اسم الله الكبير
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى : ( الكبير ) :
أيها الأخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى والاسم اليوم الكبير .
اسم الله الكبير ورد مقترناً بعدة أسماء منها :
من رحمة الله بنا أن كنا في هذا الزمان :
الآن على المستوى العملي لو جئت بلوحة ذات لون رمادي وضعت إطارها أسود اللون ، تبدو أقرب إلى البياض منها إلى السواد اللوحة ، اللوحة نفسها ضعها ضمن إطار أبيض اللون تبدو أقرب إلى السواد منها إلى البياض ، هذه أسماء متضايفة ، تطبيقاً لهذه الحقيقة ، يعني الله عز وجل رحمنا رحمة كبيرة حين جاء بنا في آخر الزمان فبالنسبة لمن حولنا من العصاة نحن أولياء ، أما إذا كنا مع أصحاب رسول الله فقد نبدو منافقين ، لا أحد يقل لماذا لم أكن مع رسول الله ؟ يعني قصة وردت في السيرة أنه في غزوة مؤتة عيّن النبي صلى الله عليه وسلم قواداً ثلاثة سيدنا زيد أولاً فإذا قتل سيدنا جعفر فإذا قتل سيدنا عبد الله بن رواحة ، القائد الأول أخذ الراية وحملها فقاتل بها حتى قتل ، جاء القائد الثاني سيدنا جعفر ، أخذ الراية بيمينه فقاتل بها فضربت يمينه (قطعت) فأمسكها بشماله فضربت شماله فأمسكها بعضديه ثم قتل ، في بعض الروايات وعلى ذمة الروايات القائد الثالث عبد الله بن رواحة وكان شاعراً ، يعني أول قائد مات لتوه والثاني مات الامتحان صعب فذكر بيتين من الشعر قال : يا نفس إن لم تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد صليت
إن تفعلي فعلهما رضيت وإن توليت فقد شقيــت
***
الحل الوحيد في معالجة ضعف الإيمان أن تحيط نفسك بأناس مؤمنين :
الإنسان إذا كان مع الصادقين يشتهي الجنة ، يشتهي العمل الصالح ، يشتهي قيام الليل ، يشتهي تلاوة القرآن ، يشتهي الأعمال البطولية ، أما إذا كان جالساً مع جهات منحرفة مهما قصّر يرى نفسه متفوقاً ، من هنا جاء التوجيه الإلهي : " وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً " [الكهف:28] .من معاني كلمة كبير اتساع الذات وعظمة الصفات :
الله عز وجل قال : " فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ " [الأنبياء:58] .أنواع الجهاد :
1 – جهاد النفس والهوى وهو الجهاد الأساسي :
لذلك أثر عن بعض الصحابة أنه قال حينما عاد من غزوة قال : رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر جهاد النفس والهوى .نحن عندنا بالتعليم تعليم الأساسي ، يعني أول مرحلة أساسية في التعليم وأنا أرى أن جهاد النفس والهوى هو الجهاد الأساسي ، فالمهزوم أمام نفسه لا يستطيع أن يواجه نملة : " وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا " [الفرقان:52] .
2 ـ الجهاد الدعوي :
الجهاد الثاني الجهاد الدعوي ، في دماء للشهداء وفي مداد للعلماء .
3 ـ الجهاد البنائي :
الجهاد الثالث الجهاد البنائي أن تسهم في بناء الأمة ، أن تكون لك بصمة في الحياة فإن لم تكن لك هذه البصمة فأنت زائد على الحياة ، يعني طبيب متفوق ، مهندس متفوق ، أستاذ جامعي متفوق ، مؤلف متفوق ، صناعي متفوق ، نحن بحاجة إلى هؤلاء ، إلى نخبة يسهمون في بناء الأمة .
4 ـ الجهاد القتالي :
دققوا الآن إذا نجحنا في الجهاد النفسي والجهاد الدعوي والجهاد البنائي ، ينتظر أن ننجح في الجهاد القتالي .
من عظم الذنب عنده صغر عند الله :
أيها الأخوة الكرام ، حتى أوضح قصة عبد الله بن رواحة في مثل ، مرة إنسان ماشٍ في الطريق بعد صلاة الفجر مرّ إلى جانب حاوية قمامة فسمع صوتاً فيها فأطل عليها فإذا كيس أسود يتحرك ، أمسك به فتحه فإذا طفل ولد لتوه ، ابن زنا فأخذه ، القصة واقعية، أول قسم منها واقعي والباقي متابعة ، أخذه إلى المستشفى وضعه في الحاضنة اعتنى به إلى أن صحّ جسمه أخذه إلى البيت رباه كمتبنٍ واعتنى به كثيراً ، أدخله التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي وهذا الشاب أصبح نبيهاً أدخله في الجامعة في كلية الطب وتابع دراسته أرسله إلى أمريكا وجاء بالبورد زوجه اشترى له عيادة جعله شيئاً مذكوراً ، مرة هذا العم ، هذا الذي رعى هذا الابن الذي كان في الحاوية رآه في مركبته قال له يا عم أوصلني إلى البيت الله يرضى عليك ، فتردد خمس ثوان ، ألا يعدّ هذا التردد بحق هذا الإنسان الذي أخذه من الحاوية وجعله طبيباً مشهوراً ألا يعد بحقِّ عمه مجرماً ؟
لا تنظر إلى صغر الذنب ولكن انظر على من اجترأت .
لهذا قالوا ذنب المنافق كالذبابة بينما ذنب المؤمن كجبل جاثم على صدره ، وكلما عظم الذنب عندك صغر عند الله ، وكلما صغر عندك عظم عند الله ، لذلك هناك مذنب وهناك من يضيف إلى ذنبه ذنباً آخر وهو عدم الاهتمام بهذا الذنب ، يقول لك ماذا فعلنا ؟ يكون خالف المنهج ، يكون تكلم كلمة لا يلقي بها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ، قذف محصنة يهدم عمل مئة سنة .
قال له ما قولك بفلانة ؟ ما حكى ولا كلمة قال الله أعلم ؟ طبعاً هذه الحركة بدرس صوتي لا تفهم ، أما الدرس مصور تفهم ، قذف محصنة يهدم عمل مئة سنة .
عظمة الله عز وجل عظمة مطلقة :
روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال : ما السماوات السبع والأرضون السبع في يد الله إلا كخردلة في يد أحدكم . وهو الكبير في أوصافه ، فلا سمي له ولا مثيل ولا شبيه له ولا نظير ، قال تعالى : " هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا " [مريم:65] يعني نظيراً ؟ السمي الذي اسمه كاسمك ، هو الكبير في أفعاله فعظمة الخلق تشهد بكماله وجلاله قال تعالى : " لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ " [غافر:57] .اتصاف الله عز وجل بالكبرياء ومن نازعه ذلك قصمه وعذبه :
بالتعبير الدارج كل أمة قوية لها عشرة أيام وإن شاء الله خلصوا .حفظ الله عز وجل لدينه وهدايته لخلقه :
حقيقة ثانية لو اجتمعت قوى الأرض وتضافرت وتعاونت وتآمرت على أن تستطيع أن تفسد على الله هداية لخلقه لا تستطيع ، لا تقلقوا على هذا الدين ، لا تقلقوا عليه أبداً إنه دين الله بل ينبغي أن نقلق على أنفسنا ما إذا سمح الله لنا أو لم يسمح أن نكون جنوداً له ولا تضجروا من اتساع الباطل البطولة دققوا ألا ينفرد الباطل في الساحة ، ما دام في بقعة ضوء تنير الطريق ، ما دام في مؤمنين صادقين لا تجتمع أمتي على خطأ .
الإنسان مجبول على حبِّ الكمال والجمال والنوال :
أيها الأخوة ، الآن إذا كنت في مجلس دون أن تشعر ، دون أن تنتبه ، دون أن تدرك في مجموعة أشخاص في شخص قوي تتجه إليه بنظرك ، شخص جميل الصورة تملأ عينيك من محاسنه ، شخص ذكي جداً ، شخص طليق اللسان ، أنت مبرمج بالتعبير المعاصر مولف مفطور مجبول على حب العظيم ، حب الكبير ، حب القوي ، حب الغني ، حب الكامل ، حب الأخلاقي ، الإنسان مجبول على حب الكمال والجمال والنوال ، يحب الجمال ، يحب الكمال ، يحب العطاء النوال ، وهذه الثلاثة الكبرى مجتمعة عند الله عز وجل ، هو أصل الجمال وأصل الكمال وأصل النوال ، لذلك الله جل جلاله موصوف بالجلال والكمال ، تنفرد ذاته وصفاته وأفعاله بكل كمال ، له جميع أنواع العلو المعروفة عند الخلق .
من قوانين النفس أنها لا تُقبل إلا على كل كبير وعظيم :
كلام دقيق أنت في عقد قران مضى عليه سنة وأهل الزوجة على وشك أن يفسخوا هذا العقد ما عندك بيت ، بلغك أنه في إنسان محسن كبير ويحب الخير وعنده عدة بيوت يفكر أن يعطيها لطلاب العلم الذين لا يملكون ثمن بيت ماذا تعمل ؟ تتجه إليه فوراً ، ما الذي دفعك إليه ؟ هذه المعلومات أنه إنسان محسن وعنده بيوت وأنت بحاجة إلى بيت ، طبيعة النفس أنها تقبل على العظيم القوي الغني الشافي المعافي المغني العدل ، أنت حينما تتجه إلى الله تصطلح مع نفسك ، مع فطرتك ، أنت مصمم أن تعرف الله فإذا اكتفيت بهدف محدود أرضي حينما تصل إليه يبدأ الشقاء ملل ، يشاهد الإنسان الناجحين في الحياة الذين لم يعرفوا الله يشعر بملل عجيب ، أكل حتى شبع ، سافر ، تزوج ، ذاق طعم كل شيء وماذا بعد ذلك ؟ ما في شيء إلا إذا توجهت إلى الله .المؤمن لا يشيخ لأن هدفه الله عز وجل :
المؤمن لا يشيخ ، المؤمن يبقى شاباً وهو في التسعين ، لأن هدفه الله عز وجل ، الشيخوخة هو موضوع انتهاء الأهداف ، اشتغل ، اشترى بيتاً ، تزوج ، أنجب أولاداً ، أولاده جالس متقاعد ، مرة يلعب طاولة ، مرة يقرأ جريدة ، ضاق خلقه شيء ممل ، أما إذا كنت في طريق الإيمان أنت شاب ، وأنت في التسعين ، لما احتفلوا قبل سنتين أعتقد بتكريم علماء القرآن الكريم المفاجأة أن هؤلاء العلماء الأجلاء كلهم فوق التسعين ، من عاش تقياً عاش قوياً .
لا سبيل إلى السعادة إلا بطاعة الله عز وجل :
لذلك أيها الأخوة ، نقطة أخيرة أنت حينما تعرف أسماء الله الحسنى تتجه إليه وحينما تعرف أسماء الله الحسنى تتقرب إليه بكمال مشتق من كماله ، عندئذ يلقي في قلبك الأمن ، الحكمة ، السعادة ، الطمأنينة ، الرضا ، عندئذ يبارك لك في وقتك وفي أهلك وفي أولادك وفي عملك وفي حياتك ، عندئذ كما يقال أولياء أمتي إذا رؤوا ذكر الله بهم ، في عندهم إشعاع قوة تأثير فلذلك أيها الأخوة ، لا سبيل إلى السعادة إلا بطاعة الله .
بطولة الإنسان أن يكون لله :