اسم الله القدوس 2
من أسماء الله الحسنى : ( القدوس) :
أيها الأخوة الكرام ، لا زلنا في اسم " القدوس " فاسم " القدوس " يدل على ذات الله إذاً هو من أسماء الذات ، ويدل على صفة القدسية إذاً هو من أسماء الصفات ، ويدل التقديس كوصف من أفعال الله عز وجل إذاً هو من أسماء الأفعال ، هو من أسماء الذات ، ومن أسماء الصفات ، ومن أسماء الأفعال ، فالله جل جلاله مقدس في ذاته ، منزه عن كل نقص وعيب لأنه يتصف بكل أنواع الكمال .
إذا نصرنا من هو أضعف منا ينصرنا الله على من هو أقوى منا :
لكن الملمح الثاني ملمح توحيدي بمعنى أننا إذا نصرنا الضعيف أطعمناه إذا كان جائعاً ، كسوناه إن كان عارياً ، أنصفناه إن كان مظلوماً ، آويناه إن كان مشرداً علمناه إن كان جاهلاً ، نحن إذا نصرنا الضعيف ، وبإمكاننا أن نهمله ، وبإمكاننا أن نسحقه ، وبإمكاننا أن نهمشه ، وبإمكاننا ألا نلتفت إليه ، نحن إذا نصرنا الضعيف ، وبالإمكان أن نهمله ، يكافئنا الله مكافأة من جنس عملنا ، ينصرنا على من هو أقوى منا ، إذا نصرنا من هو أضعف منا ينصرنا الله على من هو أقوى منا .
من نصر الضعفاء كافأه الله مكافأة من جنس عمله :
قال عمر : أصحيح ما ادعى هذا الفزاري الجريح ؟قال جبلة : لست ممن ينكر شياً ، أنا أدبت الفتى ، أدركت حقي بيدي .
قال عمر : أرضِ الفتى ، لابد من إرضائه ، مازال ظفرك عالقاً بدمائه أو يهشمن الآن أنفك ، و تنال ما فعلته كفك .
قال : كيف ذلك يا أمير ؟ هو سوقة، وأنا عرش وتاج ؟ كيف ترضى أن يخر النجم أرضاً ؟
قال عمر : نزوات الجاهلية ، ورياح العنجهية قد دفناها ، أقمنا فوقها صرحاً جديداً ، وتساوى الناس أحراراً لدينا وعبيداً .
فقال جبلة : كان وهماً ما جرى في خلدي أنني عندك أقوى وأعز ، أنا مرتد إذا أكرهتني .
فقال عمر : عالم نبنيه، كل صدع فيه يداوى ، وأعز الناس بالعبد بالصعلوك تساوى .
" إن الله لا يقدس أمة لا يأخذ الضعيف حقه "
" إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم "
هؤلاء الفقراء ، هؤلاء المساكين ، هؤلاء الضعاف ، هؤلاء الذين لا يصغي إليهم أحد ، إذا نصرتهم ، إذا أنصفتهم ، إذا أطعمتهم ، إذا كسوتهم ، إذا عالجتهم صحياً ، إذا آويتهم في بيت ، يكافئك الله مكافأة من جنس عملك ، فينصرك على من هو أقوى منك .القدوس من تقدست عن الحاجات ذاته وتنزهت عن الآفات صفاته :
أيها الأخوة ، سيدنا سلمان الفارسي يقول : إن الأرض لا تقدس أحداً ، وإنما يقدس الإنسان عمله ، يعني أنت مقدس لا لشيء بعيد عنك ، لشيء منك ، مقدس إذا كنت مستقيماً ، مقدس إذا كنت نظيفاً ، مقدس إذا كنت طاهراً ، مقدس إذا كان باطنك كظاهرك وسريرتك كعلانيتك .
لذلك قالوا في تعريف اسم " القدوس " : من تقدست عن الحاجات ذاته ، لا يحتاج أحداً ، يحتاجه كل شيء في كل شيء ، أما هو قدوس ، تنزهت عن الحاجات ذاته ، وتنزهت عن الآفات صفاته ، و " القدوس " من تقدس عن مكان يحويه ، وعن زمان يبليه ، نحن نكون في مكان ، ومضي الزمان يستهلكنا .
سيدنا عمر بن عبد العزيز يقول : الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل فيهما .
الزمان يبلينا ، ومن أدق تعريفات الإنسان أنه بضعة أيام ، كلما انقضى يوم انقضى بضع منه ، بل ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي يا ابن آدم أنا خلق جديد ، وعلى عملك شهيد ، فتزود مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة .
" القدوس " من تقدس عن مكان يحويه ، وعن زمان يبليه ، وهو عزيز لا يرقى إلى تصوره وهم ، مهما خطر في بالك عن الله ، فالله بخلاف ذلك ، ولا يطمع في تقديره فهم ، لا يعرف الله إلا الله ، ولا تنبسط في ملكه يد ، لا يليق بألوهية الإله أن يقع في ملكه ما لا يريد .
أغبى الأغبياء من لا يدخل الله في حساباته :
لذلك كل شيء وقع أراده الله ، وكل شيء أراده الله وقع ، وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة ، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق ، هذه الكلمات في هذه الصياغة تريح قلب المؤمن حينما يعلم أن كل شيء وقع سمح الله به ، لحكمة بالغةٍ بالغةٍ بالغة ، عرفها من عرفها ، وجهلها من جهلها .
وحينما تمضي الأيام تنكشف للمؤمن حكمة أفعال الله عز وجل ، لذلك التوحيد ألا ترى مع الله أحداً ، التوحيد ألا ترى إلا يد الله تعمل .
" القدوس " الآن المعنى الدقيق المتعلق بنا " القدوس " من قدّس نفوس الأبرار عن المعاصي ، هو قدوس ، ويقدس المؤمنين ، أي يطهرهم " القدوس " من قدّس نفوس الأبرار عن المعاصي ، وأخذ الأشرار بالنواصي .
من أدعية النبي عليه الصلاة والسلام : " اللهم إنا أعوذ بك من فجأة نقمتك ، وتحول عافيتك ، وجميع سخطك ، ولك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بالله " [الجامع الصغير] .
ما القلب السليم ؟ هو القلب الذي قدسه الله .
أعظم عطاء تناله من الله أن تلقاه بقلب سليم :
أنت حينما تقبل على الله يقدس قلبك ، وأعظم عطاء تناله من الله أن تلقاه بقلب سليم ، والقلب السليم هو القلب الذي لا يشتهي شهوة لا ترضي الله ، طوبى لمن وسعته السنة ولم تستهوه البدعة ، القلب السليم هو القلب الذي لا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله ، القلب السليم هو القلب الذي لا يحكم غير شرع الله ، القلب السليم هو القلب الذي لا يعبد إلا الله .
لذلك هناك قلب يلامس السماء رفعة ، وهناك قلب يلامس الحضيض ضعة ، هناك قلب يكبر ويكبر ، ولا نرى كبره ، فيتضائل أمامه كل كبير ، وهناك قلب يصغر ويصغر ولا نرى صغره فيتعاظم عليه كل حقير ، العوام تقول : إنسان كبير ، يعني عفو يعني يحب معالي الأمور ، يكره سفسافها ودنيها .
علة وجود الإنسان في الدنيا عبادة الله وطاعته :
كن متميزاً ، كن متفوقاً ، كن طموحاً ، كن رقماً صعباً ، أدِ لأمتك شيئاً ، احمل هم أمتك ، اخرج من ذاتك " القدوس " من قدس قلوب أوليائه عن السكون إلى المألوفات يعني أكلنا ، وشربنا ، ونمنا ، وسهرنا ، وألقينا بعض الطرف ، وهكذا كل يوم ما في هم ، ولا في رسالة ، ولا في هدف، ولا يعرف الإنسان لماذا خلقه الله ، يقول لك : عما ندفش هذا قوله العوام ، معك رسالة ، أنت مخلوق لمعرفة الله ، علة وجودك أن تعبد الله . والعبادة طاعة طوعية ، ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها معرفة يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية .آخر ورقة رابحة بيد الشيطان أن يغريك بعمل لم تخلق له :
" القدوس " من قدّس قلوب العابدين عن دنس المخالفات ، واتباع الشهوات ، من الأدعية المأثورة : " اللهم لا تقطعنا عنك بقواطع الذنوب ، ولا تحجبنا بقبائح العيوب " .
العيب القبيح يقطع عن الله ، والذنب يحجب عن الله .
" القدوس " من قدّس قلوب الزاهدين عن حبّ الدنيا .
أيها الأخوة ، الشيطان يوسوس للإنسان أن يكفر ، فإذا رآه على إيمان وسوس له أن يشرك ، فإذا رآه على توحيد وسوس له أن يرتكب الكبيرة ، فإذا رآه على طاعة وسوس له بالصغائر ، فإذا رآه على ورع بقي معه ورقتان رابحتان ، الأولى بالتحريش بين المؤمنين هذه الخصومات ، وهذا الحسد ، وتراشق التهم بين المؤمنين ، هذه ورقة رابحة بيد الشيطان فإن لم يفلح بقيت معه ورقة رابحة أخيرة ، أن يغريه بالمباحات ، يصرف وقته في تزيين حياته إلى درجة غير معقولة ، ثم يفاجأ بالموت ، آخر ورقة رابحة بيد الشيطان أن يغريك بعمل لم تخلق له .
القدوس من قدّس قلوب الزاهدين عن حبّ الدنيا :
عدم استواء قارئ القرآن مع الفاسق والعاصي :
لا يحزن قارئ القرآن وهو يقرأ قوله تعالى : لا يحزن قارئ القرآن وهو يقرأ قوله تعالى : لا يحزن قارئ القرآن وهو يقرأ قوله تعالى :لا خسارة مع الطاعة ، ولا ربح مع المعصية :
عند علماء الأصول المعنى المخالف ، المعنى العكسي ، أي أن الذي يتبع هواه وفق هدى الله لا شيء عليه ، اشتهى المرأة فتزوج ، لا شيء عليه يبارك الله له بها وبه ، اشتهى المال فعمل عملاً شريفاً ، كسب المال الحلال ، من عرف هذا الاسم " القدوس " طهر نفسه عن متابعة الشهوات ، وطهر ماله عن الحرام .والله زرت والد صديقي ، قال لي : أنا عمري ست وتسعون سنة ، قلت : ما شاء الله ! قال لي أجريت تحليلات كاملة ، كلها طبيعية ، قال لي : والله لا أعرف الحرام بحياتي يقصد حرام المال ، حرام النساء ، قال لي : والله لا أعرف الحرام بحياتي .
وكان هناك عالم جليل بلغ السادسة والتسعين منتصب القامة ، حاد البصر ، مرهف السمع كان إذا سُئل يا سيدي ما هذه الصحة التي حباك الله إياها ؟! يقول : يا بني ! حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر ، من عاش تقياً ، عاش قوياً .
حينما كرمت بلدتنا الطيبة علماء القرآن الكريم قبل سنوات ، هم قريبون من عشرة ، وكلهم فوق التسعين ، من عاش تقياً عاش قوياً .
شرف المؤمن قيامه بالليل ، وعزه استغنائه عن الناس :
من عرف اسم " القدوس " طهر نفسه عن متابعة الشهوات ، وطهر ماله عن الحرام والشبهات ، وطهر وقته عن دنس المخالفات .
وطهر قلبه عن مسلك الغفلات ، وطهر روحه عن فتور المساكنات ، ومن عرف اسم " القدوس " لا يتذلل لقوي ، ولا لغني ، لأنه : " من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه " [ البيهقي في شعب الإيمان] عن ابن مسعود] ومن عرف اسم " القدوس " لا يبالي فيما فقده ، بعدما وجده ، لا يبالي فيما وجد من الدنيا بعدما وجد الله .لذلك ورد أن سيدنا الصديق لم يندم على شيء فاته من الدنيا قط ، تُعرض عليه أرض لا يشتريها ، يزهد فيها ، بعد حين يرتفع سعرها مئة ضعف ، يبقى كل عمره متحسراً ، كل حياته متحسر لمَ لم يشترِ هذه الأرض ، سيدنا الصديق لم يندم على شيء فاته من الدنيا قط .
من عرف اسم " القدوس " لا يتذلل لقوي ولا لغني ، ولا يتضعضع أمامها ، لأن شرف المؤمن قيامه بالليل ، وعزه استغنائه عن الناس .
ومن عرف اسم " القدوس " لا يبالي بما فقده بعدما وجده ، ولا يرجع قبل الوصول إليه بعدما قصده ، تعامل خالق السماوات والأرض ، عاهدنا رسول الله على السمع والطاعة في المنشط والمكره ، في إقبال الدنيا ، وفي إدبارها ، في القوة والضعف ، في الفقر والغنى ، هذا قرار استراتيجي أنك طلبت الله ، أقبلت عليه .
على كل إنسان أن يطهر نفسه ويقدسها عن كل حرام :
لذلك قالوا : اتقِ الله باجتناب المحرمات تكن من التوابين ، وتورع عن اقتحام الشبهات تكن من المتطهرين ، وازهد فيما زاد عن قدر الضرورة تنجو من الحساب الطويل .
إنسانة دخلت إلى سوق تجاري كبير جداً ، قالت : يا إلهي ! ما أكثر الحاجات التي لا يحتاجها الإنسان .
أيها الأخوة الكرام ، نحن في أمس الحاجة إلى معرفة أسماء الله الحسنى ، لأنها أصل كبير كبير في الدين ، بل هي جزء خطير من عقيدة المسلم .