خلقه - صلى الله عليه وسلم - مع ربه في جانب الألوهية
الأخلاق في اللغة:{إِن هَذَا إِلَّا خُلُقُ الأَوَّلِينَ} (137) سورة الشعراء الخُلُق: السجية، وهو ما خلق عليه من الطبع.
الخُلُق: المروءة، جمعها أخلاق.
الأخلاق في الاصطلاح:
توحيد الألوهية:
وتوحيد الألوهية: هو. محاضرات في العقيدة والدَّعوة:للشيخ صالح الفوزان(1/43-44).
خُلُقه (صلّى الله عليه و سلم) في جانب الألوهية: تحقيق النَّبيِّ (صلى الله عليِ وسلم) للعبودية تحقيقاً كاملاً، بأدبه صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ مع ربه في جانب الألوهية. وليس المراد بهذا المعنى العام الشمولي، لأن ذلك يستوعب حياته كلها (صلى الله عليِ وسلم)، فقد كانت حركاته، وسكناته كلها لله، وفي سبيل الله-عَزَّ وجَلَّ-،فبذلك أُمر وعليه أُجر قال-تعالى- مُخاطباً نبيه، وحبيبه ومصطفا ه:
(162) سورة الأنعام. صحيح مسلم – كتاب صلاة المسافرين-باب الدعاء في صلاة الليل (1/534) برقم(771).
وتوحيد الألوهية هو الذي خلق اللهُ الخلقَ من أجلِهِ:وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعبُدُونِ {} (36) سورة النحل.
وهذا النوع هو الذي شُرع من أجله الجهاد كما قال تعالى: وَقَاتِلُوهُم حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلٌّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوا فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعمَلُونَ بَصِيرٌقَالُوا أَجِئتَنَا لِنَعبُدَ اللّهَ وَحدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعبُدُ آبَاؤُنَا
وهذا النوع هو الذي يهل به المُحرم بحجٍ، أو عمرة حين يُلبي (كلمتان يُسأل عنها الأولون والآخرون ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين).
قال ابن القيم - رحمه الله - في كتابه:\ " إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان\ " (1/84) في تعليقه على الأثر السابق: قال قتادة: كلمتان يُسأل عنها الأولون والآخرون... إلخ. فتبين من ذلك أنه ليس بحديثٍ،، بل هو من كلام قتادة السَّدوسي.
بعد هذه المقدمة السريعة تعال بنا أخي القارئ الكريم لنتأمل سوياً كيف حقق النَّبيٌّ(صلى الله عليِ وسلم)هذا الجانب مع خالقه ومولاه-سبحانه وتعالى-إنه ليس هُناك أدنى شك أن النَّبيّ (صلى الله عليِ وسلم) كان قدوةً، وإماماً، ومثالاً، فريداً في أدبه مع الله-عَزَّ وجَلَّ-وسيرته (عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ) حافلة بذلك وإليك مقتطفات، ونماذج من سيرته العطرة، تدلنا وتبين لنا كيف كانت علاقته، وخُلقه، وأدبه مع الله-عَزَّ وجَلَّ-في جميع جوانب حياته، ومن هذه الجوانب ما يلي:-
في جانب عبادته: الليل- حتى ترم قدماه (3/19) برقم (1130).
قلت: تأمل معي قليلاً في هذا الحديث، بل وفي هذه العبارة على وجه الخصوص، (أدبه الجم مع الله-عَزَّ وجَلَّ-.
2. وصفه نفسه بكونه عبداً شكوراً، وذلك تأدباً منه تجاه خالقه ومولاه.
وعن ابن مسعود-رَضِيَ اللهُ عَنهُ-،قال: \ " صليتُ مع النَّبيِّ(صلى الله عليِ وسلم)ليلةً فلم يزل قائماً حتى هممت بأمر سوءٍ،، قلنا: وما هممت؟ قال: هممت أن أقعد وأذر النَّبيَّ(صلى الله عليِ وسلم)\ ".البخاري – الفتح، كتاب التهجد-باب طول القيام في صلاة الليل (1/24) برقم 1135.
وما أحسن ما قاله ابن رواحة:وفينـا رسـولُ الله يتلو كتابه إذا انشقَ معروفٌ من الفجر ساطعُ
يبيت يجافي جنبه عن فراشـه إذا استثـقت بالمشركين المضاجع
حمايته جانب توحيد الألوهية، وتحذيره من الشرك وأهله:.أنه نهى عن الغلو في مدحه بما قد يُفضي إلى الغلو فيه و عبادته من دون الله كما وقع للنصارى في حق عيسى بن مريم،قال رَسُولُ اللهِ(صلى الله عليِ وسلم): (البخاري، الفتح-كتاب الأنبياء-باب قول الله تعالى (واذكر في الكتاب مريم) (6/541) برقم 3431
2.نهى عن الغلو في تعظيم قبور الصالحين وذلك بالبناء عليها، وإسراجها، وتجصيصها، والكتابة عليها º لأن هذا يُفضي إلى الغلو فيها و عبادتها، وطلب قضاء الحوائج من الموتى.
ويدل على ذلك حديث ابن عباس- رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قال: قال رسول الله(صلى الله عليِ وسلم): ( هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يُعبد ؟) قالوا: لا. قال: (رواه أبو داود،وصححه الألباني في صحيح أبي داود للألباني،برقم (2834).
4. نهى عن الألفاظ التي ظاهرها التسوية بين المخلوقين وبين الله كقول الناس (ما شاء الله وشئت) و (لولا الله وأنت) كل هذا تأدباً مع الله وصيانة للتوحيد، وسداً لمنافذ الشرك، وإبعاداً للأمة عن أن تقع فيما وقعت فيه الأمم قبلها من فساد العقائد والسلوك، وغيرهاأجعلتني لله نداً؟! بل ما شاء الله وحدهعن أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنهُ- أنَّ أعرابياً أتى النَّبيَّ(صلى الله عليِ وسلم)،فقال: دُلَّني على عملٍ، إذا عملته دخلت الجنة؟ قال: (من سره أن ينظر إلى رجلٍ، من أهل الجنة فلينظر إلى هذا)البخاري- الفتح – كتاب لزكاة-باب وجوب الزكاة (3/308) برقم (1397).
3. في جانب توبته واستغفاره:والله إني لأستغفرُ الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة) في اليوم والليلة (11/104) برقم 6307.
سبحان الله.. ما أعظم هذا النَّبيّ الكريم، وما أجمل شمائله وأخلاقه، وما أحسن كلامه وأحواله، تأمل معي:
كانالنَّبيٌّ(صلى الله عليِ وسلم) يُكثر من الدٌّعاء ويلح فيه ويتضرع لربه السميعالمجيب الجواد الكريم حتى أن أبا بكر الصديق-رَضِيَ اللهُ عَنهُ( ) ).(صلى الله عليِ وسلم)في ركوعِهِ: (صحيح مسلم-كتاب صلاة المسافرين وقصرها-باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه (1/534) برقم (771).اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت... إلخ) وتأمل أيضاً دعاء النَّبيِّ(صلى الله عليِ وسلم)وتذلله لله إذا قام من الليل يتهجد ويُناجي ربه قال:
عن جابر بن عبد الله -رَضِيَ اللهُ عَنهُ-،قال: غزونا مع رسول الله (صلى الله عليِ وسلم) غزوة قبل نجد فأدركنا رسول الله (صلى الله عليِ وسلم) في وادٍ، كثير العضاة (أي الشوك) فنزل رسول الله (صلى الله عليِ وسلم) تحت شجرة فعلق سيفه في بعض من أغصانها قال: وتفرق الناس في الوادي يستظلون وهو قائم على رأس فلم أشعر إلاّ والسيف صلتا في يده، فقال لي: من يمنعك مني؟ قال: قلت: الله، ثم قال في الثانية: من يمنعك مني: قال: ( اقرأ عليَّ القرآن) قال: فقلتُ يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أُنزل؟ قال: ( {}(41) سورة النساء
مختارات