اسم الله القدوس 1
من أسماء الله الحسنى : ( القدوس) :
أيها الأخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، والاسم اليوم " القدوس " .
ورود اسم القدوس في القرآن الكريم والسنة الشريفة :
وقد ورد في موضع آخر في قوله تعالى : أما في السنة الصحيحة ، ففي صحيح مسلم ، من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان : " يقولُ في رُكوعِهِ وسُجُودِهِ : سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ ، ربُّ الملائِكَةِ والرُّوحِ " [مسلم] وفي حديث آخر أنه صلى الله عليه وسلم إذا هب من الليل يقول : " سبحان الملك القدوس " [أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان] إذاً هذا الاسم دخل في أذكار النبي عليه الصلاة والسلام .تسمية الجنة بحظيرة القدس لأنها مطهرة من كل عيوب الدنيا :
لأنه مطهر من كل عيوب التبليغ ، لا ينسى ، ولا يغير ، ولا يبدل ، ولا يضيف ، ولا يحذف ، ولا يبالغ ، لأنه مطهر من كل عيوب التبليغ .اتصاف المؤمن بالعدالة والضبط معاً :
المعنى المعاكس إذا عاملهم فظلمهم ، وحدثهم فكذبهم ، ووعدهم فأخلفهم سقطت عدالته ، لكن بعض العلماء أشار إلى أن هناك حالات كثيرة العدالة لا تسقط ، لكنها تُجرح ، تطفيف بتمرة يجرح العدالة ، أي الوزن لم يأتِ تماماً ، قال عليه الصلاة والسلام : إذا وزنتم فأرجحوا .الوزن أقل بتمرة واحدة ، جُرحت العدالة ، أكل لقمة من حرام ، لا تنوي أن تشتري ، ذقت هذه الفاكهة الشهية ، أكلت حبة منها ، وادعيت أن السعر مرتفع ، ومشيت أكلت لقمة من حرام ، هذه تجرح العدالة ، من مشى حافياً تجرح عدالته ، من بال في الطريق تجرح عدالته ، من أكل في الطريق تجرح عدالته ، من علا صياحه في البيت حتى سمعه من في الطريق ، تجرح عدالته ، من تنزه في الطرقات ليمتع عينيه بالغاديات والرائحات تجرح عدالته ، من صحب الأراذل تجرح عدالته ، من قاد جرذوناً (حيوان مخيف) أخاف به الأطفال تجرح عدالته ، من أطلق لفرسه العنان ، السرعة الزائدة تجرح العدالة ، من كان حديثه عن النساء هذه طويلة ، وهذه بيضاء ، وهذه ، الحديث عن النساء يجرح العدالة ، أرأيت إلى دقة هذا الدين العظيم ؟ هناك أشياء ، الظلم ، والكذب ، وإخلاف الوعد يسقط العدالة ، بينما أكل لقمة من حرام ، تطفيف بتمرة ، تجرح العدالة ، فالمؤمن يتصف بالعدالة ، ويتصف بالضبط . يتمتع المؤمن بالضبط ، وبالعدالة معاً .
على كل إنسان أن يُطهر نفسه عن كل عيب إذا أراد أن يُقبل على الله عز وجل :
الكلام دقيق ، أي نطهر أنفسنا من كل العيوب ، حتى نقبل عليك يا ربنا .الآن دخلنا بموضوع دقيق : الأقوياء في الدنيا ، أي إنسان أعلن لهم الولاء يقبلونه ولا ينتبهون إلى سلوكه ، أي إنسان رفع صورتهم يقبلونه ، أي إنسان أرسل لهم برقية تأييد يقبلونه ، لكن الواحد الديان ، إن لم تكن مستقيماً ، إن لم طاهراً ، إن لم تكن رحيماً ، إن لم تكن منصفاً ، إن لم تكن متواضعاً لا يقبلك ، الولاء للأقوياء شيء ، والولاء لله عز وجل شيء آخر .
مع غير الله القضية سهلة جداً ، أي سلوك يؤكد ولائك له أنت مقبول عنده ، لكن القضية مع الله شيء آخر ، لا يقبلك ، ولا يتجلى على قلبك ، ولا يلقي في قلبك السكينة ، ولا يشعرك أنه يحبك إلا إذا كنت طاهراً ، من الكذب ، من الغش ، من الاحتيال ، من الكبر .
الله عز وجل لا يقبل الإنسان إلا إذا كنت طاهراً من الذنوب والعيوب معاً :
أؤكد لكم أن صفة العنصرية الآن صفة شائعة بين الناس ، يعني هناك توهم أن ترى لنفسك ما ليس لغيرك ، هذا موقف عنصري يمنعك من أن تكون قريباً من الله .
" إن الله طيِّب ، لا يقبلُ إلا طيباً " .
وإذا توهمت أيضاً أن على غيرك ما ليس عليك ، من هنا أحد من ألّف كتاباً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهداه في الصفحة الأولى فقال : يا من جئت الحياة فأعطيت ولم تأخذ ، يا من قدست الوجود كله ، ورعيت قضية الإنسان ، يا من زكيت سيادة العقل ، ونهنهت غريزة القطيع ، يا من هيأك تفوقك لتكون واحداً فوق الجميع ، فعشت واحداً بين الجميع ، يا من كانت الرحمة مهجتك ، والعدل شريعتك ، والحب فطرتك ، والسمو حرفتك ، ومشكلات الناس عبادتك .أيها الأخوة ، القداسة الطهر ، والله عز وجل لا يقبلك إلا إذا كنت طاهراً ، من الذنوب ومن العيوب معاً ، نقدس لك نطهر أنفسنا من الذنوب كي تسمح لك أن نتصل بك .
التقديس هو التوحيد و التوحيد أن تفرد الله عز وجل في العبادة :
أيها الأخوة ، لكن لو تعمقنا قليلاً التقديس هو التوحيد ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد ، التوحيد أن تفرده في العبادة ، أردف النبي خلفه سيدنا معاذ .
" قال : هل تدري ما حقُّ الله على العباد ؟ قال : قلت : الله ورسوله أعلم قال : فإن حقَّ الله على العباد : ـ بعد ذلك أجابه النبي ـ أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً " .
الموطن الدقيق في الحديث القسم الثاني :من لم يقبل الله دعوته يعذبه في الدنيا و الآخرة :
استنبط الإمام الشافعي أن الله عز وجل لو قبل دعواهم أنهم أحبابه لما عذبهم لأنه يعذبهم لم يقبل دعواهم ، إذا قال المسلمون : نحن أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، إذا قالوا نحن : " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ "[آل عمران:110] الرد الإلهي جاهز : " قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ "لم يقبل دعوانا .ما دامت سنت النبي الكريم مطبقة في حياة المسلمين فهم في مأمن من عذاب الله :
الآية واضحة جداً في حياة النبي ، هم في بحبوحة في حياته ، لكن ما معنى الآية بعد وفاته ؟ قال علماء التفسير : " وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ "إذا كانت سنتك مطبقة في حياتهم ، في بيوتهم ، في أعمالهم ، في أفراحهم ، في أتراحهم ، في حلهم ، في ترحالهم ، في سلمهم ، في حربهم ، ما دامت سنتك مطبقة في حياتهم هم في مأمن من عذاب الله . وإذا استغفروا هم في بحبوحة أيضاً ، فنحن في بحبوحتين ، بل في أمنين من الله عز وجل ، الأمن الأول أن نطبق سنة النبي عليه الصلاة والسلام ، والأمن الثاني أن نستغفر فإذا ما طبقنا سنته ، ولم نستغفر إذاً نحن معرضون لعذاب لا يعلمه إلا الله .الوحدانية والأحدية :
أي هو أحد ، هذه أحديته ، أن تفرده بالعبادة ، وأن تفرده بذاته ، وبصفاته ، وبأفعاله بمعنى قوله تعالى : " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ "هذا معنى الأحدية ، فالتقديس هو التوحيد ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد .والتقديس أيضاً إفراده بالوحدانية ، الوحدانية شيء ، والأحدية شيء آخر ، الوحدانية أي لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، لا شريك له هو واحد ، لا مثيل له هو أحد ، فالله عز وجل واحد أحد : " الأحَدُ الصَّمَدُ الذي لم يَلِدْ ولم يُولَدْ ، ولم يكن له كُفُوا أَحَدٌ " [البخاري] .
من تقديس الله تعالى أن تفصل في إثبات الكمالات له وأن تنفي عنه كل ما لا يليق به :
أيها الأخوة ، التقديس نفي واثبات ، يجب أن تنفي عنه كل ما لا يليق به ، لكن النفي يجب أن يكون مجملاً ، يعني مستحيل أن تمدح ملكاً وأن تقول هو لا يكذب ، ولا يرتكب فاحشة ، وليس لئيماً ، وليس بخيلاً ، التفصيل في النفي لا يليق بذات الله عز وجل منزه عن العيوب ، أما التفصيل في الإثبات وارد ، هو رحمن رحيم ، غفور رحيم ، واحد أحد ، فرد صمد ، كبير متعال ، عدل ، يجب أن تفصل في إثبات الكمالات له ، ويجب أن تجمل في نفي العيوب عنه ، هذا من التقديس .
القلب السليم لا يشتهي شهوة لا ترضي الله ولا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله :
أيها الأخوة ، كل واحد منا ينظف مركبته ، لأن هذه المركبة يراها الناس ، ينظف بيته إذا جاء البيت بيته نظيف ، وأحياناً يعطره ، ينظف جسمه ، ينظف ثيابه .
ثيابك ، وبيتك ، ومحلك التجاري ، ومركبتك هي منظر الخلق ، الناس ينظرون إليك ، وإلى ثيابك ، وإلى بيتك وإلى طلاء البيت ، وإلى أثاث البيت ، وإلى مركبتك ، فالإنسان يطهر منظر الخلق .
ورد في بعض الآثار القدسية :
" يا عبدي طهرت منظر الخلق سنين ، أفلا طهرت منظري ساعة " .
ما هو منظر الله عز وجل ؟ هو قلبك .لذلك : " يَومَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ " [الشعراء:88-89] القلب السليم هو القلب الذي لا يشتهي شهوة لا ترضي الله ، ولا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله ، ولا يعبد غير الله ، ولا يحتكم إلا لله .
أحياناً الإنسان بذكائه ، هذه القضية لا تحل عند المشايخ ، تحل في القضاء ، يقول لك : نحن بلد في قانون ، وفي قضاء ، لأنه عند رجال الدين ما لها حل ، بالحاسة السادسة يكتشف أن هذه القضية لا تحل بالقانون ، معه عقد إيجار ، المستأجر محمي ، يأتي إلى عند المشايخ سيدي هذا أليس حقي ؟ جالس ببيت ! صلاته لا تجوز ، لماذا في موضوع معين احتكمت إلى القضاء ؟ وفي موضوع آخر احتكمت إلى العلماء ؟ أنت مع مصلحتك ولست مع الحق .
أحياناً امرأة محجبة في بلد غربي إذا نشب خلاف بينها وبين زوجها ترفع الأمر لا إلى القاضي المسلم في المركز الإسلامي ، لأنها إذا رفعت قضيتها له يحكم لها بالمهر فقط أما إذا رفعت قضيتها في بلد غربي إلى قاض غربي يحكم لها بنصف أملاك زوجها ، فهذا الحجاب لا يتناسب مع الاحتكام لغير الله " يَومَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ " القلب السليم الذي لا يشتهي شهوة لا ترضي الله ، ولا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله ، ولا يعبد غير الله ، ولا يحتكم إلا لشرع الله .
الله تعالى مطهر عن كل صفات الكمال البشري :
منتقم الله عز وجل ، في طغاة ما في حل لإنهاء طغيانهم إلا بالموت ، وسبحان من قهر عباده بالموت ، فالمنتقم بحق الإنسان قد لا ترتاح لهذه الصفة ، أما بحق الواحد الديان الرحمة كلها في انتقام الله عز وجل .معرفة الإنسان بالله ليست مطلقة لأنه لا يعرف الله إلا الله :
أن النبي عليه الصلاة والسلام كلما أقبل على الله رأى رؤية جديدة ، فاستحيا من رؤيته السابقة ، إذا إنسان مليء مالياً ، أنت توهمت هو معه مئة مليون ، ثم اكتشفت معه ألف مليون ، كانت قيمته على مئة مليون ، فوجئت أنه يملك مبلغاً كبيراً جداً ، فهذا معنى قوله تعالى : " وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ " كلما أقبل النبي على الله اكتشف جانباً من كمالاته لم يكن يعرفها من قبل .أصل الدين معرفة الله :
لذلك من أدق معاني الله أكبر ، أكبر مما عرفت ، طبعاً أكبر من كل شيء بديهي لكن بأرقى معاني هذه الكلمة الله أكبر مما عرفت ، كلما تعمقت في معرفة الله يجب أن تقول الله أكبر .
لكن في تعليق لطيف : إذا كان الله عز وجل منزهاً عن صفات الكمال البشري فلأن يكون منزهاً عن عيوب البشر من باب أولى .
أيها الأخوة ، النقطة الدقيقة أن أصل الدين معرفة الله ، إن عرفته تفانيت في طاعته ، أما إذا عرفت أمره ولم تعرفه تفننت في التفلت من الأمر .
مختارات
-
الآفة الرابعة عشرة - عدم التثبت أو التبين
-
مثل ما بُعِثَ به النبي - صلى الله عليه وسلم- من الهدى والعلم
-
" مقدمـة "
-
" تعريف التقوى في الاصطلاح "
-
رمضان أعمار كثيرة!!
-
كان إبراهيم عليه السلام إمام الحنفاء لأمـــــــــور :
-
" عواقب الكلام "
-
" كتمان السِّر "
-
" سلمان الفارسي - الباحث عن الحقيقة "
-
تدبر سورة آل عمران (4)