صفة الجنة - الجزء الرابع
* صفة نساء أهل الجنة:
عرائس الجنة.. وخيراتها الحسان.. كأنهم البدر ليلة التمام.. قاصرات الطرف على أزواجهن.. فلا يطمحن إلى غيرهم؛ لحسنهم عندهن.. وقَصَرْنَ طَرْفَ أزواجهن عليهن.. فلا يدعهم حسنهن وجمالهن أن ينظروا إلى غيرهن.
فهن حور حسان قد بلغن الكمال في الحسن والجمال.. فلا يرى فيهن عيب ولا نقصان وكملت محاسنهن حتى ليحار الطرف فيهن من رقة الجلد.. وصفاء الألوان.. حتى ليرى مخ سوقهن من وراء ثيابهن.. ويرى الناظر وجهه في خد إحداهن كما ترى الصورة في المرآة: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58)} [الرحمن: 58].
ولا تسل عن جمال العيون.. ففيها كل السحر والفتون.. قد زانها الحور.. شدة بياض في شدة سواد: {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (48) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (49)} [الصافات: 48، 49].
وهن حمر الخدود.. فخدودهن أصفى من لون الورد.. وثغورهن كأنها اللؤلؤ المنضود.. وأجسامهن تكاد تتفجر شباباً وصحة وامتلاء.. فهي بيضاء باكرها النعيم.. وجرى ماؤه في غصنها الناعم الرخيم.
وقدها كالغصن الرطيب في حسن القوام.. ونساء الجنة كلهن كواعب ونواهد.. ثدياها قد بعدا عن بطنها فليسا بلاصقين فيه.
وأما أعناقهن فذات طول وجمال.. في بياض واعتدال.. فهن مثل كؤوس الفضة.. وكفاهما ألين من الزبد مجسّاً.. وأنعم من الحرير ملمساً.
وأما ريحها فنوافح المسك.. يفوح أريجه من فمها وثيابها، حتى يتضوع به المكان من حولها طيباً ومسكاً.
وأما جسمها فأشد نعومة من الحرير.
وأما اللون ففي صفاء الياقوت في بياض المرجان: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58)}... [الرحمن: 58].
وأما كلامها فيسلب اللب بحسن أنغامه.. وجمال تطريبه الذي يفوق كل لحن.. وكل صوت.. قد كمل حسنها وجمالها.. فهي أحسن شيء صورة.. وكملت خلائقها فلا يصدر عنها إلا كل جميل من عفة وشرف.. وطاعة للزوج.. وتحبب إليه.. وقَصْرٍ للطرف عليه.. ومناجاته بأحب الكلام إليه.. الشمس تجري في محاسن وجهها.. والليل تحت ذوائب شعرها الأسود الجميل.. قد جمعت ملاحة الصورة.. وطيب الرائحة.. وحسن المودة.. وحسن التبعل والتغنج.
ونساء الجنة أعراب.. أسنانهن متماثلة.. بنات ثلاث وثلاثين سنة.. وهي سن الشباب والنضارة: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (38)} [الواقعة: 35 - 38].
ونساء الجنة كلهن أبكار.. وكل منهن لا يفتض بكارتها إلا محبوبها الذي اختصه الله بها كما قال سبحانه: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56)} [الرحمن: 56].
ويعطى الرجل من أهل الجنة قوة مئة رجل من أقوى أهل الدنيا في الجماع.. وكلما جامعها عادت بكراً ولذة أحسن من ذي قبل.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قيل يا رسول الله: هل نصل إلى نسائنا في الجنة؟ فقال: «إنَّ الرَّجُلَ لَيَصِلُ في اليَوْمِ إلى مائة عَذْراءَ» أخرجه الطبراني في الأوسط، وأبو نعيم في صفة الجنة
وأهل الجنة متفاوتون في عدد نسائهم بتفاوت درجاتهم.. ولكل واحد منهم زوجتان من الحور العين.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ أوَّلَ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى أضْوَإِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ اثْنَتَانِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ، وَمَا فِي الْجَنَّةِ أعْزَبُ» متفق عليه
ونساء أهل الجنة مطهرات من الحيض والنفاس.. والبول والغائط.. والقذر والأذى: {لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15)} [آل عمران: 15].
ونساء أهل الجنة في غاية الحسن والجمال، فهن خَيِّرات الصفات، والأخلاق والشيم، حسان الوجوه والعيون كما قال الله تعالى: {وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24)} [الواقعة: 22 - 24].
وقال الله تعالى: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58)} [الرحمن: 56 - 58].
وقال الله تعالى: {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71) حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72)}... [الرحمن: 70 - 72].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «.. وَلَوْ أنَّ امْرَأةً مِنْ أهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أهْلِ الأرْض لأضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَمَلأَتْهُ رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» أخرجه البخاري
* صفة عطور وروائح الجنة:
وذلك يختلف باختلاف الأشخاص وتفاوت درجاتهم ومنازلهم.
قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ أوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً، لا يَبُولُونَ وَلا يَتَغَوَّطُونَ، وَلا يَتْفِلُونَ وَلا يَمْتَخِطُونَ، أمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ، وَمَجَامِرُهُمُ الأُلُوَّةُ -الألنْجُوجُ، عُودُ الطِّيبِ- وَأزْوَاجُهُمُ الْحُورُ الْعِينُ، عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، عَلَى صُورَةِ أبِيهِمْ آدَمَ، سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ» متفق عليه.
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أرْبَعِينَ عَامًا» أخرجه البخاري
وفي لفظ: «وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» أخرجه الترمذي وابن ماجه
* صفة غناء أزواج أهل الجنة:
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ أزواجَ أهلِ الجنَّةِ لَيغنِّين أَزواجَهنَّ بِأَحسنِِِ أَصْواتٍ سَمِعَها أحَدٌ قَطّ، إنّ ممّا يُغنِّينَ بِهِ:
نحنُ خيرُ الحِسَانِ.. أَزواجُ قَومٍ كِرامٍ.. يَنظرنَ بقرَّةِ أَعيَان.
وإنَّ ممَّا يُغنِّينَ بِهِ:
نَحنُ الخَالِداتُ فَلا يمتنَه.. نَحنُ الآمِناتُ فَلا يَخَفنَه.. نحْْنُ المُقيمَاتُ فَلا يَظعنَّه. أخرجه الطبراني في الأوسط
* صفة جماع أهل الجنة:
وجماع النساء في الجنة منزه عن المذي والمني والضعف.. وفيه أكمل لذة.. يعطى الرجل قوة مائة رجل في الجماع.. ويفضي إلى مائة عذراء.. وجماع النساء في الجنة لا يوجب غسلاً.. ولا يعقبه كسلاً.
قال الله تعالى: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56)}... [يس: 55، 56].
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَ الرَّجلَ مِن أَهْلِِ الجَّنةِ لَيُعْطَى قُوَّةَ مائةِ رَجُلٍ في الأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالشَّهوةِ وَالجِمَاعِ» أخرجه الطبراني والدارمي
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الرَّجلَ ليَصِل في اليومِ إلى مائةِ عَذْراء» أخرجه الطبراني في الأوسط، وأبو نعيم في صفة الجنة
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ فِي الْجَنَّةِ لَخَيْمَةً، مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ مُجَوَّفَةٍ، طُولُهَا سِتُّونَ مِيلاً، لِلْمُؤْمِنِ فِيهَا أهْلُونَ، يَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْمُؤْمِنُ، فَلا يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا» متفق عليه
صفة الحمل والولادة في الجنة:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا اشْتَهَى الْمُؤْمِنُ الْوَلَدَ فِي الْجَنَّةِ، كَانَ حَمْلُهُ وَوَضْعُهُ وَسِنُّهُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا يَشْتَهِي» أخرجه أحمد والترمذي
طول أهل الجنة:
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خَلَقَ اللهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، ثُمَّ قال: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنَ الْمَلائِكَةِ، فَاسْتَمِعْ مَا يُّحَيُّونَكَ، تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فَقال: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، فَقالوا: السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ، فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللهِ، فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ، فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الآنَ» متفق عليه
* دوام نعيم أهل الجنة:
إذا دخل أهل الجنة الجنة تلقتهم الملائكة.. وبشرتهم بما في الجنة من النعيم المقيم بشرى لم يسمعوا بمثلها قط.. فلهم في الجنة نعيم بلا بؤس.. وصحة بلا سقم.. وأمن بلا خوف.. وحياة بلا موت.
قال الله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35)} [الرعد: 35].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يُنَادِي مُنَادٍ، إِنَّ لَكُمْ أنْ تَصِحُّوا فَلا تَسْقَمُوا أبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أنْ تَحْيَوْا فَلا تَمُوتُوا أبَدًا» وَإِنَّ لَكُمْ أنْ تَشِبُّوا فَلا تَهْرَمُوا أبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أنْ تَنْعَمُوا فَلا تَبْأسُوا أبَدًا». فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43)} [الأعراف: 43]» أخرجه مسلم
وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قيل يا رسول الله: هَلْ يَنَامُ أهْلُ الجَنَّةِ؟، قَال: «لا، النَّومُ أَخُو المَوْتِ» أخرجه البزار
* رفع ذرية المؤمن في درجته:
يرفع الله ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه في العمل.. لتكمل سعادته بهم.. ويزداد سروره بقربهم.
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)}... [الطور: 21].
* صفة سوق الجنة:
وفي الجنة سوق لا بيع فيه ولا شراء.. يأخذ منه المرء ما شاء بلا عوض ولا ثمن.. نصبته الملائكة لأولياء الله وحزبه.. فيه من التحف والهدايا.. وما تحبه النفوس مما لا عين رأت.. ولا أذن سمعت.. ولا خطر على قلب بشر.
وهو سوق تعارف بين أهل الجنة.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا، يَأْتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ، فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ فَتَحْثُو فِي وُجُوهِهِمْ وَثِيَابِهِمْ، فَيَزْدَادُونَ حُسْنًا وَجَمَالا، فَيَرْجِعُونَ إِلَى أهْلِيهِمْ وَقَدِ ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالاً، فَيَقُولُ لَهُمْ أهْلُوهُمْ: وَاللهِ! لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالاً، فَيَقُولُونَ: وَأنْتُمْ، وَاللهِ! لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالاً» أخرجه مسلم.
* صفة ملك وقصور الجنة:
الله تبارك وتعالى يكرم أولياءه في الجنة بملك كبير من الجنان والقصور والخدم.. تعظمهم الخدم.. ولا تدخل الملائكة عليهم إلا بإذن.. وكل أهل الجنة ملوك.. لأنهم كانوا في الدنيا عبيداً للملك.. فلما قدموا عليه مَلَّكهم وخلدهم.
قال الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (22)}... [الإنسان: 20، 22].
وقال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)}... [التوبة: 72].
وقال الله تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20)}... [الزمر: 20].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ أهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ أهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ، كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ مِنَ الأفُقِ مِنَ الْمَشْرِقِ أوِ الْمَغْرِبِ، لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ)». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! تِلْكَ مَنَازِلُ الأنْبِيَاءِ، لا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ، قَالَ: «بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! رِجَالٌ آمَنُوا بِاللهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ» متفق عليه
فالواحد من أهل الجنة عنده من القصور والمساكن والغرف المزخرفة ما لا يدركه الوصف.. ولديه من البساتين الزاهرة.. والفواكه اللذيذة.. والثمار الدانية.. والأطعمة الفاخرة.. والرياض المعجبة.. والطيور المطربة.. والأنهار الجارية ما يأخذ القلوب ويفرح النفوس.
وعنده من الزوجات الجامعات لحسن الظاهر والباطن.. والحور العين.. والخيرات الحسان.. ما يملأ القلب سروراً ولذة وحبوراً.
وحوله من الخدم المؤبدين.. والولدان المخلدين.. ما به تحصل الراحة والطمأنينة.. وتتم لذة العيش.. وتكمل الغبطة.
وعلاوة على ذلك كله الفوز برؤية الرب الرحيم.. وسماع كلامه.. ولذة قربه.. والابتهاج برضاه.
فسبحان الملك الحق المبين.. الذي لا تنفد خزائنه.. ولا يقل خيره.. فكما لا نهاية لأوصافه.. فلا نهاية لبره وإحسانه وإكرامه.
* صفة ظلال الجنة:
ظلال الجنة ظليلة ممدودة.. لكنها لا تحمي من حر ولا شمس.. إذ لا حر ولا شمس هناك كما قال سبحانه: {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14)}... [الإنسان: 13، 14].
وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا (57)}... [النساء: 57].
وقال الله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35)} [الرعد: 35].
وقال الله تعالى: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30)} [الواقعة: 27 - 30].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً، يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ، لا يَقْطَعُهَا، وَاقْرَؤوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30)} [الواقعة:30]» متفق عليه
* أعظم نعيم الجنة:
النعيم في الجنة قسمان:
نعيم برؤية الخالق عزَّ وجلَّ.. وسماع كلامه.. وحلول رضوانه.. وهذا أعلى النعيمين.. وهو نعيم القلوب والأرواح.
والآخَرُ نعيم بالاستمتاع بما في الجنة من اللذات والشهوات، مما لا عين رأت.. ولا أذن سمعت.. ولا خطر على قلب بشر.. وهو نعيم الأبدان.
فسبحان من تفضل على عباده بهذا وهذا.
قال الله تعالى: {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)} [ق: 35].
وقال الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة: 22، 23].
وقال الله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23)} [المطففين: 22، 23].
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: «أنَّ نَاسًا قَالُوا لِرَسُولِ اللهِ (: يَا رَسُولَ اللهِ! هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ؟». قَالُوا: لا يَا رَسُولَ اللهِ!.
قال: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟» قَالُوا: لا، يَا رَسُولَ اللهِ!، قال: «فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ» متفق عليه
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا دَخَلَ أهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، قال يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: ألَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ ألَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قال: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ» أخرجه مسلم
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللهَ يَقُولُ لأهْلِ الْجَنَّةِ، يَا أهْلَ الْجَنَّةِ! فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ، رَبَّنَا! وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لا نَرْضَى؟ يَا رَبِّ! وَقَدْ أعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، فَيَقُولُ: ألا أعْطِيكُمْ أفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ! وَأيُّ شَيْءٍ أفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي، فَلا أسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أبَدًا» متفق عليه
مختارات