إذا قال أذكار الصلاة وهو في الطريق أو في البيت هل تجزئ عنه؟
هل أذكار الصلاة محددة بوقت؟ بمعنى لو قلت الأذكار بعد وصولي للبيت أو جزء في المسجد والباقي في الطريق، هل هذا يكون جائزاً أم لا؟.
الجواب:
الحمد لله
السنة في أذكار الصلاة أنها تقال عقب الصلاة مباشرة بلا فصل طويل، سواء كان الفصل الطويل بصلاة السنة أو غيرها، ولا بأس أن يقولها بعد الخروج من المسجد وهو ذاهب إلى بيته، أو قال بعضها في المسجد وبعضها في الطريق، إذا كان ذلك عقب الصلاة مباشرة، إلا أن ذكرها في المسجد أولى وأفضل.
وقد أفادت الأحاديث الواردة في الأذكار التي تقال بعد الصلاة أنها تقال عقبها مباشرة، كقوله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة لم يحل بينه وبين دخول الجنة إلا الموت) رواه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (124).
وقول عقبة بن عامر رضي الله عنه: (أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات دبر كل صلاة) رواه أبو داود (1523) وصححه الألباني في " سنن أبي داود ".
وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة الأذكار التي تقال بعد الصلاة فقال: (تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً) رواه البخاري (843) ومسلم (595).
قال العيني رحمه الله:
" قوله: (دبر كل صلاة) أي: عقيب كل صلاة " انتهى.
" شرح سنن أبي داود " (5/416).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " مُقْتَضَى الْحَدِيث: أَنَّ الذِّكْر الْمَذْكُور يُقَال عِنْد الْفَرَاغ مِنْ الصَّلَاة، فَلَوْ تَأَخَّرَ ذَلِكَ عَنْ الْفِرَاغ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا بِحَيْثُ لَا يُعَدّ مُعْرِضًا أَوْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ مُتَشَاغِلًا بِمَا وَرَدَ أَيْضًا بَعْد الصَّلَاة كَآيَةِ الْكُرْسِيّ فَلَا يَضُرّ " انتهى.
وروى مسلم (596) عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مُعَقِّبَاتٌ لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ أَوْ فَاعِلُهُنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ: ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَسْبِيحَةً وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَحْمِيدَةً وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ تَكْبِيرَةً).
قال ابن الأثير رحمه الله في " النهاية " (3 / 526):
" سُمِّيت مُعَقِّباتٍ لأنَّها عادَتْ مرَّة بعد مرَّة، أو لأنَّها تقال عَقِيب الصَّلاة " انتهى.
وقال الشيخ الألباني رحمه الله:
" (معقبات) أي كلمات تقال عقب الصلاة، والمعقب ما جاء عقب ما قبله.
والحديث نص على أن هذا الذكر إنما يقال عقب الفريضة مباشرة، ومثله ما قبله من الأوراد وغيرها، سواء كانت الفريضة لها سنة بعدية أو لا، ومن قال من المذاهب بجعل ذلك عقب السنة فهو مع كونه لا نص لديه بذلك، فإنه مخالف لهذا الحديث وأمثاله مما هو نص في المسألة " انتهى.
" سلسلة الأحاديث الصحيحة " حديث رقم (102).
وقال في " كشاف القناع " (1/365):
" يُسَنُّ ذِكْرُ اللَّهِ وَالدُّعَاءُ وَالِاسْتِغْفَارُ عَقِب الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ كَمَا وَرَدَ فِي الْأَخْبَارِ. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي الشَّرْحِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمَا أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَلَوْ قَالَهُ بَعْد قِيَامِهِ وَفِي ذَهَابهِ فَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ مُصِيبٌ لِلسُّنَّةِ أَيْضًا، إذْ لَا تَحْجِيرَ فِي ذَلِكَ. وَلَوْ شُغِلَ عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ تَذَكَّرَهُ فَذَكَرَهُ، فَالظَّاهِرُ حُصُولُ أَجْرِهِ الْخَاصِّ لَهُ أَيْضًا إذَا كَانَ قَرِيبًا لِعُذْرٍ، أَمَّا لَوْ تَرَكَهُ عَمْدًا ثُمَّ اسْتَدْرَكَهُ بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ فَالظَّاهِرُ فَوَاتُ أَجْرِهِ الْخَاصِّ، وَبَقَاءِ أَجْرِ الذِّكْرِ الْمُطْلَقِ لَهُ " انتهى.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:
" دبر الصلاة يطلق على آخرها قبل السلام، ويطلق على ما بعد السلام مباشرة " انتهى.
" مجموع فتاوى ابن باز " (11/194).
وسئل رحمه الله: أذكار ما بعد السلام في الصلاة: هل يجب أن تكون بعد الصلاة المكتوبة مباشرة أم يمكنني أن أؤدي السنة البعدية ثم أداء تلك الأذكار؟.
فأجاب:
" السنة أن تأتي بالأذكار قبل السنة البعدية، تأتي بالأذكار ثم السنة الراتبة " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" إذا طال الفصل بين الصلاة والذكر فات محله، والطول عرفي [يعني: ليس له حد معين، وإنما يُرجع في تحديده إلى العرف]، أما إذا كان الفصل يسيراً ـ ومنه صلاة الجنازة ـ فلا يفوت " انتهى.
انتهى من شرح " عمدة الأحكام ".
وعلى هذا، فينبغي الإتيان بالأذكار عقب الصلاة مباشرة، سواء كان ذلك في المسجد أو بعد الخروج منه.
فإن حصل فاصل طويل فقد فاته الثواب الخاص المترتب على هذه الأذكار، ومع ذلك لا ينبغي له تركها، لأنه يثاب عليها الثواب على الذكر المطلق، الذي لم يقيد بكونه دبر الصلاة.
والله أعلم
مختارات