اسم الله الكريم 1
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى : ( الكريم ) :
أيها الأخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى والاسم اليوم " الكريم " .
ورود اسم الكريم في القرآن الكريم :
سمّى الله جلّ جلاله ذاته العلية باسم " الكريم " حيث ورد هذا الاسم في كثير من نصوص القرآن الكريم ، ومن نصوص السنة النبوية الصحيحة ، كما في قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ " [الانفطار:6-7] .
عدم نجاح الخطاب الديني إلا إذا اتجه إلى قلب الإنسان وعقله معاً :
من أدق هذه الآيات أن الله في آية واحدة خاطب قلب الإنسان وعقله ، ولا ينجح الخطاب الديني إلا إذا اتجه إلى قلب الإنسان وإلى عقله معاً ، فالإنسان عقل يدرك ، وقلب يحب ، وجسم يتحرك ، غذاء العقل العلم ، وغذاء القلب الحب ، وغذاء الجسم الطعام والشراب ، فإذا لُبيت حاجات الإنسان كلها تفوق ، أما إذا لبى حاجة ولم يلبِ الأخرى تطرف وفرق كبير بين التفوق وبين التطرف .
" يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ " يتجه إلى قلبه " الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ " .
" لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ " [التين:4] .
" صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ " [النمل:88] .
اقتران اسم الكريم باسم الغني :
أيها الأخوة ، اقترن اسم " الكريم " باسم الغني ، في قوله تعالى : " وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ " [النمل:40] .
في عالم البشر قد تجد الغني شحيحاً ، الغني بخيلاً ، يمسك ، الآية الكريمة :
" إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً " [المعارج:19-21] لا ينفق ، لكن الله جل جلاله غني كريم ، قد تجد إنساناً كريماً لكنه فقير ، وقد تجد إنساناً غنياً لكنه بخيل ، فأن يجتمع الغنى مع الكرم هذا من أرقى الصفات " وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ " .
ورود اسم الكريم في السنة النبوية الشريفة :
هذا في القرآن فماذا في السنة ؟ من حديث علي رضي الله عنه أنه قال : " قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا علي ألا أعلمك كلمات إن قلتهن غفر الله لك ، قال قل : لا إله إلا الله العلي العظيم ، لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله سبحان الله رب العرش العظيم " [الترمذي] .
و : " إن ربكم تبارك وتعالى حييّ كريم يستحي أن يرفع العبد يديه فيردهما صفراً " [ الطبراني في الكبير من حديث ابن عمر مرفوعاً] .
الدعاء مخ العبادة :
لذلك قال تعالى : " قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً " [الفرقان:77] الدعاء هو العبادة ، الدعاء مخ العبادة ، لأن الذي يدعو الله عز وجل مؤمن بوجوه ، ومؤمن بأنه يسمعه ، ومؤمن بأنه قدير على إجابته ، ومؤمن بأنه يحبه ، فإذا آمنت أن الله موجود ، وسميع عليم ، وعلى كل شيء قدير ، وأنه أرحم الراحمين ، فهذا أعلى درجات الإيمان .
لذلك إن الله يحب الملحين بالدعاء ، إن الله يحب من عبده أن يسأله شسع نعله إذا انقطع ، إن الله يحب من عبده أن يسأله ملح طعامه ، إن الله يحب من عبده أن يسأله حاجته كلها .
الدعاء هو العبادة ، وإذا قال الله عز وجل : " الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ " [المعارج:23] ، " دَائِمُونَ " بالدعاء ، فالدعاء الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة أن تدعو به ليلة القدر : " اللهم إنك عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُ الْعَفْوَ فاعْفُ عَنِّي يا كَريّم " [الترمذي] .
من أكثر الأدعية التي كان النبي عليه الصلاة والسلام يدعو بها .
" اللهم إنك عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُ الْعَفْوَ فاعْفُ عَنِّي يا كَريّم " [الترمذي] .
هذه النصوص التي وردت في القرآن والسنة ، وقد جاء بها اسم " الكريم " .
الكريم في اللغة : أيها الأخوة ، على المستوى اللغوي " الكريم " صفة مشبهة باسم الفاعل ، لمن اتصف بالكرم ، من اتصف بالكرم يسمى كريماً ، والكرم نقيض اللؤم ، لعل فضائل كثيرة جمعت في الكرم ، ولعل نقائص كثيرة جمعت في اللؤم ، الكرم نقيض اللؤم ، في اللغة يكون الكرم في الرجل ، ويكون الكرم في الخيل ، وفي الإبل ، وفي الشجر ، وغيرها .
الفعل كرُم الرجل كرماً وكرامة ، كرُم ، كرماً ، وكرامة ، فهو كريم ، والمرأة كريمة ، كريمة فلان ابنته وجمع الكريم كرماء .
والكريم في اللغة هو الشيء الحسن ، أحجار كريمة ، الشيء النفيس ، الشيء الواسع ، الإنسان السخي ، والفرق بين الكريم وبين السخي أن الكريم كثير الإحسان من دون سؤال ، وأن السخي كثير الإحسان عند السؤال ، السخي إذا سُئل ، أما الكريم أرقى من السخي ، يعطي قبل أن يسأل .
والكرم السعة ، والعظمة ، والشرف ، والعزة ، والسخاء عند العطاء .
الناس رجلان : " الْمؤمِنُ غِرّ كريم ، والفاجر خَبّ لئيم " [الترمذي] .
المؤمن على الفطرة ، نفسه طاهرة ، يصدق ما يقال له ، يحسن الظن بالآخرين ، غرّ ، كريم هذه صفة مدح ، والفاجر خَبٌ ، وهناك ضبط آخر خِبٌ لئيم .
" الْمؤمِنُ غِرّ كريم ، والفاجر خَبّ لئيم " [الترمذي] .
لكن أروع ما قال سيدنا عمر عن نفسه قال : " لست بالخِب ولا الخُِب يخدعني " .
يعني لست من السذاجة بحيث أُخدع ، ولا من الخبث بحيث أًخدع ، لا أُخدع ولا أًخدع ، كلام دقيق .
شخص وجد لوزة في موسم الحج أثناء الطواف ، فملأ من حوله صياحاً ، من صاحب هذه اللوزة ، فكان سيدنا عمر أمامه ، غضب وقال : كلها يا صاحب الورع الكاذب كلها وخلصنا .
إنسان سأل سيدنا علي ، قال له : بمَ انصاع الناس بأبي بكر وعمر ، ولم ينصاعوا لك ؟ يريد أن يقلل من شأنه ، قال له : لأن أصحابهم أمثالي ، وأصحابي أمثالك .
" لست بالخِب ولا الخِبُ يخدعني " .
لست من الخبث بحيث أَخدع ، ولا من السذاجة بحيث أُخدع ، هذا الموقف الكامل هذا في اللغة .
من معاني الكريم :
1 – الله عـز وجـل واسـع بذاتـه وصفاتـه وأفعالـه : أمـا إذا قلنـا الله كريـم موضـوع آخـر ، الله سبحانـه وتعالـى هـو " الكريم " الواسع بذاته ، وصفاته، وأفعاله .
لأنكم كما تعلمون هناك أسماء ذات ، وأسماء صفات ، وأسماء أفعال ، من سعته أنه : " وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ " [البقرة:255] .
والسماوات والأرض مصطلح قرآني يعني الكون ، والكون ما سوى الله ، قال تعالى : " وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ " [البقرة:255] .
2 ـ الذي له المجد والعزة ، والرفعة والعظمة ، والعلو والكمال : وصف عرشه بأنه كريم ، فقال تعالى : " فَتَعَالَــى اللَّهُ الْمَلِـكُ الْحَـقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَـرْشِ الْكَرِيـمِ " [المؤمنون:116] وهـو " الكريم " الذي له المجد والعزة " الكريم " عزيز الذي له المجد والعزة ، والرفعة والعظمة ، والعلو والكمال ، فلا سميّ له ، معنى سميّ : مثلاً فلان سميّ فلان ، أي اسم فلان كاسم فلان ، أو السميّ هو الند، المثيل ، الله عز وجل لا سميّ له ، لا ند له ، لا شريك له ، لا مثيل له ، كما قال رب السماوات والأرض : " رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً " [مريم:65] هل تعلم له مثيلاً ، مشابهاً ؟ .
مفهومات العبادة : " وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ " والعبادة كما تعلمون هي طاعة طوعية ، ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها معرفة يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية ، بل إن العبادة علة وجودنا قوله تعالى : " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " [الذاريات:56] .
1 – عبادةُ الهوية :
هناك عبادة الهوية ، من أنت ؟ أنت غني ؟ عبادتك الأولى إنفاق المال ، من أنت ؟ أنت قوي ؟ عبادتك الأولى إحقاق الحق ، وإنصاف المظلوم ، من أنت ؟ أنت عالم ؟ عبادتك الأولى تعليم العلم .
" الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ " [الأحزاب:39] من أنتِ ؟ أنتِ امرأة ؟ العبادة الأولى رعاية الزوج والأولاد .
" انصرفي أيتها المرأة ، وأعلمي من وراءك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله ـ أي يعدل الجهاد في سبيل الله " [أخرجه ابن عساكر وأخرجه البيهقى] هذه عبادة الهوية .
2 ـ عبادة الظرف :
وهناك عبادة الظرف ، عندك أب مريض ؟ العبادة الأولى رعايته ، عندك ضيف ؟ العبادة الأولى إكرامه ، عندك ابن عنده امتحان ؟ العبادة الأولى تهيئة جو مناسب لدراسته .
3 – عبادةُ الوقت :
عناد عبادة الوقت ، وقت الفجر وقت عبادة ، وقت صلاة ، وقت قرآن ، وقت طاعة ، في النهار وقت عمل .
رأى النبي الكريم شاباً يتعبد الله في وقت العمل ، سأله من يطعمك ؟ قال : أخي قال : أخوك أعبد منك ، إن لله عملاً في الليل لا يقبله في النهار ، وإن لله عملاً في النهار لا يقبله في الليل .
فلذلك : " ولو علموا ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً " [البخاري] .
" من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي ، ومن صلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح " [ورد في الأثر] .
3 ـ الذي كرم الإنسان عندما حمل الأمانة :
" الكريم " هو الذي كرّم الإنسان عندما حمل الأمانة " الكريم " الذي كرمه وشرفه ، واستخلفه في الأرض ، واستأمنه في ملكه ، وفضله على كثير من خلقه ، قال تعالى : " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ " [الإسراء:70] .
لأنه قَبِل حمل الأمانة : " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً " [الإسراء:70] .
الإنسان هو المخلوق الأول رتبة :
بالمناسبة أيها الأخوة ، الإنسان هو المخلوق الأول رتبة ، لقوله تعالى : " إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ " [الأحزاب:72] .
والإنسان هو المخلوق المكرم " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً " .
والإنسان هو المخلوق المكلف " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " مخلوق أول ، ومخلوق مكلف ، ومخلوق مكرم ، ومن عرف نفسه عرف ربه .
4 ـ الذي بشر عباده المؤمنين بالأجر الكريم الواسع والمغفرة الواسعة :
و " الكريم " هو الذي بشر عباده المؤمنين بالأجر الكريم الواسع ، والمغفرة الواسعة .
" إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ " [النجم:32] .
الرزق الواسع : " وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ " [الأعراف:96] .
" وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً " [الجن:16] لذلك قد يحرم المرء بعض الرزق بالمعصية ، وأنا أقول كلما قلّ ماء الحياء قلّ ماء السماء ، وكلما رخص لحم النساء غلى لحم الضأن .
إذاً " الكريم " هو الذي بشر عباده المؤمنين بالأجر الكريم الواسع ، والمغفرة الواسعة والرزق الواسع ، قال تعالى : " أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ " [الأنفال:4] في رزق حلال، تكسب المال وأنت مطمئن ، وتنفقه وأنت مطمئن .
5 ـ الجواد المعطي الذي لا ينفذ عطاؤه ولا ينقطع سخاؤه :
و " الكريم " هو الجواد المعطي ، الذي لا ينفذ عطاؤه ، ولا ينقطع سخاؤه ، الذي يعطي ما يشاء لمن يشاء ، إذا أعطى أدهش ، وكيف يشاء ، بسؤال وبغير سؤال ، هو الذي لا يمنّ إذا أعطى ، فيكبر العطية بالمن .
لذلك الإنسان أحياناً يتمنى العطاء من الله مباشرة ، الإنسان أحياناً إذا أعطاك من حين لآخر يذكرك ، إن شاء الله هذا البيت مرتاح فيه ؟ إذا قدم لك هدية ، على الاستعمال جيدة إن شاء الله ؟ دائماً الإنسان يمن ، الله عز وجل كريم من دون أن يمن على المعطي .
هو سبحانه يعفو عن الذنوب ، لأنه كريم ، ويستر العيوب ، ويجازي المؤمنين بفضله ، ويجازي المعرضين بعدله .
6 ـ الكريم الذي يكرم :
و " الكريم " هو الذي يكرم ، كريم أي يكرم ، فعند البخاري من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه أن أم العلاء رضي الله عنها قالت عند موت عثمان بن مظعون قالت : " رحمة الله عليك أبا السائب ، فشهادتي عليك : لقد أكرمك الله ـ هذا كلام قالته لزوجها بحضرة النبي ، فلو سكت النبي لكان كلامها صحيحاً ، لأن سنة النبي الكريم أقواله ، وأفعاله ، وإقراره ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وما يدريك أن الله أكرمَهُ ؟ ـ هذا سماه العلماء تألٍ على الله ـ فقلت : بأبي أنت وأُمِّي يا رسول الله ، فمن يكرمه الله ؟ فقال : أمّا هو فقد جاءه اليقين ـ كلام علمي ـ أمّا هو فقد جاءه اليقين والله إِني لأرجو له الخير " .
كل إنسان من الأدب مع الله عز وجل ألا يحكم حكماً جازماً :
قل أرجو ، لا تقل لقد أكرمك الله ، من أنت حتى تحكم حكماً جازماً على المستقبل .
" والله ما أدري - وأنا رسول الله - ما يُفعَلُ بي ولا بكم " [البخاري] .
هذا الأدب ، نحن على الرجاء نرجو رحمة الله ، لكن قطعاً فلان من أهل الجنة من أنت ؟ فقالت بعد كلام النبي : " فوالله لا أُزَكِّي أحداً بعده أبداً " [البخاري] .
سيدنا الصديق لما استخلف سيدنا عمر لامه بعض أصحابه أنه شديد قال : أتخوفونني بالله ؟ لو أن الله سألني يوم القيامة لمَ وليته ؟ أقول يا رب وليت عليهم أرحمهم ، هذا علمي به ، فإن بدل وغير فلا علم لي بالغيب ، في أدب ، قل والله أعلم ، قل أظنه صالحاً ولا أزكي على الله أحداً ، هذا كلام المؤمن .
من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يدعو به إذا دخل المسجد يقول : " أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم ، وسُلطَانِهِ القديم ، من الشيطان الرجيم قال : قد قلتَ ؟ قال : نعم ، قال : فإذا قال ذلك قال الشيطان : حُفِظَ مني سائرَ اليوم " [أبو داود] .
وسمع أحد الصحابة الكرام النبي الكريم يدعو لأحد أصحابه الذي توفاه الله قال : " اللهم اغفِر له وارْحَمْه ، وعافِهِ واعفُ عنه ، وأكْرِم نُزُلَهُ ، ووسِّعْ مَدْخَلَه " [مسلم] .
أحد علماء دمشق قبل حين أين توفي ؟ وهو في المسجد يستمع إلى خطبة الجمعة .
" وعافِهِ واعفُ عنه ، وأكْرِم نُزُلَهُ ، ووسِّعْ مَدْخَلَه ، واغسله بالماء والثلج والبَرَد ، ونَقِّه من الخَطَايا كما يُنَقَّي الثَّوبُ الأبْيَضُ من الدَّنَس " [مسلم] .
أي عمل صالح تجاه أي مخلوق يعد قرضاً لله عز وجل :
الآن أي عمل صالح تجاه أي مخلوق ، بشر أو غير بشر ، تجاه أي حيوان ، تجاه النبات ، أي عمل صالح تجاه أي مخلوق يعد قرضاً لله عز وجل ، الله عز وجل يقول : " مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ " [الحديد:11] .
لذلك ننتهي من القسم الأول من اسم " الكريم " بأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ " [ابن ماجه] .