(وأبونا شيخ كبير)
كثير من المفسرين والمتدبرين يستنبطون من هذا الموضع من الآية عفة وحياء الفتاتين وأنهما اعتذرتا لنفسيهما من الخروج بهذا العذر.
ولا شك أنه معنى جميل يدل عليه ما وصف الله به الفتاتين في الآية من الاستحياء.
وهناك معنى آخر في الثناء على الفتاتين وهو أظهر في هذا الموضع خاصة من صفة الحياء وهو بر الوالد. أعني في قوله تعالى عنهما ( وأبونا شيخ كبير)
فإن موسى عليه السلام لم يسألهما عن سبب بروزهما وخروجهما بل السياق يدل على أنه سألهما:
لماذا يذودان غنمهما ويمنعانها من الورود للماء؟
فأجابتا بهذا الجواب البار الجميل:
(وأبونا شيخ كبير)
لأن قولهما: (لا نسقي حتى يصدر الرعاء)؛ دليل على ضعفهما وحيائهما من مزاحمة الرجال الأشداء؛
وهنا يأتي يأتي السؤال:
أين رجالكم؟ أين أبوكما؟
فأقاما العذر للوالد الشيخ الكبير،
وخافتا أن يظن به ظنا لا يليق به؛
فكأنهما قالتا:
لا تلمه ولا تعذله! فإنه والله بريء معذور من الملامة.
فإنه شيخ كبير.
ولو كان شابا قويا قادرا؛ ما تركنا ولا جعلنا نحتاج للخروج للرعي.
أبونا الآن شيخ كبير
كان يكفينا المؤونة في قوته وشبابه
كان يكفينا لفح الشمس والهجير
ما منعه الآن إلا الشيخوخة والكبر
(وأبونا شيخ كبير)
عند باب السوق ترى شيخا مسنا بالكاد يستطيع أن يوقف السيارة يريد أن يطيب خاطر عائلته بالتسوق والنزهة....
وددت لو أن الراكبين معه
وقفوا طويلا طويلا
يرددون
( وأبونا شيخ كبير)
كم من الآباء لا يستطيعون أن يحققوا كل آمال أولادهم وبناتهم مثل بقية الناس
لا ينقصهم الحب والرحمة والحنان
لكنه ( الكبر أو الضعف أو الشيخوخة والعجز أو الفقر والدين )
أظن أن هذا المعنى مع الحياء هو الذي أقبل بقلب نبي الله موسى إلى الفتاتين.
بر الوالد وحفظ الجميل والعذر والأدب
وهما في شدة تعب ذودهما ومعالجته
لو كانتا ستشتكيان لأحد لا شتكنا الآن
وهما في الهجير والحر ومعالجة أغنامهما
يسألهما رجل غريب!
لو سكتتا عن أبيهما ما عرفه!
لكنه البر والحب وجمال الروح وحفظ العهد والخلق النبيل
مختارات