هل تقف على أعتابها خالي الوفاض، وهي أيامٌ تهزّ عرش الغفلة ؟
أقبل على الله بقلبك وجوارحك، فإنه موسم عظيم لا يتكرر إلا مرة في العام، ومن فاته خسر خسرانًا مبينًا..
{وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنةٍ عرضها السماوات والأرض أعدّت للمتقين}
مختارات