فوائد من كتاب الزهد لابن المبارك 3
فوائد من كتاب الزهد لابن المبارك 3
عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ قَالَ بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنَّ سَعْدًا اتَّخَذَ قَصْرًا وَجَعَلَ عَلَيْهِ بَابًا وَقَالَ انْقَطَعَ الصُّوَيْتُ فَأَرْسَلَ عُمَرُ مُحَمد بْنَ مَسْلَمَةَ وَكَانَ عُمَرُ إِذَا أَحَبَّ أَنْ يُؤْتَى بِالأمْرِ كَمَا يُرِيدُ بَعَثَهُ فَقَالَ لَهُ ايتِ سَعْدًا فَأَحْرِقْ عَلَيْهِ بَابَهُ فَقَدِمَ الْكُوفَةَ فَلَمَّا أَتَى الْبَابَ أَخْرَجَ زَنْدَهُ فَاسْتَوْرَى نَارًا ثُمَّ أَحْرَقَ الْبَابَ فَأُتِيَ سَعْدٌ فَأُخْبِرَ وَوُصِفَ لَهُ صِفَتُهُ فَعَرَفَهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ سَعْدٌ فَقَالَ مُحَمد إِنَّهُ بَلَغَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّكَ قُلْتَ انْقَطَعَ الصُّوَيْتُ فَحَلَفَ سَعْدٌ بِاللَّهِ مَا قَالَ ذَلِكَ فَقَالَ مُحَمد بْنُ مَسْلَمَةَ نَفْعَلُ الَّذِي أُمِرْنَا وَنُؤَدِّي عَنْكَ مَا تَقُولُ ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَلَمَّا كَانَ بِبَطْنِ الرُّمَّةِ أَصَابَهُ مِنَ الْخَمْصِ وَالْجُوعِ مَا اللَّهُ بِهِ أَعْلَمُ فَأَبْصَرَ غَنَمًا فَأَرْسَلَ غُلامَهُ بِعِمَامَتِهِ فَقَالَ اذْهَبْ فَابْتَعْ مِنْهَا شَاةً فَجَاءَ الْغُلامُ بِشَاةٍ وَهُوَ يُصَلِّي فَأَرَادَ ذَبْحَهَا فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ يَكُفَّ فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ قَالَ اذْهَبْ فَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً مُسْلِمَةً فَارْدُدِ الشَّاةَ وَخُذِ الْعِمَامَةَ وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَارْدُدِ الشَّاةَ فَذَهَبَ فَإِذَا هِيَ مَمْلُوكَةٌ فَرَدَّ الشَّاةَ وَأَخَذَ الْعِمَامَةَ وَأَخَذَ بِخِطَامِ رَاحِلَتِهِ أَوْ زِمَامِهَا لاَ يَمُرُّ بِبَقْلَةٍ إِلا خَطَفَهَا حَتَّى آوَاهُ اللَّيْلُ إِلَى قَوْمٍ فَأَتَوْهُ بِخُبْزٍ وَلَبَنٍ وَقَالُوا لَوْ كَانَ عِنْدَنَا شَيْءٌ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا أَتَيْنَاكَ بِهِ فَقَالَ بِسْمِ اللهِ كُلُّ حَلالٍ أَذْهَبَ السَّغَبَ خَيْرٌ مِنْ مَأْكَلِ السُّوءِ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَبَدَأَ بِأَهْلِهِ فَابْتَرَدَ مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ رَاحَ فَلَمَّا أَبْصَرَهُ عُمَرُ قَالَ لَوْلا حُسْنُ الظَّنِّ بِكَ مَا رَوَيْنَا أَنَّكَ أَدَّيْتَ وَذَكَرَ أَنَّهُ أَسْرَعَ السَّيْرَ فَقَالَ قَدْ فَعَلْتُ وَهُوَ يَعْتَذِرُ وَيَحْلِفُ بِاللَّهِ مَا قَالَ ذَلِكَ قَالَ فَقَالَ عُمَرُ هَلْ أَمَرَ لَكَ بِشَيْءٍ فَقَالَ قَدْ رَأَيْتُ مَكَانًا أَتَأْمُرُ لِي قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ أَي خذ مِنْهُ قَالَ عُمَرُ إِنَّ أَرْضَ الْعِرَاقِ أَرْضٌ رَفِيعَةٌ وَإِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ يَمُوتُونَ حَوْلِي مِنَ الْجُوعِ فَخَشِيتُ أَنْ آمُرَ لَكَ فَيَكُونَ لَكَ الْبَارِدُ وَلِيَ الْحَارُّ أَمَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ يَقُولُ لاَ يَشْبَعُ الْمُؤْمِنُ دُونَ جَارِهِ أَوْ قَالَ الرَّجُلُ دُونَ جَارِهِ