(وَلَا تَجِدُ أَكۡثَرَهُمۡ شَـٰكِرِینَ﴾
﴿ثُمَّ لَـَٔاتِیَنَّهُم مِّنۢ بَیۡنِ أَیۡدِیهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ وَعَنۡ أَیۡمَـٰنِهِمۡ وَعَن شَمَاۤىِٕلِهِمۡۖ وَلَا تَجِدُ أَكۡثَرَهُمۡ شَـٰكِرِینَ﴾
قال (الطبري): وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب، قولُ من قال: معناه: ثم لآتينهم من جميع وجوه الحقّ والباطل، فأصدّهم عن الحق، وأحسِّن لهم الباطل.
قلت
وختام الآية يدل على أعظم هذه الوجوه وهو الشكر
(وَلَا تَجِدُ أَكۡثَرَهُمۡ شَـٰكِرِینَ﴾
أي لآتينهم من كل وجه حتى لا يكونوا شاكرين لله.
وهذا أمر يجده كل أحد من نفسه
فإن الشيطان لا يزال بالإنسان يورد عليه من الخواطر فيما يقع له من الأقدار ما يحمله على السخط والضجر وترك الشكر.
ومن أخبث أعماله حمل العبد على ترك الشكر بعد تحصيل النعم.
وقد ورد علي هذا الأمر
فذات مرة في شأن من شؤوني تأخر تحقيقه ووقع قبله بعض العراقيل والأمور غير المتوقعة ثم حصل والحمد لله.
فلما لم يكن لأبليس مدخل من جهة وسوسة الحرمان
أورد علي عدو الله:
الناس يحصلون هذا الغرض وغيره بسهولة ويسر ولم يكن في تحصيله ما لقيت أنت من التأخير والتعب.
فقلت: يا عدو الله!
الله بلغني هذه النعمة وأكرمني بتحصيلها ورحمني بتيسيرها مع الأمور التي كادت تحول دونها وأردت أن تشغلني عن شكر ربي فيها بهذه الوساوس
والشكر مني أوجب من غيري فلولا الله ما بلغتها
ولولا عناية خاصة من ربي لكان فواتها أقرب من حصولها.
ثم أردت ياعدو الله أن تنسيني نعمة الوصول وتحصيل المقصود بهذه الخواطر الأبليسية.
وأن تريني أن الله منعني ما أعطاه غيري فتنفخ من نفث كبرك في نفسي وتنسيني أن ربي أعطاني ما لا أستحقه وأفاض علي مع أن عندي من الذنوب ما يحول بيني وبين مثاقيل الذر من النعم.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
من همزه ونفخه ونفثه.
مختارات