اسم الله الغفار 2
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى : ( الغفار ) :
أيها الأخوة الكرام ، لا زلنا في اسم " الغفار " .
فاعل الخير خير من الخير وفاعل الشر شرّ من الشر :
حقيقة دقيقة وردت في قول للإمام علي رضي الله عنه هذه الحقيقة : فاعل الخير خير من الخير ، وفاعل الشر شر من الشر .
أي أعظم عمل خيري في الدنيا ، أنشأ بكل مدينة مستشفى ، ويعالج فيها المرضى مجاناً ، لكن هذا العمل الخيري العظيم ينتهي عند قيام الساعة ، ويبقى صاحبه في جنة عرضها السماوات والأرض إلى أبد الآبدين ، العمل مهما يكون كبيراً انتهى ، وبقيت جنة عرضها السماوات والأرض لفاعل هذا الخير ، إلى أبد الآبدين .
وأعظم عمل شرير ، قرار بإلقاء قنبلة على هيروشيما ، ثلاثمئة ألف إنسان ماتوا في ثوانٍ معدودة ، وعند قيام الساعة هذا العمل الشرير انتهى ، لأن هؤلاء الذين ماتوا بهذه القنبلة لو لم يموتوا بها لماتوا حتف أنوفهم ، هذا العمل الشرير انتهى ، حرب عالمية ثانية خلّفت خمسين مليون قتيل ، عند قيام الساعة هذا الشر انتهى ، ويبقى الذي أمر بإلقاء هذه القنبلة إلى أبد الآبدين في النار ، ففاعل الخير خير من الخير ، وفاعل الشر شر من الشر .
لذلك الله عز وجل وصف الشرير في القرآن بأنه ظالم لنفسه ووصفه أيضاً بأنه ظلوم ووصفه أيضاً بأنه ظلام .
ظالم ، وظلوم ، وظلام ، من أسماء الله الحسنى الغافر والغفور والغفار ، ظالم ، وظلوم ، وظلام ، غافر ، وغفور ، وغفار .
أدب النبي عليه الصلاة والسلام :
أيها الأخوة ، روي من حديث عبد الله بن بُسر ، قال : " نزلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبِي ، فَقَرَّبْنا إليه طعاماً ورُطَبَة ـ قال هو طعام يتخذ من التمر ـ فأكل منها ، ثم أُتِيَ بتمْر " [مسلم] .
الآن دققوا ، الوصف دقيق جداً ، النبي عليه الصلاة والسلام وضع أمامه طبق تمر ، أمسك تمرة وأكلها ، ماذا ينبغي أن يفعل ؟ أن يأخذ النواة ، لو أخذ النواة بإصبعيه وضع التمرة على الخوان ، وأمسك تمرة ثانية ليأكلها ، فإذا بها قاسية ، تركها وأخذ غيرها ما الذي حصل ؟ انتقل لعابه الشريف إلى تمرة لم يأكلها ، فكان عليه الصلاة والسلام إذا أكل التمر وضع النواة على ظاهر إصبعيه ، يجمع أصابعه الثلاثة يضع النواة هنا لتبقى باطن إصبعيه جافة ، أرأيت إلى دقة ما بعدها دقة ؟! أرأيت إلى رقي ما بعده رقي ؟! أرأيت إلى مستوى بالتعبير المعاصر حضاري ؟! ما كان يلتقط النواة بباطن إصبعيه ، لأنه لو فعل هذا لنقل لعابه إلى تمرة لم يأكلها ، فكان يضع النواة هنا ويضعها على الخوان ، فهذا معنى الحديث .
" فَقَرَّبْنا إليه طعاماً ورُطَبَة ـ والرطبة طعام يتخذ من التمر ـ فأكل منها ، ثم أُتِيَ بتمْر ، فكان يأكله ، ويُلْقِي النَّوَى بين إصبعيه ، ويجمعُ السَّبابةَ والوُسْطَى ، ثم أُتِيَ بشراب فشربه ، ثم ناوله الذي عن يمينه ، فقال أبي وأخَذَ بِلِجَام دَابَّتِه : ادْعُ الله لنا ـ هنا الشاهد ـ فقال : اللهم باركْ لهم فيما رَزَقْتَهُم ، واغْفِر لهم وارْحَمْهم " [مسلم] .
من بارك الله له في رزقه كفاه رزقه ولو كان قليلاً :
سبحان الله ! الآلة الحاسبة فيها أزرار كثيرة ، من واحد إلى عشرة ، وفيها ذاكرة ، وفيها جذر ، وفيها نسبة ، وفيها جمع ، وفيها طرح ، وفيها ضرب ، وفيها تقسيم ، لكن لا يوجد زر للبركة ، البركة في القرآن الكريم ، أحياناً الله عز وجل يبارك لك برزقك ، الرزق محدود لكن يغطي كل حاجاتك ، يعفيك الله من آلاف المصائب التي تحتاج إلى مبالغ كبير ، سماه العلماء الرزق السلبي .
لذلك : " اللهم باركْ لهم فيما رَزَقْتَهُم ، واغْفِر لهم وارْحَمْهم " .
وروى أبو داود من حديث عبد الله بن عمر أنه قال : " كلماتٌ لا يَتَكلَّمُ بِهنَّ أحدٌ في مجلسهِ ، عند قيامِه ثلاثَ مرَّاتٍ إلا كُفرَ بِهِنَّ عنه ولا يقُولهُنَّ في مجلسِ خيرٍ ، ومجلسِ ذِكْرٍ إلا خُتِمَ له بهنَّ عليه ، كما يُخْتَمُ بالخاتم على الصحيفة : سبحانك اللَّهمَّ وبِحَمدِكَ ، لا إلهَ إلا أنت ، أستغفِرُكَ وأتوبُ إليك " [أبو داود] .
في كل مجلس مهما يكن نوعه ، مهما يكن الحديث فيه ، أنهِ المجلس بهذا الدعاء :
" سبحانك اللَّهمَّ وبِحَمدِكَ ، لا إلهَ إلا أنت ، أستغفِرُكَ ـ الله غفار ـ وأتوبُ إليك " .
الحوار أسلوب حضاري وأخلاقي وديني :
أيها الأخوة ، الآن كل الناس يقولون بالحوار ، حوار ، حوار ، حوار الحضارات ، مع أي خصومة هناك حوار ، دققوا في فعل النبي عليه الصلاة والسلام : " يا رسول الله ، ائذن لي بالزنا ، فأقبل القوم عليه فزجروه ، وقالوا : مهْ مَهْ . فقال : " ادنه " فدنا منه قريبًا فقال اجلس . فجلس ، قال : " أتحبه لأمك ؟ " ـ حوار ـ قال : لا والله ، جعلني الله فداك . قال : " ولا الناس يحبونه لأمهاتهم " قال : " أفتحبه لابنتك " ؟ قال : لا والله يا رسول الله ، جعلني الله فداك . قال : " ولا الناس يحبونه لبناتهم " قال : " أتحبه لأختك " ؟ قال : لا والله ، جعلني الله فداك . قال : " ولا الناس يحبونه لأخواتهم " قال : " أفتحبه لعمتك " ؟ قال : لا والله جعلني الله فداك . قال : " ولا الناس يحبونه لعماتهم " قال : " أفتحبه لخالتك " ؟ قال : لا والله ، جعلني الله فداك . قال : " ولا الناس يحبونه لخالاتهم " [أحمد] .
هذا الحوار ، حاور الآخر ، حاور ابنك ، حاور شريكك ، حاور جارك ، حاور زوجتك ، بلا قمع ، بلا سُباب ، بلا شتائم ، بلا ضرب ، حاورهم ، شاب طلبَ طلباً فيه وقاحة ، لكن النبي استوعبه ، وحاوره .
قال فوضع يده عليه ، وقال : " اللهم اغفر ذنبه ، وطهر قلبه ، وحصن فرجه " قال : فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء .
أنت أب ، أنت معلم ، أنت مدير مستشفى ، مدير جامعة ، مدير مؤسسة بمنصب قيادي ، صاحب شركة ، هؤلاء الذين حولك بدل أن تقمعهم ، وأن تعفنهم ، حاورهم ، لذلك : " علموا ولا تعنفوا " [أخرجه الحارث] .
عامل الناس كما تحب أن يعاملوك :
إخواننا الكرام ، هناك قول مستنبط من أحاديث رسول الله ، بمجموعها ، هذا القول : عامل الناس كما تحب أن يعاملوك ، أنت الآن تعامل زوجة ابنك معاملة لا ترضاها لابنتك لو كانت في بيت حماها ، إذاً أنت عنصري ، ما معنى عنصري ؟ كلمة عنصري تبدأ من زوج ، وتنتهي بحق الفيتو ، حق الفيتو عنصري ، عنصرية صارخة ، لماذا الخمس دول إذا قالوا القرار لا يلغى ؟ لا يلغى ، لماذا ؟ .
فالعنصري يرى لنفسه ما ليس للآخرين ، لمجرد أن تسخر من أم زوجتك ، وإن تكلمت كلمة عن أمك تقيم عليها الدنيا ، أنت عنصري ، لمجرد أن تعامل مواطن معاملة لا ترضاها لو كنت مكانه ، عنصري ، بالتجارة ، بالصناعة ، بالزراعة ، بأي مجال بالحياة حينما ترى لنفسك ما ليس لغيرك ، وحينما ترى على غيرك ما ليس عليك أنت عنصري بدءاً من مواطن ، من زوج ، وانتهاءًا بمجلس أمن ، بالنهاية بشر جميعاً إما أنهم إنسانيون ، وإما أنهم عنصريون حاسب نفسك قبل أن تحاسب الناس .
يقول لك هذا انتحاري ، قتلت له والده، وأمه ، وهدمت بيته ، جردت له بستانه ، هدمت له بئره ، صار ثمنه رصاصة ، أراد أن يموت ومعه خمسة ، يريد أن ينتقم ، تقول لي انتحاري ، تقول لي فدائي ، وضعته في ظرف صعب مهما فعل معذور ، أوصلت الناس إلى أن يكونوا عنيفين ، في حمق بالعالم ، 10 % من سكان الأرض من دول الشمال يتمتعون بتسعين بالمئة من ثروات الأرض ، الذي سافر للغرب يرى بذخاً يفوق حدّ الخيال ، لوحة بحجم ورقة بـ58 مليون دولار ، تحل مشاكل أمة ، بذخ ، إنفاق ، الآن مشكلة العالم أن غذاء الفقراء صار وقوداً للطائرات ، الذرة ، فول الصويا ، المواد الغذائية الأساسية ، لذلك الأسعار ارتفعت عشرة أضعاف ، حتى الأغنياء يركب طائرة من دون تلوث ، يتمتع بالطائرة حرم ملايين الغذاء ، يقول لماذا يوجد عنف ؟ لماذا يوجد إرهاب بالأرض ؟ في حمق .
من كان إنسانياً أحبه الناس والتفوا حوله :
لا تتوهم في نفسك حق لا تمنحه لغيرك ، ولا تتوهم أن على غيرك واجب لا تلزم به نفسك .
سيدنا ربيعة خدم رسول الله سبعة أيام ، قال له : سلني حاجتك ، رأى خدمة ربيعة ديناً عليه ، ما رآها حقاً له ، وهو سيد الخلق وحبيب الحق ، لما تكون إنساني يحبك الناس ، ويلتفون حولك .
أراد النبي مع أصحابه أن يعالجوا شاة في سفر ، قال أحدهم : عليّ ذبحها ، وقال الثاني : عليّ سلخها ، وقال الثالث : وعليّ طبخها ، وقال عليه الصلاة والسلام : وعليّ جمع الحطب ، قال : نكفيك يا رسول الله ! قال : أعرف أنكم تكفونني ، ولكن الله يكره أن يرى عبده متميزاً على أقرانه .
دخل أعرابي على النبي الكريم ، قال : أيكم محمد ؟ ما له عرش ؟ ما له كرسي فخم جداً ؟ لا يوجد ثياب ألوانها صارخة ؟ واحد من أصحابه ، قال له أنا .
في معركة بدر ، ثلاثمئة راحلة وألف صحابي ، قائد الجيش رسول الله ، زعيم الأمة رسول الله ، رئيس الدولة رسول الله ، قال : كل ثلاثة على راحلة ـ أمر ـ وأنا قائد الجيش ، وعلي ، وأبو لبابة على راحلة ، ركب الناقة فلما جاء دوره في المشي توسلا صاحباه أن يبقى راكباً ، قال ما أنتما بأقوى مني على السير ، ولا أنا بأغنى منكما عن الأجر .
بهذا التواضع التف أصحابه حوله ، بهذا التواضع وصل هذا الإسلام إلى أطراف الدنيا .
الكِبر والأثرة يبعدان الناس عن بعضهم :
أما بالكبر ، والأثرة ، وأن أعيش لوحدي ، ومن بعدي الطوفان ، هذا شعار كل إنسان الآن ، أهجى بيت قالته العرب : دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
* * *
والله الذي لا إله إلا هو هذا البيت شعار كل إنسان الآن ، تجد ببلاد مجاورة القتل يومي بالمئات ، الدماء تسيل ، النازحون ، المشردون ، المعاقون ، القتلى ، قال لي شخص بالعراق : أودع أهلي كل يوم ، احتمال أن أموت بالـ %50 ، تجد في بلاد ثانية حفلات ، وسهرات ، وأغاني ، كأن الناس ما عندهم مشكلة ، فقد قال النبي أثناء حفر الخندق : "إن تَغْفِر اللهمَّ تَغفِرْ جَمّا ، وأَيُّ عبدٍ لكَ لا أَلَّما ؟ " [الترمذي] .
الإكثار من الاستغفار والتوبة إلى الله طريق الإنسان للنجاة من عذاب الله :
أيها الأخوة ، أن تؤمن بأن الله غفار يقتضي أن تكثر من الاستغفار ، والتوبة إلى الله مهما بلغت الذنوب ، عندنا غافر ، غفور ، غفار ، الظالم ؛ غافر ، والظلوم ؛ غفور ، والظلام ؛ غفار .
النبي عليه الصلاة والسلام فيما يحكيه عن ربه أنه قال : أذنب عبد فقال : " أَذْنَبَ عبد ذنبا ، فقال : اللهمَّ اغْفِرْ لي ذَنْبي ، فقال تبارك وتعالى : أَذْنَبَ عَبدِي ذَنبا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ ربّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ ، ثم عاد فَأذْنَب ، فقال : أيْ رَبِّ ، اغْفِرْ لي ذنبي ، فقال تبارك وتعالى : عبدي أَذْنَبَ ذَنبا ، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ ربّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ ، ثم عادَ فَأذْنَبَ ، فقال : [ أي ] ربِّ ، اغفر لي ذنبي ، فقال تبارك وتعالى : أَذْنَبَ عَبدِي ذَنبا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ ربّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ ، اعْمَلْ ما شئْتَ ، فقد غفرتُ لك " [البخاري ومسلم] .
هناك من يوهم الناس أن التوبة مرة واحدة ، فإذا وقعت في الذنب مرة ثانية لا توبة لك ، لا ، غير صحيح ، ما لنا إلا الله ، لا يوجد طريق إلا التوبة ، لو مليون مرة المؤمن مذنب تواب ، أنا أتكلم الآن كلاماً واقعياً ، يوجد أشياء صغيرة لا يصر عليها سريعاً ما يتوب منها ، لكن الله عز وجل لا يعذب مستغفراً ، لكن من أصرّ على ذنب وطلب المغفرة هذا ليس استغفاراً .
" قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ " [الزمر:53-54] .
" نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49)وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ " [الحجر:49-50] .
بالمناسبة : الاستغفار والتوبة إذا تفرقا اجتمعا ، الاستغفار يعني التوبة ، يعني التوبة وطلب المغفرة ، والتوبة تعني الإقلاع عن الذنب والاستغفار .
حظ المؤمن من اسم " الغفار " أن يستر من غيره ما يستره الله منه :
أيها الأخوة ، قال حظ المؤمن من اسم " الغفار " أن يستر من غيره ما يستره الله منه ، لك ذنب والله سترك ، لا تفضح أحداً بذنب أنت اقترفته سابقاً ، كن واقعياً ، كن أديباً مع الله عز وجل ، لك ذنب ستره الله عليك ، لو رأيت ذنباً على أخيك لا تفضحه كما ستر الله عليك استر عليه ، الأدب مع الله في هذا الاسم أن تستر من أخيك ما ستره الله منك .
امرأة زنت في عهد عمر أقيم عليها الحد ، ثم تابت ، ثم جاء من يخطبها ، فجاء أخوها إلى عمر رضي الله عنه وقال : يا أمير المؤمنين جاء من يخطب أختي ، أخبره بذنبها ؟ فقال رضي الله عنه وقد غضب أشد الغضب : والله لو أخبرته لأدبتك .
هذا كلام دقيق ، بالعالم الغربي الآن يمنحون المواطن فرصة يتوب ، وأنت كقائد ، كأب ، كزوج ، امنح الطرف الآخر فرصة أن يتوب ، إذا تاب يجب أن يوسد .
" التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ " [ابن ماجه] .
أما البشر الآن لا يرحمون ، إنسان أخطأ ، كلما رأيته تذكر خطأه للناس ، العالم الغربي عالم ما عنده من تحلل ، حتى بالصحيفة الاجتماعية إذا شخص ارتكب مخالفة سير ومضى سنتان ما ارتكب ولا مخالفة تمحى آلياً ، إذا أنت تعمل بعمل قيادي كل واحد أخطأ واعترف بخطئه يجب أن تذكره به ؟ أبداً لأن : " التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ " المجتمع لا يناقض إلا بهذه الطريقة ، والله بحالات كثيرة جداً يقول لي : زوجتي أخطأت ، أقول له أعطها فرصة تتوب ، وراقبها ، فإن تابت فأنت بطل ، أما تطليقها سهل ، وفضحها سهل ، وسحقها سهل ، لكن البطولة أن تحملها على التوبة .
لذلك قالوا : الذنب شؤم على غير صاحبه ، إن ذكره فقد اغتابه ، وإن رضيه فقد شاركه في الإثم ، وإن عيره ابتلي به .
المؤمن يظهر الإيجابيات ويتغافل عن السلبيات :
الآن كل إنسان يتغافل عن السيئات ، ويظهر الحسنات ، هذا إنسان مبارك ، والآخر يتغافل عن كل الحسنات ، ويظهر السيئات ، من هنا دعا النبي الكريم فقال : " وأعوذ بك من جار سوء تراني عيناه وتسمعني أذناه إن رأى حسنة دفنها وإن رأى سيئة أذاعها " [الطبراني] .
" اللهم إن أعوذ بك من إمام سوء إن أحسنت لم يقبل ، وإن أسأت لم يغفر " .
جاء عكرمة مسلماً ماذا قال النبي الكريم ؟ : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمناً مهاجرا فلا تسبوا أباه ـ من أبوه ؟ أبو جهل ، ألد أعداء النبي ـ فلا تسبوا أباه فإن سبّ الميت يؤذي الحي ولا يبلغ الميت " [الحاكم] .
أبوه لعنه الله ، كان أبوه كافراً ، جاء عكرمة مسلماً ، فقال النبي الكريم : " فلا تسبوا أباه فإن سب الميت يؤذي الحي ولا يبلغ الميت " .
أرأيت إلى هذه الرقة ؟ .
يروى أن سيدنا عيسى كان مع أصحابه الحواريون رأوا شاة متفسخة ، لها ريح لا يحتمل ، فقالوا ما أنتن ريح هذه الشاة ، قال : بل ما أشد بياض أسنانها ، انظر إلى المؤمن يرى الإيجابيات ، والآخر يرى السلبيات ، قناص ، كل المحاسن يتغافل عنها .
النبي الكريم رأى صهره مع الأسرى ، صهره جاء ليحاربه ، رآه مع الأسرى فلما رآه قال : والله ما ذممناه صهراً ، كان صهراً ممتازاً ، ما نسي المحاسن ، والآن يقاتله وقع أسيراً ، فقال : والله ما ذممناه صهراً .
أيها الأخوة، هذا موقف المؤمن من اسم " الغفار " .
والحمد لله رب العالمين