تابع " عوائق في وجه الدعوة 2 "
تابع " عوائق في وجه الدعوة 2 "
عائق [15]: أذكر هنا حلاً لمشكلة واقعية وهي إن كانت أسرية إلا أن فيها فائدة، وتقع كثيرًا في بيوت الدعاة،ومن يقومون بالدعوة إلى دينه.
الجد الشيخ عبد الرحمن –رحمه الله وأجزل مثوبته- له رحلات تشبه رحلات أهل الحديث، كان يغيب عن بيته وأسرته شهورًا طويلة، تقول جدتي – رحمها الله- كان يسافر والجنين في بطني ثم يعود وقد وضعت هذا الجنين بل هو الذي يستقبل والده ماشيًا.
سافر إلى سوريا ولبنان والعراق ومصر وفرنسا وغيرها لجمع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية وقضى في ذلك أكثر من أربعين عامًا،على قلة مواصلات وتعب ونصب فأسأل الله أن يجز عن الإسلام والمسلمين خير.
شق عليها –رحمها الله- هذا الغياب خاصة بعد كثرة الأبناء وطول سفر الشيخ، فكأنها اشتكت له من ذلك الفراق والبعد وصعوبة التربية ومشقة الأبناء، مع أنها لا تفعل.
الحل: قال لها – رحمه الله-: أنت شريكتي في الأجر... تقول: لما قال لي هذه الكلمة ما عاتبته ولا شكوت بعد ذلك.
هنيئًا لها وهي قابعة في دارها هذا الأجر العظيم، مجموع الفتاوى في سبع وثلاثين مجلدًا وهي شريكة في الأجر!!! نعمة عظيمة، الشاهد أنه –رحمه الله- واجه عقبة كؤد من الزوجة لكنه طيب خاطر الزوجة وصبرت وتحملت الكثير، ونحن نريد من الأزواج والأقارب تشجيع بعضهم البعض بالكلمة وإفساح المجال وعدم التضييق والثناء الحق، فقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على كبار الصحابة فقال في أبي بكر: «لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان العالم لرجح» [صحيح الإسناد موقوفًا على عمر بن الخطاب].
وهنا ملحظ مهم وهو أن لا نضيع البيوت بحجة الدعوة فالبيوت أولى وأوجب أنواع الدعوة لكن سددوا وقاربوا.
عائق: [16]: مدرس ذهب إلى منطقة جبلية وبقي فترة يعمل هناك، لكنه لم يستطيع الدعوة كما يريد لاختلاف البيئات؛ هذه عقبة واجهته فهؤلاء يعملون في الرعي وجل حديثهم عن الماعز وبهيمة الأنعام.
الحل: سأل أحد طلبة العلم وهذا أمر مهم وهو السعي لحل هذه المشكلة فقا: اشتر ما عزًا وكن معهم في جلساتهم وسوف ترى النتائج بإذن الله.
فكان أن فعل وبدأ يأتي لهم بمعلومات طبية بيطرية فقد أصبح واحدًا منهم الآن، أحبوه وقبلوا منه وتعلموا على يديه، هذه عقبات مرت بنا لكن تمت معالجتها بما يناسب الحال.
عائق [17]: معلم في مدرسة تفاجأ عندما سأل طلابه من صلى الفجر اليوم؟ فإذا بالقلة القليلة هي التي صلت الفجر أهمه الأمر وجعل جوائز لمن يصلي الفجر في المسجد، فكان له ما طلب: خلال أسبوع واحد صلى الجميع، لكنه تفاجأ بمن يتصل من الآباء هؤلاء صغار والبرد شديد !
الحل: دله أحد طلبة العلم على حل لهذه المشكلة، قال: ابدأ الأسبوع القادم بسؤال الطلاب: من قبل رأس والديه، فكان النتيجة خلال أسبوع، فعاد وقال الحمد لله الجميع يقبل رأس والديه قال: الآن أأمرهم بالصلاة فلن يأتي أب يشتكي لأنك أعطيته متطلباته وأرضيته !
عائق [18]: امرأة دخلت بيت أسرة كبيرة دخلت كزوجة لابنهم وواجهت مجتمعًا جديدًا يختلف عن حال مجتمعها فوجدت الاستهزاء والاحتقار، أي لم تجد القبول في الدعوة.
الحل: أشير عليها: ابتدئي بدعوة الصغار في العائلة، فسرت بالفكرة وبدأت تنظم المسابقات وتدعو الصغيرات، وجعلت لهم الأناشيد والقصص في السيرة حتى تمكنت من قلوبهم، ثم أقبل عليها من كان يستهزئ بها، فتحت قلوب الكبيرات بأيدي الصغيرات، نعم واجهت عقبة لكنها وجدت حلاً.
وليس هناك –بإذن الله- عقبات تحول بين العمل لهذا الدين، نعم قد نواجه صعوبات لكن حلها –بإذن الله- سهل وميسور وإن كان صعبًا وفيه مشقة.
عائق [19] الكسل والفتور: فإنه يقعد عن العمل ويضيع الأوقات والفرص ولمناسبات وربما تحول إلى داء يستمر معك ولا يتركك.
الحل: الاستعانة بالله –عز وجل- والقيام بالعمل الجماعي وتنظيم الوقت وتسجيل الأعمال ومحاسبة النفس كل حين: ماذا قدمت لهذا الدين؟
عائق [20] الرياء والسمعة: فإنه يقتل العمل وقد يحبطه.
ومن العوائق السير مع حظوط النفس: التي من أبرزها الأنانية ونسبة الأعمال إليك، وتقليل عمل من كان معك.
وأيضًا: التذمر والتشكي: فإن ذلك من أنواع المنة –والعياذ بالله- بل كن صامتًا محتسبًا.
الحل: الملجأ إلى الله –عز وجل- وكثرة الدعاء، وانصراف القلب إليه ومجاهدة النفس في ذلك، ويكمل ذلك قراءة في سير السلف الصالح وكيف كانوا يخفون أعمالهم !
عائق [21] الانقطاع عن العمل:
كثير يأخذه الحماس ليوم أو يومين لكنه بعد ذلك يتوقف، والعمل المستمر حتى وإن كان قليلاً فإنه هو المطلوب يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل».
الحل: إيجاد رفقة صالحة أو الالتحاق بعمل مؤسسي؛ مكاتب الجاليات أو المؤسسات أو غيرها.
عائق [22]: تسلل الحقد والحسد والكبر إلى قلب الداعي.
الحل: تطهير القلب لأن الحقد والحسد والكبر تشغل القلب وتجعله ينصرف عن عمله بأوهام ووساوس.
قال الغزالي: «والقلب بيت هو منزل الملائكة ومهبط أثرهم، ومحل استقرارهم، والصفات الرديئة مثل: الغضب والشهوة، والحقد والحسد، والكبر، والعجب، وأخواتها كلاب نابحة فأنى تدخله الملائكة وهو مشحون بالكلاب».
والإخلاص لله – عز وجل- يزيل ما علق بالقلب من فساد.
عائق [23]: الاندفاع والعجلة: من عمل في المجال الدعوي يرى أن الساحة تحتاج إلى أضعاف الجهود المبذولة، وقد يدفع هذا بالبعض إلى التسرع والعجلة رغبة في تحصيل الخير وسد الثغرات وقد يكون لهذه العجلة بعض السلبيات.
الحل: العمل الدعوي يحتاج إلى الأناة وعدم العجلة التي هي داء الأدواء وأخطر الأمراض وحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «خير العمل أدومه وإن قل» نبراس لمن أراد العمل.
وليكن الرفق حاديك ولصيقك فإنه أدعى للقبول، وقد كان الأنبياء – عليهم السلام- ديدنهم الرفق بأممهم والمجادلة بالتي هي أحسن استجابة لأمر الله -تعالى- وسعيًا نحو فتح القلوب، وقد أمر الله موسى وهارون –عليهما السلام- بالرفق بفرعون " اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى " [طه: 43، 44] وفي الحديث: «إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله» [متفق عليه] وليس معنى ذلك التباطؤ والتأخر بل الترتيب والتنظيم حسب المتيسر والمتاح.
عائق [24]: حب الرياسة والتصدر: فإنها مهلكة للنفس الضعيفة جالبة للرياء والسمعة قال الفضيل بن عياض: «ما أحب أحد الرياسة إلا أحب ذكر الناس بالنقائص والعيوب ليميز هو بالكمال، ويكره أن يذكر الناس أحدًا عنده بخير، ومن عشق الرياسة فقد تودع من صلاحه».
الحل: الإخلاص لله –عز وجل- وتعوية النفس على المشاركة في كل عمل قل أو كثر، وإذلال النفس لله –عز وجل- مع التضرع إلى الله -سبحانه- وإخفاء الأعمال وعدم كثرة الحديث عن النفس والتباهي –العياذ بالله-.
عائق [25] مواقف التهم: أنت في عين المجهر وتحت الأنظار، الحركة تحسب عليك، والزلة تحط من قدرك، ومن يتصيد الأخطاء كثير من الكفار والمنافقين ومن في قلوبهم مرض، بل وبعض الأخيار بحسن نية أو بجهل.
الحل: روى البخاري في صحيحه أن أم المؤمنين صفية –رضي الله عنها- جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة، ثم قامت تنقلب، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها – أي يردها إلى منزلها - حتى إذا بلغت باب المسجد مر رجلان من الأنصار فسلما على النبي صلى الله عليه وسلم فقا لهما: «على رسلكما إنما هي صفية بنت حيي» فقالا: سبحان الله يا رسول الله، وكبر عليهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا».
قال ابن حجر: «وفيه التحرز من التعرض لسوء الظن والاحتفاظ من كيد الشيطان».
وقال ابن دقيق العيد: «وهذا متأكد في حق العلماء ومن يقتدى بهم، فلا يجوز لهم أن يفعلوا فعلاً يوجب سوء الظن بهم وإن كان لهم فيه مخلص، لأن ذلك سبب إلى إبطال الانتفاع بعلمهم».
عائق [26]: اليأس والقنوط: الحل: اليأس يفت العضد ويوهن النفس، عليك بالتفاؤل وحسن الظن بالله –عز وجل- فإن هذا باب لانشراح الصدر وزيادة العمل، في غزوة الأحزاب وقد بلغت القلوب الحناجر وزلزل المؤمنون زلزالاً شديدًا في وسط هذا الجو المظلم والوضع الحرج يبشر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بسواري كسرى، حتى قال البعض: يذكر لنا سواري كسرى وأحدنا لا يستطيع أن يذهب ليقضي حاجته.
إنه بعث الأمل وإشاعة التفاؤل في المجتمع وبين الناس وأثر ذلك واضح جلي في حسن العمل والمبادرة إليه.
عائق [27]: عين مدرسًا في مناطق رعوية أهلها من البادية وكان لديه حماس للدعوة، ولكنه صدم بالصد وعدم القبول.
الحل: سأل أحد المهتمين بالدعوة قال له: أعلمني ماذا يحبون؟ وعلى ماذا يجتمعون؟ وكيف هي أوقاتهم؟ قال: يحبون الشعر ويجتمعون يتسامرون ليلاً على نار في الخلاء ! قال له: احفظ أشعار الزهد والرقائق ونونية ابن القيم واجلس معهم وسترى الأثر سريعًا، قال: جلست معهم ورأيتهم يستمعون إليَّ ويعجبون مما أردده عليهم حتى قبلوا دعوتي.
عائق [28]: إمام مسجد أقض مضجعه قلة المصلين من جيران المسجد فحاول مرة وأخرى بالكتاب والشريط، ولكن لم تظهر النتائج المرجوة.
الحل: ذكر له أحد الدعاة وكان الوقت يقترب من نهاية الامتحانات الدراسية قال له: ضع إعلانًا في المدارس وكذلك العماير والفلل المجاورة أنه سوف يقام حفل في المسجد يوم كذا، يبدأ من صلاة العصر وحتى صلاة العشاء، وفيه جوائز قيمة لكل الحضور، والشرط الوحيد الذي اشترطه حضور الطالب بشهادته مع ولي أمره.
قال:فكان أن امتلأ المسجد بأعداد غفيرة وقد تهيأ المكان لذلك فبدئ بقراءة القرآن ثم مسابقة للصغار ثم توالت الفقرات حتى صلاة المغرب فصلى الجميع صلاة المغرب، ثم كانت محاضرة طيبة بعد صلاة المغرب حتى العشاء، ثم بعد صلاة العشاء وزعت الجوائز على الجميع ويكفي دخول الآباء المسجد وصلاتهم ثلاث صلوات فيه وتعرفهم على الإمام الذي كان يسلم عليهم فردًا فردًا ويرحب بهم ويأخذ أرقام جوالاتهم ويتبسط معهم ويقول: سوف أزوركم، وكانت هذه الفكرة بداية لحضورهم إلى المسجد وتواصلهم مع الإمام.
عائق [29]: امرأة تسكن في بلدة بعيدة بدأت تدعو في الكلية (مجتمع البلدة) فوجدت الصدود والنفور ولم تستطع أن تستمر فهن قليلات الحظ الديني مع مراهقة وتشبه بأهل الفسق والفجور.
الحل: أشير عليها أن تبدأ بالأرق قلبًا والأكثر خيرًا لتزاد بها رفقة صالحة، ثم شيئًا فشيئًا ثلاث ثم أربع ثم عشر وافتتح مصلى في الكلية فكان لها دعوة فيه.
مختارات