الستر
الستر خُلقٌ شريفٌ نادر، ومن أدق صوره وأخفاها=سترُ العبد عملَه الصالحَ الذي وفقه الله إليه؛ والصبر عن بثه في الناس..فترى الواحدَ يمن فيستكثر، ويذكر العمل وُفِّق إليه أمام العالمين في غير ضرورة! وفي تعرية العمل وبثه في الناس بلا ضرورة شرعية=تعريضه لآفات الرياء والسمعة، وتلك مصيبةٌ عظيمة..
وهنالك ستر شريفٌ لا يقوم به إلا الأفذاذ ذوو المروءة، وهو ستر عيب من خالفك أنتَ، وحبْسُ اللسان عن تناول خُلقه، وهتك ستره، وكشف أمره؛ فإن في الناس صنفًا يحسب أن مفتاح استباحة أعراض الناس =مجرد مخالفتهم له، أو لمُعَظَّم عنده، ومن نظر أحوال الناس في الطلاق أو الشقاق شابت نواصي قلبه.
وبعضهم يطغى فيُطلق لسانه بالفِرى والطعنِ لا يطْرف له جفن، وما استكثر المسكين إلا من حظه من ردغة الخبال يطْعَمُها في الآخرةِ!
قال سيدي صلى الله عليه وسلم: " ومن قال في مؤمن ما ليسَ فيه، أسكنهُ اللهُ ردْغَةَ الخَبَال حتى يَخرُجَ مِمَّا قال "..
وردغة الخبال عصارة أهل النار..
والخُلقان (المن والأذى) فاشيان في هذه الجدران الزرقاء فشوًّا دالًّا على تآكل معالم الإنسان فينا، ونسيان مشهد الآخرة.
مختارات