فكان ماذا؟
هذه من العبارات الأثيرة للإمام الذهبي -رحمه الله- في سِيَره، فكان يعلِّق بها مثلا على جرح وقع على بعض العلماء بسبب هفوة أو خطأ بقوله: (فكان ما ذا؟! فليس من شرط الثقةِ أن لا يغلط أبدًا) وقد وردت هذه العبارة في كلام معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.
ومن الظريف أن الأديب الشاعر النحوي مالك بن عبدالرحمن بن المرحَّل المالقي المشهور بـ"ابن المرحَّل" -وهو ناظم كتاب الفصيح لثعلب- وقع بينه وبين ابن أبي الربيع نزاعٌ في تصحيح العبارة، وكان ابن أبي الربيع هذا علامةً في معرفة اللغة متضلعا مليئا لا يَلحق به ابن المرَحَّل ولا يستطيع مجاراته أو مصاولته، فكان ابنُ أبي الربيع يرى المنع من تصحيح هذه العبارة وصنَّف في هذا المنعِ كتابا، فترك ابنُ المرحَّل الجدل العلمي معه ونظمَ أبياتا يُعَرِّضُ به، فقال:
عاب قومٌ "كان ماذا"
ليت شعري لمَ هذا؟!
وإذا عابوه جهلا
دون علمٍ "كانَ ماذا؟!"
فقال العلامة أبو حيان الأندلسي معلِّقا على هذه الأبيات:
وألسنُ الشعراء حدادٌ، وإلا فلا نسبةَ بين أبي الربيع وابن المرحَّل! فإنَّ ابن أبي الربيع ملأ الأرضَ نحوا!
مختارات