اسم الله الحي 1
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى : ( الحي) :
أيها الأخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى والاسم اليوم الحي .
على كل إنسان أن يتكل على الحي الذي لا يموت :
ولم يقترن هذا الاسم باسم آخر إلا القيوم في آية الكرسي :
تعليق سريع : سمعت عن إنسان له مشكلة كبيرة جداً في بلده وتقتضي سجناً لأمد ، و وَسّط إنساناً يدخل بلده من دون أن يساءل وأخذ منه مبلغاً فلكياً ، وقبل أن يدخل توفي هذا الإنسان فدخل إلى السجن ، توكل على حيٍّ يموت فلم ينتفع بكل ما دفع .
وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوت ، حينما تضع أملك بحيٍّ يموت فإذا هذا مات هذا الحي الذي توكلت عليه تبددت الآمال ، وأُحبط الإنسان .
انقطاع إمداد الله عن الإنسان يؤدي إلى موته :
وعند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل أحد أصحابه يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم ؟ قال أبو المنذر الله ورسوله أعلم ، قال يا أبا المنذر مرة ثانية أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم ؟ قال أبو المنذر الله ورسوله أعلم ، فعندئذ قال أبو المنذر الله لا إله إلا هو الحي القيوم ، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم على صدره تودداً وقال ليهدك العلم أبا المنذر ، الله لا إله إلا هو الحي القيوم .
يعني حيّ بذاته ومصدر لقيام كل حيّ ، حيّ محيي ، حياتنا قائمة به ، يعني هذا المصباح إذا قال أنا متألق ، نقول أنت متألق بإمداد الكهرباء لك فإذا قُطعت عنك انطفأت ، وفي أية لحظة ينقطع علينا إمداد الله عز وجل يموت الإنسان .
اسم الله الأعظم هو الاسم الذي أنت في أشد الحاجة إليه في ظرف معين :
أيها الأخوة ، اسم الله الأعظم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم هذين الاسمين ، وقد يكون اسم الله الأعظم هو الاسم الذي أنت في أشد الحاجة إليه في ظرف معين ، فالفقير اسم الله الأعظم له المغني ، والمظلوم اسم الله الأعظم له العدل ، والضعيف اسم الله الأعظم له القوي ، وفي أية حالة أنت تتعامل مع أحد أسماء الله الحسنى تقول تارة يا مغني ، يا غني ، وتارة يا قوي ، وتارة يا حليم ، وتارة يا رحيم ، وتارة يا غفار ، وتارة يا تواب ، لكل حال من أحوالك هناك اسم يمكن أن يكون اسم الله الأعظم .
لكن لفت نظري أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل أبا المنذر ، أبو المنذر تأدباً سكت أول مرة والثانية ثم أجاب ماذا نسمي هذا ؟ الحوار من أدق أساليب التربية ومن أفعل أساليب التربية أن تستخدم الحوار ، الحوار يقرب والإملاء يبعد، أنت كأب ، كمعلم ، كمربٍ ، كموجه ، كداعية ، لا تستخدم أسلوب الإملاء ، استخدم أسلوب الحوار ، ومن ألطف ما في اللغة أن الفرق بين الحوار والجوار نقطة واحدة ، الحوار والجوار ، إذاً كل جوار يقتضي الحوار ، الإنسان الحضاري يحاور والإنسان المتوحش يقمع ، لو أنك رأيت ابنك على حال لا يرضي حاورته ، يا بني هذا العمل يؤذي مستقبلك ، هذا العمل يؤذي صحتك ، هذا العمل يؤذي سمعتك ، هذا العمل يضعك في موقف حرج أنا أتمنى لك السعادة ، السلامة ، هذا كلام مقنع .
الحوار أسلوب ديني استخدمه الرسول الكريم مع أصحابه :
لذلك الأب العاقل يحاور أولاده لا يضربهم باستمرار ، أنت إذا حاورته قربته منك وإنك إن قمعته أبعدته عنك ، لذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان يستخدم مع أصحابه أسلوب الحوار .
عجيب إله عظيم ينشئ لعبد صغير حقاً عليه ؟ هل هناك من حديث يملأ قلبك طمأنينة كهذا الحديث ؟ أنشأ الله لك حقاً عليه هذا بالحوار ، الحوار أسلوب حضاري ، الحوار أسلوب أخلاقي ، الحوار أسلوب ديني ، حاور ولا تقمع ، حاور ولا تملي ، كنا مرة في جلسة في جمعية مكافحة التدخين ففي أحد الأخوة الأعضاء انتقد بعض الإعلانات ، التدخين يضر بصحتك هذا إملاء ، قبل أن تدخن هل فكرت في صحتك ؟ حوار ، سؤال : قبل أن تدخن هل فكرت في صحتك ؟ فكرت في أن هذه الدخينة تشبه رصاصة قاتلة ولكنها موت بطيء لكن الرصاصة موت سريع .
الحي صفة مشبهة فعلها حيّ :
الله عز وجل متكفل أن يضع كل إنسان بحجمه الطبيعي :
لو أن طالباً سألناه أنت ضعيف ؟ أنت كسول ؟ من دون امتحان بظن المدرس يقول لا أنا الأول ، فإذا أجري الامتحان ونال الصفر وقلنا له أنت مقصر ؟ يقول نعم، لا بد من أن يستحق الإنسان الهلاك عن بينة ، ويستحق الحياة عن بينة ، الله عز وجل جعل الحياة الدنيا تجسيداً لما ننطوي عليه ، داخل الإنسان حاجة أو رغبة هذه في الدنيا لا بد من أن تظهر والله عز وجل حكيم كأنه يقول لك : تكلم عن نفسك ما شئت أنا متكفل أن أضعك في حجمك الطبيعي ، يأتيه مبلغ حتى يغير قناعته يرفضه أشد الرفض المبلغ ألف ، لو جاءه مليون يغير إذاً أنت لما رفضت الألف الله يعلم أنك على رقم أكبر تتضعضع ، فجاء من عرض عليك مبلغاً أكبر ، بلوى عامة أنا عندي أولاد ، الله عز وجل يحجم الإنسان ، إياك أن تدعي ما ليس لك ، الله عز وجل يضعك في ظرف صعب جداً تنكشف على حقيقتك لأن الله عز وجل لا تخفى عليه خافية ، تكلم ما شئت ، تحدث عن نفسك ، وعن عظمتك ، وعن أخلاقك ، وعن ورعك ، وعن زهدك ، وعن أمانتك ، وعن وعن وعن والله عز وجل متكفل أن يضعك في حجمك الطبيعي .
لا بد من أن نمتحن ، الإمام الشافعي سُئل ندعو الله بالابتلاء أم بالتمكين ؟ فقال : لن تمكن قبل أن تبتلى .
إياك أن تظن أنك ممكن أن تعيش في بحبوحة وفي صحة جيدة وأسرة ناجحة وأولاد أبرار ودخل وفير هكذا طوال الحياة من دون امتحان ، مستحيل لا بد من أن تمتحن .
معاني الحي :
الآن الحي من كل شيء نقيض الموت ، والجمع أحياء ، والحي يطلق أيضاً على كل متكلم ناطق ، أحياناً يصاب المريض بسبات يأتي الطبيب يفتح عينه يمسك بمصباح متألق فإذا بقيت الحدقة ثابتة ولم تتقلص ، هذا مؤشر موت ، يأتي بمرآة يضعها أمام أنفه فإذا جاءها بخار الماء مؤشر حياة ، فإذا لم تتأثر مؤشر موت ، يضع يده على شريانه فإذا لم يشعر بأي حركة هذا مؤشر موت في النبض وفي التنفس وفي حدقة العين ، فإذا تأكد أن حدقة العين لم تتأثر بالضوء وأن النبض لم يتحرك وأن المرآة لم يأتها بخار الماء الناتج من الزفير يقول عظم الله أجركم انتهى ، وهذه لحظة لا بد منها .
الحي نقيض الميت والجمع أحياء ، والحي يطلق على كل متكلم ناطق ، والحي من النبات ما كان أخضراً طرياً يهتز ، والحي هو الواحد من أحياء العرب ، والحي هو البطن من بطون العرب (القبائل) والله هو الحي ، أي دائم الوجود ، الباقي حياً بذاته ، الإنسان متى يموت ؟ هذا المصباح لو شبه الإنسان بمصباح متى ينطفئ ؟ إذا انقطع عنه الإمداد ، أو ينطفئ إذا حطمته ، حينما تحطمه عندئذ لا يصلح لتلقي الإمداد ، فالقتل تحطيم المصباح ، والموت الطبيعي انقطاع الإمداد بانقطاع الإمداد يموت الإنسان ، وبضربه بآلة حادة يموت أيضاً ، بالقتل عطلت قدرته على استقبال الإمداد وبالموت الطبيعي انقطع عنه الإمداد ، لكن بكل حال عند علماء العقيدة المقتول يموت في أجله .
الله عز وجل وجوده ذاتي أما الإنسان فوجوده متعلق بإمداد الله له :
وهذا الوصف ليس لسواه ، أي طاغوت يعبد من دون الله إن كان حياً فحياته تغالبها الغفلة والسنة وإن قاومها وأراد البقاء عدداً من الساعات فإن النوم يراوده ويأتيه فضلاً عن كون الموت يوافيه ويرديه ، وسبحان من قهر عباده بالموت .
الحي القيوم ينفرد بكمال الحياة و دوامها :
لا ينفرد بكمال الحياة ودوامها إلا الحي القيوم ، الحي جلّ جلاله هو الموجود بل هو واجب الوجود ، في مصطلحات ثلاثة الله عز وجل واجب الوجود ما سواه الكون ممكن الوجود ويوجد بالعقل شرح لمستحيل الوجود .
الله عز وجل هو الحي الباقي من أزل الأزل إلى أبد الأبد ، هنيئاً لمن كان مع الحي القيوم ، مع الحي الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ، والأزل هو عمق الوجود ودوامه في الماضي ، والأبد هو دوام الوجود وبقاؤه في المستقبل ، من أزل الأزل إلى أبد الأبد ، وقيل الحي ليس لحياته زوال والذي لا يموت .
الإنسان ليس فعالاً لما يريد لكن الله عز وجل فعال لما يريد :
البشر في مليون مليون مليون شيء نتمناه ولا نملكه ، فالإنسان ليس فعالاً لما يريد لكن الله عز وجل فعال لما يريد ، على كل شيء قدير وبكل شيء عليم .
علم الله وقدرته تطول كل إنسان :
يعني اختار لك من أسمائه اسمين القدير والعليم ، وأنا متأكد أنك إن أدركت أبعاد هذين الاسمين تستقيم على أمر الله ، معنى قدير عليم أي أن علمه يطولك وأن قدرته تطولك ، يعني أحياناً يكون مدير عام يمر من دون أن يعلم مئة مخالفة ولا يشعر ، جالس في مكتبه ، يزوّر توقيعاً ، يشار على إنسان داوم وهو لم يداوم ، ممكن أما الله عز وجل على كل شيء قدير وبكل شيء عليم ، فإذا أيقنت أن علمه يطولك وأن قدرته تطولك لا يمكن أن تعصيه ، تماماً كما لو أنك وقفت أمام إشارة حمراء شرطي واقف وشرطي آخر على دراجة نارية ويوجد ضابط في السيارة ، فإذا تابعت السير هناك من يتبعك ، وإذا تواطأت مع الشرطي هناك من يراقبك ، هذا علمه يطولك وقدرته تطولك ، تصادر المركبة ، تُسحب الإجازة ، تدفع الغرامة ، فأي إنسان في ذرة عقل إذا كان واقفاً على إشارة حمراء وهو يعلم علم اليقين أن واضع قانون السير علمه يطوله وقدرته تطوله ، يستحيل أن يعصيه ، أما حينما يتوهم أن الساعة الثالثة في الليل ما في شرطي يعصيه بهذا الوقت لأن علمه لا يطوله ، أو إذا كان أقوى من واضع القانون لا يعبأ .
الله عز وجل هو الفعال على كل شيء قدير وبكل شيء عليم ، أي أن قدرته متعلقة بكل ممكن وعلمه متعلق بالواجب والممكن والمستحيل ، قدرته تعلقت بكل ممكن وعلمه تعلق بكل واجب وممكن ومستحيل .
من يعبد الله حق العبادة منحه الله حقاً عليه ألا يعذبه :
الخثرة بالدماغ تأتي بثانية واحدة ، شل ، والعياذ بالله هناك أمراض تجعل حياة الإنسان جحيماً لا يطاق ، فلذلك كما قلت قبل قليل أنت حينما تعبده منحك الله حقاً عليه ألا يعذبك في الدنيا ، حينما تعبده حق العبادة منحك الله حقاً عليه ألا يعذبك .
بطولة الإنسان أن يكون مع الحي الذي لا يموت :
أيها الأخوة ، لحكمة بالغة إنسان يكون في أعلى درجات نشاطه ، أعلى درجات تألقه ، أعلى درجات قوته ، ومع ذلك يموت بسبب لا يعقل بثانية ، أحياناً إنسان يبقى في الفراش ثلاثين عاماً ، أقرب الناس إليه يتمنى موته يسمعونه الله يخفف عنك ، يسمعونه يبقى عبئاً على من حوله ، لذلك موت الفجاءة للمؤمن رحمة ، ما أحد تألم منه يقول لك انخطف خطفاً ، وأحياناً الإنسان مهما كان له مكانة كبيرة إذا فقد حركته أصبح طريح الفراش ، أقرب الناس إليه زوجته الله يخفف عنك ، أول جمعة الخدمة خمس نجوم كل جمعة تنقص نجمة آخر شيء ما في خدمة أبداً يذهبون يدعونه وحده في البيت ، فاسألوا الله العافية وكان عليه الصلاة والسلام يقول : اللهم ارزقنا العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين و الدنيا والآخرة .
والبطولة أن تكون مع الحي القيوم ، مع الحي الذي لا يموت ، مع الحي الذي حياته باقية أزلاً بل من أزل الأزل إلى أبد الأبد ، لذلك الإنسان بطولته في أن يكون مع الله ، أما إذا كان مع إنسان بقاؤه منوط بهذا الإنسان ، بل مكانته منوطة بهذا الإنسان .