تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية
صان الإسلام العرض صوناً كاملاً، وسدَّ كل المنافذ المؤدية إلى المحرمات والمنكرات ومنها النظر إلى المرأة الأجنبية، لأنه أطهر لقلب الناظر والمنظور إليه، وأحصن وأعفّ للنفس، لأن العين بريد الزنا، أي أن إطلاق العنان للعينين في النظر إلى ما تشاء من غير قيود وضوابط يؤدي إلى الوقوع في الزنا، فالعينين إذا ما استرسلتا في النظر لم تمل ولم تشبع حتى توقع صاحبها في الحرام، فكان الغض من البصر سبيلاً لمنع هذا الاسترسال أو الوقوع في شراك الفاحشة.. وهذا ما قرّرته الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة..
أما الآيات القرآنية: فمنها قول الله تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ(30)وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) [النور:30/31]، وفي هذه الآية يأمر الله تعالى كلاً من الرجل والمرأة بغض البصر عما حرّم الله تعالى النظر إليه، لأن النظر المحرم طريق يوصل وبالتأكيد للوقوع مستنقع الفواحش والمحرمات، ومنها أيضاً: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) [الإسراء:36]أي أن الله تعالى سيسأل العبد يوم القيامة عما تقترفه الحواس والقلب، ومنها قوله تعالى: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر:19]، أي أن الله تعالى يعلم النظرة الخائنة التي تتطلع إلى الحرم، وإن صاحبها لهو في قبضة الله تعالى وسيحاسبه على معصيته تلك.
وأما الأحاديث الشريفة فكثيرة منها: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إياكم والجلوس على الطرقات. فقالوا: ما لنا بد إنما هي مجالسنا نتحدث فيها. قال: فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها. قالوا: وما حق الطريق؟ قال: غض البصر وكف الأذى ورد السلام وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر). متفق عليه
وفي هذا الحديث تحذير واضح من الجلوس على قارعة الطريق أو الوقوف في الطريق من غير ما سبب أو حاجة داعية إلى ذلك، لأن هذا الفعل مظنة وسبيل إلى الوقوع في النظر المحرم.
وتيسيراً من الدين خفف الله تعالى عن الإنسان النظرة المفاجئة، روى مسلم عن جرير رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة، فقال: (اصرف بصرك) والفجاءة: أي البغتة المفاجئة من غير قصد لها وفيه تحذير من استمرار وإدامة النظر إلى المحرمات بعد النظرة الأولى.
وتحريم إرسال النظر يشمل الرجل والمرأة، لما رواه أبو داود والترمذي، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده ميمونة رضي الله عنها، فأقبل ابن أم مكتوم، وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (احتجبا منه) قلنا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أليس هو أعمى؟ لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه). فهذا الحديث الشريف يدل دلالة واضحة على اشتراك الرجل والمرأة في هذا الحكم.
* أهم المصادر والمراجع:
- فتح القدير: الإمام الشوكاني.
- خلق المسلم: عاشور الدمنهوري.
- الفقه الإسلامي وأدلته: د. وهبة الزحيلي.
- مختصر تفسير ابن كثير: الإمام ابن كثير.
- الآداب الشرعية: الإمام محمد بن مفلح.
مختارات