فوائد من كتاب الزهد لابن المبارك 3
عَن سَعِيد بن أبي بردة عَن الأسود بن يزيد عَن عائشة رضي الله عنها قالت إنكم لتغفلون أفضل العبادة التواضع
عَن الهيثم بن خالد قَالَ كنت خلف عمي سليم بن عتر فمر عليه كريب بن أبرهة راكبا ووراءه علج يتبعه فقال له سليم يا أبا رشدين ألا حملته وراءك قَالَ أحمل علجا مثل هذا ورائي قَالَ فهلا قدمته بين يديك إلى باب المسجد قَالَ ولم أفعل قَالَ أفلا نظرت غلاما صغيرا فحملته وراءك قَالَ ولم أفعل قَالَ سليم سمعت أبا الدرداء يقول لاَ يزال العبد يزداد من الله بعدا ما مشي خلفه
عَن أبي المهزم عَن أَبِي هُرَيْرَةَ أنه رأى رجُلاً على دابته وغلاما يسعى خلفه فقال يا عَبد الله احمله فإنما هو أخوك روحه مثل روحك فحمله
عَن يحيى بن المختار عَنِ الْحَسَنِ أنه ذكر هذه الآية الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا قَالَ المؤمنون قوم ذلل ذلت والله الأسماع والأبصار والجوارح حتى يحسبهم الجاهل مرضى والله ما بالقوم من مرض وإنهم لأصحاء القلوب ولكن دخلهم من الخوف ما لم يدخل غيرهم ومنعهم من الدنيا علمهم بالآخرة وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن والله ما أحزنهم حزن الناس ولا تعاظم في أنفسهم ما طلبوا به الجنة أبكاهم الخوف من النار وإنه من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات ومن لم ير لله عليه نعمة إلاَّ في مطعم أو مشرب فقد قل علمه وحضر عذابه
عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ لَنَا سِتْرٌ فِيهِ تِمْثَالُ طَيْرٍ مُسْتَقْبِلٌ بَابَ الْبَيْتِ إِذَا دَخَلَ الدَّاخِلُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَا عَائِشَةُ حَوِّلِيهِ إِنِّي كُلَّمَا دَخَلْتُ فَرَأَيْتُهُ ذَكَرْتُ الدُّنْيَا وَكَانَتْ لَنَا قَطِيفَةٌ فِيهَا عَلَمٌ تَقُولُ حَرْيرٌ فَكُنَّا نَلْبَسُهَا وَلَمْ نَقْطَعْهُ
عَن حبيب بن أبي ثابت قَالَ كان يقال ائتوا الله في بيته فإنه لم يؤت مثله في بيته وإنه لاَ أحد أعرف بحق من الله عز وجل
عَن سهيل بن حسان الكلبي قَالَ إن الله ليعطي العبد ما دام جالسا في المسجد بحضر الفرس السريع ملء كشحه في الجنة وتصلي عليه الملائكة ويكتب له في الرباط الأكبر
عَن أبي عُبَيد عَن معاذ بن جبل قَالَ من رأى أن من في المسجد ليس في الصلاة إلاَّ من كان قائما يصلي فإنه لم يفقه
عَن خالد بن معدان قَالَ قَالَ الله تعالى إن أحب عبادي إلي المتحابون بحبي والمعلقة قلوبهم في المساجد والمستغفرون بالأسحار أولئك الذين إذا أردت أهل الأرض بعقوبتهم ذكرتهم فصرفت العقوبة عنهم بهم
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ إِنَّ الْمَسَاجِدَ طَهُرَتْ مِنْ خَمْسٍ مِنْ أَنْ تُقَامَ فِيهَا الْحُدُودُ وَأَنْ يُقْتَصَّ فِيهَا الْجِرَاحُ وَأَنْ يَنْطِقَ فِيهَا بِالأشْعَارِ أَوْ يُنْشَدَ فِيهَا الضَّالَةُ أَوْ تُتَّخَذَ سُوقًا
عَن موسى بن عَبد الله بن يزيد الأنصاري قَالَ ربما رأيت عَبد الله بن يزيد ويزيد بن شرحبيل العامري وكان عداده في الأنصار يجلس أحدهما إلى جنب صاحبه بعد العصر في المسجد ثم لعلهما لاَ يتكلمان - أو لاَ يكلم أحدهما صاحبه - حتى تغرب الشمس
عَن عَبد ربه بن سليمان عَن عَبد الله بن محيريز قَالَ كل كلام في المسجد لغو إلاَّ كلام ثلاثة إلاَّ المصلي أو ذاكر لله أو سائل حق أو معطيه
عَن عَبد الرحمن بن جبير بن نفير أن أبا بكر الصديق لما جهز الجيوش إلى الشام قَالَ لهم إنكم تقدمون الشام وهي أرض شبيعة وإن الله تعالى ممكنكم حتى تتخذوا فيها مساجد فلا يعلم الله أنكم إنما تأتونها تلهيا وإياكم والأشر
عَن سعد بن عبيدة عَن أبي عَبد الرحمن السلمي أنه كان يأمرهم أن يحملوه في الطين والمطر إلى المسجد وهو مريض
عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ وَهُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ يَقْضِي أَيْ يَنْزِعُ فِي الْمَسْجِدِ فَقُلْنَا لَهُ لَوْ تَحَوَّلْتَ إِلَى الْفِرَاشِ فَإِنَّهُ أَوْثَرُ قَالَ الْحُسَيْنُ أَوْثَرُ أَوْطَأُ قَالَ حَدَّثَنِي فُلانٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلاةٍ مَا دَامَ فِي مُصَلاهُ يَنْتَظِرُ الصَّلاةَ
عَن منصور عَن أبي معشر عَن النخعي قَالَ كانوا يقولون أو يرون أن المشي في الليلة المظلمة موجبة
عَن أبي مجلز قَالَ قَالَ عُمَر بن الخطاب ما أبالي على أي حال أصبحت على ما أحب أو على ما أكره لأني لاَ أدري الخير فيما أحب أو فيما أكره
عَن سَعِيد بن المُسَيَّب أن سلمان وعبد الله بن سلام التقيا فقال أحدهما لصاحبه إن لقيت ربك قبلي فالقني وأعلمني ما لقيت وإن لقيته قبلك لقيتك فأخبرتك فتوفي أحدهما ولقي صاحبه في المنام فقال له توكل وأبشر فإني لم أر مثل التوكل قَالَ ذلك ثلاث مرار
عَن سَعِيد بن المُسَيَّب قَالَ التقيا سلمان وعبد الله بن سلام فقال أحدهما لصاحبه إن مت قبلي فالقني وأخبرني ما صنع بك ربك وإن أنا مت قبلك لقيتك فأخبرتك فقال عَبد الله يا أبا عَبد الله كيف هذا أو يكون هذا قَالَ نعم إن أرواح المؤمنين في برزخ من الأرض تذهب حيث شاءت ونفس الكافر في سجين قَالَ فخرج سلمان إلى العراق قَالَ حسين تخرق علي من الكتاب باقية قَالَ حسين فحدثنيه سَعِيد بن سليمان عَن عباد بن العوام عَن علي بن زيد بن جدعان عَن سَعِيد بن المُسَيَّب بمثل ما حدثناه سفيان - قَالَ مات سلمان ولقي عَبد الله في المنام , وهو قائل فقال إني لم أر شيئا خيرا من التوكل
عَنْ كَثِيرِ بْنِ سُوَيْدٍ الْجَنَدِيِّ عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ لاَ يَخْرُجُ عَبْدٌ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يَرَى مَحْذَرَهُ
عَن الشعبي قَالَ لما طعن عُمَر بعث إليه لبن فشربه فخرج من طعنته وقال الله أكبر الله أكبر فجعل جلساؤه يثنون عليه فقال وددت أن أخرج منها كفافا كما دخلت فيها لو كان لي اليوم ما طلعت عليه الشمس أو غربت لافتديت به من هول المطلع .
عَن عُبَيد الله بن موهب قَالَ أخبرني من سمع ابن عُمَر يقول لما حضر عُمَر غشي عليه فأخذت رأسه فوضعته في حجري فأفاق فقال ضع رأسي في الأرض ثم غشي عليه فأفاق ورأسه في حجري فأفاق فقال ضع رأسي في الأرض كما آمرك فقلت وهل حجري والأرض إلاَّ سواء يا أبتاه فقال ضع رأسي بالأرض لاَ أم لك كما آمرك فإذا قبضت فأسرعوا بي إلى حفرتي فإنها هو خير تقدموني إليه أو شر تضعونه عَن رقابكم
عَن معمر أن النخعي بكى عند موته فقيل له ما يبكيك قَالَ أنتظر من الله رسولا يبشرني بالجنة أو النار
عَن حماد بن سَعِيد بن أبي عطية المذبوح قَالَ لما حضر أبا عطية الموت جزع منه فقيل له أتجزع من الموت فقال وما لي لاَ أجزع من الموت فإنما هي ساعة ثم لاَ أدري أين يسلك بي
عَن أبي نوفل بن أبي العقرب قَالَ لما حضرت عَمْرو بن العاص الوفاة وضع يده موضع الغل من ذقنه ثم قَالَ اللهم أمرتنا فتركنا ونهيتنا فركبنا ولا يسعنا إلاَّ مغفرتك وكانت تلك هجيراه حتى مات رحمه الله
عَن عَبد الرحمن بن شماسة حدثه قَالَ لما حضرت عَمْرو بن العاص الوفاة بكى فقال له عَبد الله لم تبكي أجزع من الموت قَالَ لاَ والله ولكن ما بعد فقال له فكنت على خير فجعل يذكره صحبة النبي صلى الله عليه وسلم وفتوحه الشام فقال عَمْرو بن العاص تركت أفضل من ذلك كله شهادة أن لاَ إله إلاَّ الله إني كنت على ثلاثة أطباق ليس فيها طبقة لاَ عرفت نفسي فيها كنت أول شيء كافرا وكنت أشد الناس على رسول الله فلو مت حينئذ لوجبت لي النار فلما بايعت رسول الله كنت أشد الناس منه حياء ما ملأت عيني من رسول الله حياء منه فلو مت حينئذ قَالَ الناس هنيئا لعمرو أسلم وكان على خير ومات على خير أحواله فرجي لي الجنة ثم تلبست بعد ذلك بأشياء فلا أدري أعلي أم لي فإذا أنا مت فلا تبكين علي ولا تتبعوني نارا وشدوا علي إزاري فإني مخاصم وسنوا علي التراب سنا فإن جنبي الأيمن ليس بأحق بالتراب من جنبي الأيسر ولا تجعلن في قبري خشبة ولا حجرا وإذا واريتموني فاقعدوا عندي قدر نحر جزور وتقطيعها أستأنس بكم
عَن سُفْيَانُ قَالَ قَالَ عَبد الله بن عباس إذا رأيتم الرجل بالموت فبشروه حتى يلقى ربه وهو حسن الظن به وإذا كان حيا فخوفوه بربه عز وجل
عَن مُحَمد بن كعب القرظي قَالَ إذا استنقعت نفس العبد جاءه الملك وقال السلام عليك ولي الله الله يقرأ عليك السلام ثم نزع بهذه الآية الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ
عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأنْصَارِيِّ قَالَ إِذَا قُبِضَتْ نَفْسُ الْعَبْدِ تَلَقَّاهُ أَهْلُ الرَّحْمَةِ مِنْ عِبَادِ اللهِ كَمَا يَلْقَوْنَ الْبَشِيرَ فِي الدُّنْيَا فَيُقْبِلُونَ عَلَيْهِ لِيَسْأَلُوهُ فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَنْظِرُوا أَخَاكُمْ حَتَّى يَسْتَرِيحَ فَإِنَّهُ كَانَ فِي كَرْبٍ فَيُقْبِلُونَ عَلَيْهِ فَيَسْأَلُونَهُ مَا فَعَلَ فُلانٌ مَا فَعَلَتْ فُلانَةٌ هَلْ تَزَوَّجَتْ فَإِذَا سَأَلُوا عَنِ الرَّجُلِ قَدْ مَاتَ قَبْلَهُ قَالَ لَهُمْ إِنَّهُ قَدْ هَلَكَ فَيَقُولُونَ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ذُهِبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ فَبِئْسَتِ الأمُّ وَبِئْسَتِ الْمُرَبِيَّةُ قَالَ فَيُعْرَضُ عَلَيْهِمْ أَعْمَالُهُمْ فَإِذَا رَأَوْا حَسَنًا فَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا وَقَالُوا هَذِهِ نِعْمَتُكَ عَلَى عَبْدِكَ فَأَتِمَّهَا وَإِنْ رَأَوْا سُوءًا قَالُوا اللَّهُمَّ رَاجِعْ بِعَبْدِكِ قَالَ ابْنُ صَاعِدٍ رَوَاهُ سَلامٌ الطَّوِيلُ عَنْ ثَوْرٍ فَرَفَعَهُ
عَنْ أَخْبَرَنَا داود بن قيس قَالَ سَمِعْتُ مُحَمد بن كعب القرظي قَالَ إن الأرض لتبكي من رجل وتبكي على رجل تبكي على من كان يعمل على ظهرها بطاعة الله عز وجل وتبكي ممن كان يعمل على ظهرها بمعصية الله تعالى ثم قرأ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ
عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ حَدَّثَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ إِنَّ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ فِي طَيْرٍ كَالزَّرَازِيرِ يَتَعَارَفُونَ يُرْزَقُونَ مِنْ ثَمَرِ الْجَنَّةِ
عَنْ عَبد الله بن عَبد الرحمن بن يعلى قَالَ أخبرني عثمان بن عَبد الله بن أوس أن سَعِيد بن جبير قَالَ له استأذن لي على بنت أخي - وهي زوجة عثمان وهي بنت عَمْرو بن أوس - فاستأذنت له عليها فدخل فسلم عليها ثم قَالَ لها كيف فعل زوجك بك قالت إنه لمحسن فيما استطاع ثم التفت إلى عثمان وقال يا عثمان أحسن إليها , فإنك لاَ تصنع بها شيئا إلاَّ جاء عَمْرو بن أوس قَالَ وهل يأتي الأموات أخبار الأحياء قَالَ نعم ما من أحد له حميم إلاَّ يأتيه أخبار أقاربه فإن كان خيرا سر به وفرح به وهنئ به وإن كان شرا ابتأس بذلك وحزن حتى إنهم يسألون عَن الرجل قد مات فيقال ألم يأتكم فيقولون لقد خولف به إلى أمه الهاوية
عَن مطرف بن عَبد الله بن الشخير قَالَ لأن أبيت نائما وأصبح نادما أحب إلي من أن أبيت قائما فأصبح معجبا
عَن أبي السليل قَالَ رجل لسعيد بن المُسَيَّب الرجل يعطي الشيء ويصنع المعروف ويحب أن يؤجر ويحمد قَالَ أتحب أن تمقت
عَن الربيع بن زياد قَالَ سَمِعْتُ كعبا يقول والله ما استقر لعبد ثناء في الأرض حتى يستقر له في أهل السماء
عَن المطلب بن حنطب قَالَ إذا رضي الله عز وجل عَن عَبد نادى جبرئيل فيأخذه كالغشوة ما شاء الله فإذا أفاق قَالَ لبيك يا رب العالمين فيقول إني قد رضيت عَن فلان وصليت عليه فيقول الملائكة صلى الله عليه حتى ينتهي ذلك إلى الأرض وأظنه قَالَ فإذا أبغض عبدا فمثل ذلك
عَن أنس بن مالك قَالَ يأتي على الناس زمان يدعو المؤمن للجماعة فلا يستجاب له يقول الله ادع لنفسك ولما يحزبك من خاصة أمرك فأجيبك وأما الجماعة فلا قَالَ صالح وأخبرني عتبة بن أبي سليمان عَن يزيد الرقاشي عَن أنس قَالَ إنهم أغضبوني
عَن ابن جريج قرأه قَالَ قَالَ سليمان بن موسى إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عَن الكذب ودع عنك أذى الخادم وليكن عليك سكينة ووقار ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء
عَن جرير بن حازم قَالَ سَمِعْتُ حُمَيد بن هلال قَالَ حدثني مطرف قَالَ أتيت عمران بن حصين يوما فقلت إني لأدع إتيانك لما أراك فيه قَالَ فلا تفعل فوالله إن أحبه إلي أحبه إلى الله تعالى قَالَ جرير وكان سقى بطنه فمكث على سرير منقوب ثلاثين سنة
عَن أبي حيان عَنْ أَبِيهِ قَالَ قدمت الشام فقلت هل من الجند أحد مريض نعوده فقالوا لاَ إلاَّ سويد بن شُعْبَة الحنظلي فدخلت عليه فلولا أني سمعت امرأته تقول أهلي فداؤك ما أطعمك ما أسقيك ما ظننت أن دون الثوب شيئا إني قد خفت فكشف الثوب عَن وجهه فقال يا هذا لعلك يسوءك الذي ترى بي فقلت نعم - أو قَالَ قلت إي - والذي لاَ إله غيره قَالَ فلا يسوءك ذلك فلقد دبرت حرقفتي - أو قَالَ الحراقف - مني فما لي ضجعة منذ كذا وكذا إلاَّ على حر وجهي والذي نفس سويد بيده ما يسرني أنه نقصت منه قلامة ظفر
عَن عياض بن عقبة الفهري أنه مات ابن له فلما نزل في قبره قَالَ له رجل والله إن كان لسيد الجيش فاحتسبه فقال وما يمنعني أن أحتسبه وقد كان بالأمس من زينة الحياة الدنيا وهو اليوم من الباقيات الصالحات
عَن عمير بن سيف الخولاني أنه سمع أبا مسلم الخولاني يقول لأن يولد لي مولود يحسن الله نباته حتى إذا استوى على شبابه وكان أعجب ما يكون إلي قبضه الله مني أحب إلي من أن تكون لي الدنيا وما فيها
عَن قتادة في قول الله تعالى وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ قَالَ كظم على الحزن فلم يقل إلاَّ خيرا
عَن بكار بن عَبد الله قَالَ سَمِعْتُ وهب بن منبه يقول قَالَ الله تعالى فيما يعيب به أحبار بني إسرائيل تفقهون لغير الدين وتعلمون لغير العمل وتبتاعون الدنيا بعمل الآخرة تلبسون للناس جلود الضأن وتخفون أنفس الذئاب وتنفون القذى من شرابكم وتبتلعون أمثال الجبال من الحرام وتثقلون الدين على الناس أمثال الجبال ولا تعينونهم برفع الخناصر تطولون الصلاة وتبيضون الثياب تقتنصون مال اليتيم والأرملة فبعزتي حلفت لأضربنكم بفتنة يضل فيها رأي كل ذي رأي وحكمة الحكيم
عَن علي بن رباح قَالَ سَمِعْتُ وهبا الذماري يحدث عَن فضالة بن عُبَيد أن داود عليه السلام سأل ربه عز وجل أن يخبره بأحب الأعمال إليه فقال عشرا إذا فعلتهن يا داود لاَ تذكرن أحدا من خلقي إلاَّ بخير ولا تغتابن أحدا من خلقي ولا تحسدن أحدا من خلقي قَالَ داود يا رب هؤلاء الثلاث لاَ أستطيع فأمسك علي السبع ولكن يا رب أخبرني بأحبائك من خلقك أحبهم لك قَالَ ذو سلطان يرحم الناس ويحكم للناس كما يحكم لنفسه ورجل آتاه الله مالا فهو ينفق منه ابتغاء وجه الله وفي طاعة الله عز وجل ورجل يفني شبابه وقوته في طاعة الله عز وجل ورجل كان قلبه معلقا في المساجد من حبه إياها ورجل لقي امرأة حسناء فأمكنته من نفسها فتركها من خشية الله ورجل حيث كان يعلم أن الله تعالى معه نقية قلوبهم طيب كسبهم يتحابون بجلالي أذكر بهم ويذكرون بذكري ورجل فاضت عيناه من خشية الله عز وجل
عَن جرير بن حازم قَالَ سَمِعْتُ الحسن يقول لما أصاب داود الخطيئة خر ساجدا أربعين ليلة فقيل له يا داود ارفع رأسك فقد عفوت عنك قَالَ يا رب أنت حكم عدل لاَ تظلم وقد قتلت الرجل قَالَ أستوهبك منه فيهبك لي فأثنيه الجنة قَالَ وسمعت عَبد الله بن عُبَيد بن عمير يقول خر داود أربعين ليلة ساجدا يبكي فرفع رأسه وما في جبينه لحادة من لحم
عَن بكار بن عَبد الله قَالَ سَمِعْتُ وهب بن منبه يقول ما رفع رأسه حتى قَالَ له الملك أول أمرك ذنب وآخره معصية ارفع رأسك فرفع رأسه فمكث حياته لاَ يشرب ماء إلاَّ مزجه بدموعه ولا يأكل طعاما إلاَّ بله بدموعه ولا يضطجع على فراش إلاَّ أعراه - أو قَالَ أغراه - بدموعه حتى انهرم فكان لاَ يدفئه لحاف
عَن مجاهد قَالَ مكث أربعين يوما ساجدا - يعني داود ولا يرفع رأسه حتى نبت المرعى من دموع عينيه حتى غطى رأسه فنودي يا داود أجائع فتطعم أم ظمآن فتسقى أم عار فتكسى قَالَ فأجيب في غير ما طلب فنحب نحبة هاج منه العود فاحترق من حر جوفه ثم أنزل الله التوبة والمغفرة فقال يا رب اجعل خطيئتي في كفي فكان لاَ يبسط كفه لطعام ولا لشراب ولا لشيء سوى ذلك إلاَّ رآها فأبكته قَالَ فإن كان ليؤتى بالقدح ثلثاه ماء فإذا تناوله أبصر خطيئة فما يضعه على شفتيه حتى يفيض من دموعه
عَن أبي عَبد الله الجدلي قَالَ ما رفع رأسه إلى السماء حتى مات حياء من ربه عز وجل يعني داود صلى الله عليه وسلم
عَن أبي الجلد قَالَ قرأت في مسألة داود ربه تعالى إلهي ما جزاء من عزى الحزين المصاب ابتغاء مرضاتك قَالَ جزاؤه أن أكسوه كساء من أردية الإيمان أستره به من النار قَالَ إلهي فما جزاء من يتبع الجنائز ابتغاء مرضاتك قَالَ جزاؤه أن تشيعه الملائكة يوم يموت وأصلي على روحه في الأرواح قَالَ إلهي فما جزاء من يشبع اليتيم والأرملة ابتغاء مرضاتك قَالَ جزاؤه أن أظله في ظلي يوم لاَ ظل إلاَّ ظلي قَالَ إلهي فما جزاء من بكى من خشيتك حتى تسيل دموعه على وجهه قَالَ جزاؤه أن أحرم وجهه عَن لفح النار وأن أؤمنه يوم الفزع عَن لفح النار
عَن أبي العوام مؤذن بيت المقدس عَن كعب الأحبار قَالَ بينما بنو إسرائيل يصلون في بيت المقدس إذ جاء رجلان فدخل أحدهما ولم يدخل الآخر وقام خارجا على أبواب المسجد وقَالَ أَخْبَرَنَا أدخل بيت الله ليس مثلي يدخل بيت الله وقد عملت كذا وكذا وجعل يبكي ولم يدخل قَالَ كعب فكتب من الغد أنه صديق
عَن يزيد بن ميسرة قَالَ كان طعام يحيى بن زكريا الجراد وقلوب الشجر وكان يقول من أنعم منك يا يحيى وطعامك الجراد وقلوب الشجر
عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ كَانَ مَنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي عَيْنَيْنِ هَطَّالَتَيْنِ تبْكِيَانِ بذُرُوفِ الدُّمُوعِ وَتَشْفِيَانِي مِنْ خَشْيَتِكَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ الدُّمُوعُ دَمًا وَالأضْرَاسُ جَمْرًا
عَنْ أَبُو عُمَرُ بْنُ حَيَوَيْهِ وَأَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقِ قَالاَ أَخْبَرَنَا يحيى قَالَ حَدَّثَنَا الحسين قَالَ أَخْبَرَنَا الوليد بن مسلم قَالَ حَدَّثَنَا عَبد الرحمن بن يزيد بن جابر قَالَ قلت ليزيد بن مرثد ما لي أرى عينيك لاَ تجف قَالَ وما مسألتك عَن ذلك قلت عسى الله عز وجل أن ينفع به قَالَ يا أخي إن الله تعالى تواعدني إن أنا عصيته أن يسجنني في النار ولو تواعدني ألا يسجنني إلاَّ في الحمام لكنت حريا ألا يجف لي عيني
عَنْ أَبُو عُمَرُ بْنُ حَيَوَيْهِ وَأَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقِ قَالاَ أَخْبَرَنَا يحيى قَالَ حَدَّثَنَا الحسين قَالَ أَخْبَرَنَا الوليد بن مسلم قَالَ أَخْبَرَنَا عَبد الرحمن بن يزيد بن جابر قَالَ قيل ليزيد بن مرثد أهكذا أنت في خلواتك قَالَ وما مسألتك عَن ذلك قلت عسى الله أن ينفع به قَالَ والله إن ذلك ليعرض لي حين أسكن إلى أهلي فيحول بيني وبين ما أريد وإنه ليوضع الطعام بين يدي فيعرض لي فيحول بيني وبين أكله حتى تبكي امرأتي ويبكي صبياننا لاَ يدرون ما أبكانا ولربما أضجر ذلك امرأتي فتقول يا ويحها خصت به معك من طول الحزن في هذه الحياة الدنيا ما تقر لي معك عين
عَنْ أَبُو عُمَرُ بْنُ حَيَوَيْهِ وَأَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقِ قَالاَ أَخْبَرَنَا يحيى قَالَ حَدَّثَنَا الحسين قَالَ أَخْبَرَنَا الوليد بن مسلم قَالَ سَمِعْتُ الأوزاعي يقول سمعت بلال بن سعد كفى بي والله ذنبا أن يكون الله عز وجل يزهدنا في الدنيا ونحن نرغب فيها فزاهدكم راغب وعالمكم جاهل وعابدكم مقصر
عَنْ أَبُو عُمَرُ بْنُ حَيَوَيْهِ وَأَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقِ قَالاَ أَخْبَرَنَا يحيى قَالَ حَدَّثَنَا الحسين قَالَ أَخْبَرَنَا الوليد بن مسلم قَالَ سَمِعْتُ الأوزاعي يقول سمعت بلال بن سعد يقول في مواعظه يا أهل الخلود ويا أهل البقاء إنكم لم تخلقوا للفناء وإنما تنقلون من دار إلى دار
عَنْ أَبُو عُمَرُ بْنُ حَيَوَيْهِ وَأَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقِ قَالاَ أَخْبَرَنَا يحيى قَالَ حَدَّثَنَا الحسين قَالَ أَخْبَرَنَا الوليد بن مسلم قَالَ قَالَ عَبد الرحمن بن يزيد بن تميم سمعت بلال بن سعد يقول يا أهل الخلود يا أهل البقاء إنكم لم تخلقوا للفناء وإنما تنقلون من دار إلى دار كما نقلتم من الأصلاب إلى الأرحام ومن الأرحام إلى الدنيا ومن الدنيا إلى القبور ومن القبور إلى الموقف ومن الموقف إلى الخلود في الجنة أو النار
عَنْ أَبُو عُمَرُ بْنُ حَيَوَيْهِ وَأَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقِ قَالاَ أَخْبَرَنَا يحيى قَالَ حَدَّثَنَا الحسين قَالَ أَخْبَرَنَا الوليد بن مسلم قَالَ سَمِعْتُ الأوزاعي يقول سمعت بلال بن سعد يقول أخ لك كلما لقيك ذكرك بحظك من الله خير لك من أخ لك كلما لقيك وضع في كفك دينارا
عَنْ أَبُو عُمَرُ بْنُ حَيَوَيْهِ وَأَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقِ قَالاَ أَخْبَرَنَا يحيى قَالَ حَدَّثَنَا الحسين قَالَ أَخْبَرَنَا الوليد قَالَ حَدَّثَنَا جابر عَن عطاء الخراساني قَالَ نقش داود خطيئته في كفه لكي لاَ ينساها فكان إذا رآها اضطربت يداه
عَنْ أَبُو عُمَرُ بْنُ حَيَوَيْهِ وَأَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقِ قَالاَ أَخْبَرَنَا يحيى قَالَ حَدَّثَنَا الحسين قَالَ حَدَّثَنَا هشيم عَن سيار عَن أبي وائل عَن عَبد الله بن مَسْعود قَالَ وددت أن يغفر لي ذنب واحد ولا يعرف نسبي
عَنْ أَبُو عُمَرُ بْنُ حَيَوَيْهِ وَأَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقِ قَالاَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُتَيٍّ السَّعْدِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ مَطْعَمَ ابْنِ آدَمَ مَثَلاً لِلدُّنْيَا وَإِنْ مَلَّحَهُ وَقَزَّحَهُ فَقَدْ عَلِمَ إِلَى مَا يَصِيرُ
عَنْ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ فِي أَصْحَابِهِ إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ فَقَالَ السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْقُبُورِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا نَجَّاكُمُ اللَّهُ مِنْهُ مِمَّا هُوَ كَائِنٌ بَعْدَكُمْ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ هَؤُلاءِ خَيْرٌ لِي مِنْكُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ إِخْوَانُنَا أَسْلَمْنَا كَمَا أَسْلَمُوا وَهَاجَرْنَا كَمَا هَاجَرُوا وَجَاهَدْنَا كَمَا جَاهَدُوا وَأَتَوْا عَلَى آجَالِهِمْ فَمَضَوْا فِيهَا وَبَقِينَا فِي آجَالِنَا فَمَا يَجْعَلُهُمْ خَيْرًا مِنَّا قَالَ إِنَّ هَؤُلاءِ خَرَجُوا مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَأْكُلُوا مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَخَرَجُوا وَأَنَا الشَّهِيدُ عَلَيْهِمْ وَإِنَّكُمْ قَدْ أَكَلْتُمْ مِنْ أُجُورِكُمْ وَلا أَدْرِي مَا تُحْدِثُونَ بَعْدِي قَالَ فَلَمَّا سَمِعَهَا الْقَوْمُ وَاللَّهِ عَقَلُوهَا وَانْتَفَعُوا بِهَا قَالُوا وَإِنَّا لَمُحَاسبُونَ بِمَا أَصَبْنَا مَنَ الدُّنْيَا وَإِنَّهُ لَيُنْقَصُ بِهِ مِنْ أُجُورِنَا فَأَكَلُوا وَاللَّهِ طَيِّبًا وَأَنْفَقُوا قَصْدًا وَقَدَّمُوا فَضْلاً
عَن سالم بن أبي الجعد أن عُمَر بن الخطاب رضي الله عنه كان استعمل النعمان بن مقرن على كسكر فكتب إليه يناشده الله إلاَّ نزعه عَن كسكر وبعثه في جيش من جيوش المسلمين فإنما مثله مثل كسكر مثل مومسة تزين لي في كل يوم فنزعه وبعثه في الجيش الذي بعثه إلى نهاوند
عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ أَحَدِ بَنِي فِهْرٍ قَالَ كُنْتُ فِي الرَّكْبِ الَّذِينَ وَقَفُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَلَى السَّخْلَةِ الْمَيِّتَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَتَرَوْنَ هَذِهِ هَانَتْ عَلَى أَهْلِهَا حَتَّى أَلْقَوْهَا قَالُوا مِنْ هَوَانِهَا أَلْقَوْهَا يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ فَالدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ عَلَى أَهْلِهَا
عَنْ جرير بن حازم قَالَ سَمِعْتُ الحسن يقول أدركت أقواما كانت الدنيا تعرض لأحدهم حلالها فيدعها فيقول والله ما أدري على ما أنا من هذه إذا صارت في يدي
عَن مالك الدار أن عُمَر بن الخطاب أخذ أربعمِئَة دينار فجعلها في صرة ثم قَالَ للغلام اذهب بها إلى أبي عبيدة بن الجراح ثم تله ساعة في البيت حتى تنظر ما يصنع فذهب بها الغلام إليه فقال يقول لك أمير المؤمنين اجعل هذه في بعض حوائجك فقال وصله الله ورحمه ثم قَالَ تعالي يا جارية اذهبي بهذه السبعة إلى فلان وبهذه الخمسة إلى فلان حتى أنفدها فرجع الغلام إلى عُمَر بن الخطاب فأخبره ووجده قد أعد مثلها لمعاذ بن جبل فقال اذهب بها إلى معاذ بن جبل ثم تله في البيت ساعة حتى تنظر إلى ما يصنع فذهب بها إليه فقال يقول لك أمير المؤمنين اجعل هذا في حاجتك فقال وصله ورحمه تعالي يا جارية اذهبي إلى فلان بكذا وإلى بيت فلان بكذا وإلى بيت فلان بكذا فاطلعت امرأة معاذ فقالت ونحن والله مساكين فأعطنا فلم يبق في الخرقة إلاَّ ديناران فدحا بهما فرجع الغلام إلى عُمَر فأخبره فسر بذلك عُمَر وقال إنهم إخوة بعضهم من بعض
عَن موسى بن أبي عيسى قَالَ أتى عُمَر بن الخطاب مشربة بني حارثة فوجد مُحَمد بن مسلمة فقال عُمَر كيف تراني يا مُحَمد فقال أراك والله كما أحب وكما يحب من يحب لك الخير أراك قويا على جمع المال عفيفا عنه عادلا في قسمه ولو ملت عدلناك كما يعدل السهم في الثقاف فقال عُمَر هاه فقال لو ملت عدلناك كما يعدل السهم في الثقاف فقال عُمَر الحمد لله الذي جعلني في قوم إذا ملت عدلوني
عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ قَالَ بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنَّ سَعْدًا اتَّخَذَ قَصْرًا وَجَعَلَ عَلَيْهِ بَابًا وَقَالَ انْقَطَعَ الصُّوَيْتُ فَأَرْسَلَ عُمَرُ مُحَمد بْنَ مَسْلَمَةَ وَكَانَ عُمَرُ إِذَا أَحَبَّ أَنْ يُؤْتَى بِالأمْرِ كَمَا يُرِيدُ بَعَثَهُ فَقَالَ لَهُ ايتِ سَعْدًا فَأَحْرِقْ عَلَيْهِ بَابَهُ فَقَدِمَ الْكُوفَةَ فَلَمَّا أَتَى الْبَابَ أَخْرَجَ زَنْدَهُ فَاسْتَوْرَى نَارًا ثُمَّ أَحْرَقَ الْبَابَ فَأُتِيَ سَعْدٌ فَأُخْبِرَ وَوُصِفَ لَهُ صِفَتُهُ فَعَرَفَهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ سَعْدٌ فَقَالَ مُحَمد إِنَّهُ بَلَغَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّكَ قُلْتَ انْقَطَعَ الصُّوَيْتُ فَحَلَفَ سَعْدٌ بِاللَّهِ مَا قَالَ ذَلِكَ فَقَالَ مُحَمد بْنُ مَسْلَمَةَ نَفْعَلُ الَّذِي أُمِرْنَا وَنُؤَدِّي عَنْكَ مَا تَقُولُ ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَلَمَّا كَانَ بِبَطْنِ الرُّمَّةِ أَصَابَهُ مِنَ الْخَمْصِ وَالْجُوعِ مَا اللَّهُ بِهِ أَعْلَمُ فَأَبْصَرَ غَنَمًا فَأَرْسَلَ غُلامَهُ بِعِمَامَتِهِ فَقَالَ اذْهَبْ فَابْتَعْ مِنْهَا شَاةً فَجَاءَ الْغُلامُ بِشَاةٍ وَهُوَ يُصَلِّي فَأَرَادَ ذَبْحَهَا فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ يَكُفَّ فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ قَالَ اذْهَبْ فَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً مُسْلِمَةً فَارْدُدِ الشَّاةَ وَخُذِ الْعِمَامَةَ وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَارْدُدِ الشَّاةَ فَذَهَبَ فَإِذَا هِيَ مَمْلُوكَةٌ فَرَدَّ الشَّاةَ وَأَخَذَ الْعِمَامَةَ وَأَخَذَ بِخِطَامِ رَاحِلَتِهِ أَوْ زِمَامِهَا لاَ يَمُرُّ بِبَقْلَةٍ إِلا خَطَفَهَا حَتَّى آوَاهُ اللَّيْلُ إِلَى قَوْمٍ فَأَتَوْهُ بِخُبْزٍ وَلَبَنٍ وَقَالُوا لَوْ كَانَ عِنْدَنَا شَيْءٌ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا أَتَيْنَاكَ بِهِ فَقَالَ بِسْمِ اللهِ كُلُّ حَلالٍ أَذْهَبَ السَّغَبَ خَيْرٌ مِنْ مَأْكَلِ السُّوءِ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَبَدَأَ بِأَهْلِهِ فَابْتَرَدَ مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ رَاحَ فَلَمَّا أَبْصَرَهُ عُمَرُ قَالَ لَوْلا حُسْنُ الظَّنِّ بِكَ مَا رَوَيْنَا أَنَّكَ أَدَّيْتَ وَذَكَرَ أَنَّهُ أَسْرَعَ السَّيْرَ فَقَالَ قَدْ فَعَلْتُ وَهُوَ يَعْتَذِرُ وَيَحْلِفُ بِاللَّهِ مَا قَالَ ذَلِكَ قَالَ فَقَالَ عُمَرُ هَلْ أَمَرَ لَكَ بِشَيْءٍ فَقَالَ قَدْ رَأَيْتُ مَكَانًا أَتَأْمُرُ لِي قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ أَي خذ مِنْهُ قَالَ عُمَرُ إِنَّ أَرْضَ الْعِرَاقِ أَرْضٌ رَفِيعَةٌ وَإِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ يَمُوتُونَ حَوْلِي مِنَ الْجُوعِ فَخَشِيتُ أَنْ آمُرَ لَكَ فَيَكُونَ لَكَ الْبَارِدُ وَلِيَ الْحَارُّ أَمَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ يَقُولُ لاَ يَشْبَعُ الْمُؤْمِنُ دُونَ جَارِهِ أَوْ قَالَ الرَّجُلُ دُونَ جَارِهِ
عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخبرني إبراهيم بن عَبد الرحمن بن عوف أنه قدم وافدا على معاوية في خلافته فقال فدخلت المقصورة فسلمت على مجلس من أهل الشام ثم جلست فقال لي رجل منهم من أنت يا فتى قلت أَخْبَرَنَا إبراهيم بن عَبد الرحمن بن عوف قَالَ يرحم الله أباك أخبرني فلان - لرجل سماه - أنه قَالَ والله لألحقن بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأحدثن بهم عهدا ولا أكلمنهم قَالَ فقدمت المدينة في خلافة عثمان بن عفان فلقيتهم إلاَّ عَبد الرحمن بن عوف أخبرت أنه بأرض له بالجرف فركبت إليه حتى جئته فإذا هو واضع رداءه يحول الماء بمسحاة في يده فلما رآني استحيى مني فألقى المسحاة وأخذ رداءه فسلمت عليه وقلت له جئتك لأمر وقد رأيت أعجب منه هل جاءكم إلاَّ ما جاءنا وهل علمتم إلاَّ ما علمنا فقال عَبد الرحمن لم يأتنا إلاَّ ما قد جاءكم ولم نعلم إلاَّ ما قد علمتم قلت فما زلنا نزهد في الدنيا وترغبون ونخف في الجهاد وتتثاقلون وأنتم سلفنا وخيارنا وأصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم فقال عَبد الرحمن لم يأتنا إلاَّ ما قد جاءكم ولم نعلم إلاَّ ما قد علمتم ولكنا بلينا بالضراء فصبرنا وبلينا بالسراء فلم نصبر
عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ تصدق عَبد الرحمن بن عوف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشطر ماله أربعة آلاف ثم تصدق بأربعين ألفا ثم تصدق بأربعين ألفا ثم تصدق بأربعين ألف دينار ثم حمل على خمسمِئَة فرس في سبيل الله ثم على ألف وخمس مِئَة راحلة في سبيل الله وكان عامة ماله من التجارة
عَن سعد بن إبراهيم عَنْ أَبِيهِ أن عَبد الرحمن بن عوف أتي بطعام وكان صائما فقال قتل مصعب بن عمير وهو خير مني وكفن في بردته إن غطي رأسه بدت رجلاه وإن غطت رجلاه بدا رأسه . وأراه قَالَ وقتل حمزة وهو خير مني ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط . أو قَالَ أعطينا من الدنيا ما أعطينا وقد خشينا أن تكون حسناتنا قد عجلت لنا ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام
عَن طارق بن شهاب قَالَ عاد خبابا بقايا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا أبشر أبا عَبد الله إخوانك تقدم عليهم غدا فبكى فقالوا له عليها من الحال فقال أما إنه ليس به جزع لكنكم ذكرتموني أقواما وسميتموهم لي إخوانا وإن أولئك قد مضوا بأجورهم كما هي وإني أخاف أن يكون ثواب ما تذكرون من تلك الأعمال ما أصبنا بعدهم