لا تثريب عليكم اليوم..
قال ابن تيمية رحمه الله (وَهَكَذَا الْحَسَدُ يَقَعُ كَثِيرًا بَيْنَ الْمُتَشَارِكِينَ فِي رِئَاسَةٍ أَوْ مَالٍ إذَا أَخَذَ بَعْضُهُمْ قِسْطًا مِنْ ذَلِكَ وَفَاتَ الْآخَرُ؛ وَيَكُونُ بَيْنَ النُّظَرَاءِ لِكَرَاهَةِ أَحَدِهِمَا أَنْ يُفَضَّلَ الْآخَرُ عَلَيْهِ كَحَسَدِ إخْوَةِ يُوسُفَ كَحَسَدِ ابْنَيْ آدَمَ أَحَدُهُمَا لِأَخِيهِ )
ونحن إذ ندعو أنفسنا والآخرين لمجاهدة الحسد لكننا في الوقت نفسه نقول لمن اختصه الله بعلم أو زيادة فضل في شيء أن يكون عنده رحمة لما يقع في قلوب أقرانه من ذلك لأنه بلاء قل من يسلم منه فلا ينتظر منهم الاحتفاء بما فضله الله به على الدوام وليغض الطرف عن بعض ما يفلت من سلوكهم أو كلامهم للحط منه وتغافلهم عن فضله. وليكون فطنا بمعاونتهم على مجاهدة أنفسهم وذلك بالإحسان إليهم وعدم إثارة حسدهم بإظهار فضله عليهم. وليثن ما استطاع على ما فيهم من خير. وليعلم أن ما يقع من فلتات قد يفلت قهرا بشهوة خفية بلا وعي منهم.
وهذه الرحمة بالأقران من شكر نعمة الله؛ فإن بعضهم يضخم هفوات أقرانه ويفضح زلاتهم ويشهر بدلائل حسدهم وهو إن كان مظلوما من وجه فقد يكون هو من وجه آخر حبيسا في شهوة خفية مقابلة حيث يتلذذ بذكر ذلك على سبيل السرور بفضله ورفعته وعلوه عليهم؛ وهذا مما يوقد نيران العداوة ويثير دفين الحسد؛ ولو أنه عالجهم بما عالج به يوسف إخوته من ستر عوراتهم وإسرار زلاتهم في نفسه مع التواضع لهم والإحسان إليهم لأضعف باعث الحسد فيهم. وما يلقاها إلا الذين صبروا
اللهم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
مختارات