اما شاكر واما مبدل فمن انت ؟
(وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) سورة البقرة: 211
لما قرأت هذه الآية نظرت إلى أحوالي وأعمالي فمس قلبي خوف وفزع شديد فرقا من أن أكون من أهلها أو ممن يدخل تحتها بوجه من الوجوه، فعدت إلى نفسي متسائلا:
كيف يبدل الإنسان نعمة الله؟
فأجابتني بأن تبديل نعمة الله يكون بترك شكرها، وعدم القيام بحقوقها واستخدامها في معصية المنعم بها
فلم انشغل بكون الكفار هم المقصودون بها قصدا أوليا بها بل انشغلت بحالي ، ورأيت نفسي في مرآة هذه الآية مقصرا في حق ربي ومبدلا لبعض نعمه علي.
فتجلت أمام ناظري مجموعة من نعم الله فوجدت نفسي مقصرا في شكرها، عاصيا لربي بها
تجلت لي عيني التي أمدها الله بالبصر لتبصر آياته وتتفكر في مخلوقاته في أرضه وسماواته فوجدتني قد استبدلت ذلك بالنظر بها إلى ما حرم الله
وتجلى لي لساني الذي خلقه الله ليسبح ويذكر ويشكر ويتكلم بما يرضيه فرأيته قد استبدل ذلك بالغيبة والنميمة والفاحش من القول
وتجلى لي سمعي الذي خلقه الله ليسمع ما يقربه منه فرأيته قد استبدل ذلك بالاستماع إلى ما حرمه الله
ثم تأملت في ختام الآية فرأيت أن الله سبحانه توعد المبدلين بوعيد شديد رهيب وهو أنه سبحانه شديد العقاب لكل من بدل نعمه، فعرفت أن لا طاقة لي بعقابه وأن لا صبر لي على عذابه، فجاهدت نفسي على أن أقوم نفسي وجوارحي بتلك الآية عسى أن أنال شرف الخروج من دائرة المبدلين لنعم الله، وهو والله شرف لو أدركه الإنسان لكان جامعا بين الحسنيين: بين النجاة من عقوبة الله للمبدلين وبين رجائه لثواب الشاكرين.
مختارات