خلق النبي - صلى الله عليه وسلم - مع ربه في جانب الأسماء والصفات
الأول: نفي المماثلºوذلك بأن لا يُجعلَ لله مثيلٌ في أسمائِهِ وصفاتِهِ،كما قال-تعالى-:{} الشورى: 11، راجع:القول المفيد على كتاب التوحيد: ص 12.
ويتفاضل العبادُ في درجات هذه المعرفةِ بحسب ما يعرفون من أسماءِ الله وصفاتِهِ،وبحسب ما يفتح الله لهم من رحمتِهِ،وكذا بحسب تأملاتهم في ملكوت السماوات والأرض،مُتعرِّفين بذلك على الخالقِ البارئِ وصفاتِهِ التي تظهرُ آثارُها في مخلوقاتِهِ،فدرجاتُهم فيها بحسب (الإجمالِ والتَّفصيلِ،والقوة والضعف، ودوام الحضور أو الغفلة،فليست المفصلة المستحضرة الثابتة التي يثبت الله صاحبها بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، كالمجملة التي غُفل عنها).2
ومن الناس: العالم البصير الذي يطالع في تفاصيل صنع الله - تعالى -حتى يرى ما يبهر عقله، فتزداد عظمة الله في قلبه، فيزداد حباً له.
وأكمل هؤلاء جميعاً أنبياء الله-عَزَّ وجَلَّ-الذين ينزل الوحي على قلوبهم، وقد زكت نفوسُهم،وفتح الله لهم مِن محامدِهِ،فعرفوا ربَّهم أكملَ معرفةٍ، وعبدوه أكملَ عبادةٍ،،ولهذا قال عنهم اللهُ-عَزَّ وجَلَّ-: (الأنعام: 90، وسيرهم العظيمة تزخر بشواهد المعرفة من عظيم محبة الإله،والتذلل،والخضوع له ودوام دعائه وذكره مما لا يتسع المقام لعرضه هنا.
وأكملهم على الإطلاق محمد (صلى اللهُ عليه وسلم)الذي اصطفاه اللهºليكون خاتم النبيين وخير الأولين والآخرين،وأنزل عليه أعظم كتاب عرَّف فيه نفسَهُ-عَزَّ وجَلَّ-،وقد قرر هو ذلك بقوله: ( بالله تعالى وشدة خشيته 4/1829) رقم (2356)، كما أنه(صلى اللهُ عليه وسلم)هو الذي دلنا على هذه المعرفة وبينها لنا أكمل بيان ودعانا إليها بعد أن ذاق حلاوتها،قال ابن تيمية: (ومعلوم أنَّ رسولَ اللهِ(صلى اللهُ عليه وسلم)أعلمُ من غيرِهِ بذلك،وأفصح من غيرِهِ عبارةً وبياناً،بل هو أعلمُ الخلقِ بذلك،وأنصحُ الخلقِ للأُمَّةِ،وأفصحهم،فقد اجتمع في حقِّهِ كمالُ العلمِ والقُدرةِ والإرادةِ3. تحقيق العبودية بمعرفة الأسماء والصفات (ص185- 187) رسالة ماجستير لفوز كردي.يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً إنه معكم سميع قريب، تبارك وتعالى جده)والذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلة أحدكم)إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب).
البخاري:كتاب التوحيد، باب قوله–تعالى-(قل هو القادر) (13/387)،رقم (7390).اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن
وكان يُسبِّحُ ربَّهُ-عَزَّ وجَلَّ-قائلاً: (6وإذا ضاقت الدنيا واشتد الكرب قال: (7
فلسانه أبداً رطب بذكر الله-عَزَّ وجَلَّ-،يردد قبل النوم تمجيداً وابتهالاً: () مسلم: كتاب الذكر والدعاء باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع (4/2084) رقم (2713).
ورسول اللهفي ذلك كله ينهج نهج القرآن الكريم في الإثبات المفصل والنفي المجمل والذي هو منهج رسل الله جميعاً في الإخبار عن الله-عَزَّ وجَلَّ-قال ابن تيمية: (وطريق الرسل – صلوات الله عليهم- إثبات صفات الكمال لله على وجه التفصيل ونفي مجمل) مجموع الفتاوى (6/515).
والمتأمل في سيرته(صلى اللهُ عليه وسلم)يجده في كل أحواله مُتوجَّهاً لله-عَزَّ وجَلَّ-بالدعاء والثناء والحمد والشكر، ناسباً له كل فضل، ملتجئاً إليه راجياً رحمته ومستجيراً من عذابه، فمن تعرف على سيرته العظيمة فإنه يتعرف من خلالها على ما كان يثبته لربه-سبحانه وتعالى-الذي هو أعرف الخلق به.
تحقيق العبودية بمعرفة الأسماء والصفات ص228-231،بتصرف يسير.
مختارات