اسم الله السيد 1
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى : ( السيد) :
أيها الأخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، والاسم اليوم " السيد " .
تعظيم الناس بعضهم بعضاً من أعظم الأخطاء التي يقع بها المسلمون :
لذلك مزلق خطير أن يعظم الناس بعضهم بعضاً ، النبي عليه الصلاة والسلام وهو سيد الخلق ، وأحب الخلق إلى الله ، وسيد ولد آدم ، ومن بلغ سدرة المنتهى ، ومن كان الوسيلة العظمى إلى الله عز وجل ، قال :" السيد الله " أيها الأخوة ، سيدنا عمر رضي الله عنه كان مع أصحابه في جلسة ، فقال أحدهم : والله ما رأينا خيراً منك بعد رسول الله ، فغضب غضبة وأحدّ فيهم النظر ، وخافوا إلى أن قال أحدهم : لا والله ، لقد رأينا من هو خير منك ، فقال : من ؟ فقال : أبو بكر ، قالوا : كذبتم جميعاً وصدق ، عدّ سكوت أصحابه على قول من قال ما رأينا خير منك بعد رسول الله عدّ سكوتهم كذباً ، فقال : كذبتم جميعاً وصدق ، والله كنت أضلّ من بعيري ، وكان أبو يكر أطيب من ريح المسك .فلذلك ورد في بعض الأحاديث : " إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب " [أخرجه الطبراني عن عطاء بن أبي رباح] .
أحدهم مدح أخاه أمام رسول الله ، قال له : ويحك قطعت عنق صاحبك
" أنتَ سَيدنا ؟ فقال : السيد الله "
النبي الكريم ربى أصحابه على الطاعة و العمل لله :
كلكم يذكر أنه حينما انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ماذا قال الصديق ؟ قال قولاً يلفت النظر ، قال : من كان يعبد محمداً (هكذا فقط) وأنا أعتقد أنه ما على وجه الأرض إنسان يحب إنساناً كما أحب الصديق رسول الله ولكنه كان موحداً .
أيها الأخوة الكرام ، سيدنا خالد وهو في قمة نجاحه ، قائد جيوش المسلمين عزله سيدنا عمر ، لمَ ؟ لا أحد يعلم ، وهو قائد الجيوش رجع جندياً في بعض المعارك وتسلم القيادة أبو عبيدة الجراح ، لما جاء إلى المدينة ، سأل سيدنا عمر ، يا أمير المؤمنين لمَ عزلتني ؟ قال : والله إني أحبك ، قال : لمَ عزلتني ؟ قال : والله إني أحبك ، قال : لمَ عزلتني ؟ فقال سيدنا عمر : والله ما عزلتك يا بن الوليد إلا مخافة أن يفتتن الناس بك لكثرة ما أبليت في سبيل الله ، هناك رواية أخرى : أن سيدنا عمر جاءه جندي من جنود خالد ، فقال هذا الجندي : إن معركة فيها خالد لا يمكن أن تُهزم ، فخاف عليهم من الشرك الخفي ، خاف عليهم أن يتوهموا أن الناصر هو خالد ، أراد أن يعزله ، و ينتصروا بعد عزله ، لأن الناصر هو الله .
وفي هذه الرواية الثانية جاء من يهمس في أذن سيدنا خالد ، أنك قائد الجيوش ، وأن القوة بيدك ، وأن الجيش بيدك ، اذهب إلى المدينة واعزل عمر ، وتولى مكانه قال : والله ما كنت لأفعل ، لأنني جندي لله ، وسواء أكنت قائد أو جندياً الأمر عندي سيان .
هكذا ربى النبي أصحابه ، رباهم على الطاعة ، رباهم أن يضعوا حظوظهم تحت أقدامهم ، رباهم أن يعملوا لله .
إخواننا الكرام ، كلما تذللت لله رفعك الله ، كلما كنت عبداً له أعزك الله ، كلما مرغت وجهك في أعتابه رفعك الله ، وأنا لا أعتقد أنه على وجه الأرض إنسان رفعه الله كما رفع رسول الله ، هل يعقل أن يقسم خالق السماوات والأرض بعمر إنسان ؟ لقد أقسم الله بعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ " [الحجر:72] .
عدم مخاطبة الله عز وجل النبي الكريم باسمه مباشرة بل ورد اسمـه مخبـراً عنه : ما خاطب الله النبي باسمه إطلاقــاً .
ما خاطبه باسمه إطلاقاً ، بينما خاطب الأنبياء : " يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ " [مريم:12] .ما خاطب الله نبيه باسمه مباشرة بل ورد اسمه مخبراً عنه : " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ " [الفتح:29] .
أما الخطاب يتميز النبي عليه الصلاة والسلام بأن الله خاطبه بالنبوة والرسالة .
النبي بشر تجري عليه كل خصائص البشر لذلك فهو سيد البشر :
فيا أيها الأخوة الكرام ، أن نعرف قدر النبي صلى الله عليه وسلم لا يعني أن نرفعه فوق بشريته .
ولولا أن النبي بشر ، تجري عليه كل خصائص البشر ، لما كان سيد البشر هو بشر قال : " لقد أُخِفْتُ في الله ما لم يُخَفْ أَحدٌ ، وأُوذِيت في الله ما لم يُؤذَ أحد ، ولقد أتى عليَّ ثلاثون من يوم وليلة ، ومالي ولبلال طعامٌ إِلا شيء يُواريه إِبطُ بلال " [أخرجه الترمذي عن أنس بن مالك]مرة ثانية : لولا أنه بشر يشتهي كما نشتهي ، ويخاف كما نخاف ، ويتمنى كما نتمنى ، ويطلب السلامة كما نطلبها ، لولا أنه بشر ، تجري عليه كل خصائص البشر ، لما كان سيد البشر .الحكمة من الهامش الاجتهادي الضيق الذي سمح الله به للنبي الكريم :
لماذا سمح الله للنبي الكريم بهامش محدود جداً ، ضيق جداً أن يجتهد ؟ فإذا اجتهد وأصاب أقره الوحي على اجتهاده ، وإن كان الأولى بخلاف ما اجتهد الوحي صحح له هذا الاجتهاد .
لماذا ؟ أليس من الممكن أن لا يدع له هذا الهامش إطلاقاً ؟ قال بعض العلماء : هذا الهامش الاجتهادي الضيق جداً الذي سمح الله له به من أجل أن يكون هناك فرق بين مقام الألوهية ، ومقام النبوة ، هذا من حكمة الله عز وجل . ولولا أنه بشر لما كان قدوة لنا ، لأنه انتصر على بشريته ، ولحكمة بالغةٍ بالغة في كل عصر ، وفي كل مصر ، هناك أناس من بني البشر ينتصرون على بشريتهم ويكونون حجة على غيرهم ، في هذا العصر ، في عصر الفساد ، في عصر التفلت ، في عصر يصدق فيه الكاذب ، ويكذب فيه الصادق ، في عصر يؤتمن الخائن ، ويخون الأمين في عصر القابض على دينه كالقابض على الجمر ، في عصر : " يكون الولد غيظاً والمطر قيظاً وتفيض اللئام فيضاً ويغيض الكرام غيضاً "[أخرجه الطبراني عن عائشة أم المؤمنين] .في عصر يوسد الأمر إلى غير أهله ، في عصر تعد الفضائل مغرماً ، والنقائص مغنماً ، في هذا العصر لابدّ من أن تجد إنساناً انتصر على بشريته ، واستقام على أمر ربه وركل الدنيا بقدمه .
من تواضع لله رفعه ومن تكبر وضعه :
أيها الأخوة ، لمَ لا يكون أحدنا شيئاً مذكوراً ؟ لمَ لا يكون أحدنا بطلاً ؟ لمَ لا ينتصر على بشريته ؟ فالنبي عليه الصلاة والسلام كان بشراً لكنه كان سيد البشر ، كان بشراً لكنه أحبّ الله حباً تفوق بهذا الحب ، حتى صار سيد الأنبياء والمرسلين .
إذاً العلاقة عكسية ، كلما تواضعت لله رفعك ، وكلما تكبرت وضعك ، كلما قلت الله تولاك الله ، فإذا قلت أنا تخلى عنك .
الصحابة الكرام في بدر قالوا الله ، افتقروا إلى الله ، تذللوا إلى الله فانتصروا .
من هان أمر الله عليه هان على الله :
هو قمة البشر وأصحابه نخبة البشر ، ومع ذلك في أُحد لم ينتصروا ، لأنهم عصوا ، فلو انتصروا لسقطت طاعة رسول الله ، وفي حنين لم ينتصروا لأنهم وقعوا في شرك خفي .فلم ينتصروا ، ولو أنهم انتصروا لسقط التوحيد ، فإذا عامل الله أصحاب رسول الله الذين بذلوا الغالي والرخيص ، والنفس والنفيس ، إذا عامل الله أصحاب رسول الله ، وهم قمم في مجتمعاتهم هكذا ، نحن لماذا نطمع أن يأتينا النصر على طبق من ذهب ، ونحن غارقون في المعاصي والآثام ؟ لماذا نطمع ؟ والله طمعنا سذاجة ، طمعنا جهل كبير .
هان أمر الله على الناس فهانوا على الله ، لذلك العلاقة عكسية ، كلما تذللت لله رفعك ، ما الذي يمنعك أن قول في السجود يا رب أنت ربنا ، ورب كل شيء ، يا رب نحن بك ، أنت القوي يا رب ، أنت الغفور ، أنت الرحيم ، تذلل لله .
السيادة المطلقة لله لأن السيد الحقيقي هو الله :
السيادة المطلقة لله ، لكن السيادة النسبية لم تنفع من مخلوق ، الله عز وجل عليم وهناك إنسان عالم ، لكن علم الإنسان شيء ، وعلم الله شيء آخر ، تقل السيد فلان ، ما في مشكلة ، سيادة نسبية ، تفوق الإنسان .
تفوق ، كان كريماً ، أخلاقياً ، عمله طيباً ، ضحى بالغالي والرخيص ، والنفس والنفيس ، له سيادة نسبية ، النبي قال : قوموا لسيدكم (سيدنا سعد) يعني الإنسان يتفوق لكن السيد الحقيقي هو الله ، السيادة المطلقة لله " السيد " هو الله " السيد " حقيقة هو الله ، هو الرب ، هو المالك ، مالك كل شيء ، مالك السماوات والأرض ، الخلق كلهم عبيده ، فالسيادة المطلقة عدا الحقيقية لا تكون إلا لله .
الله تعالى سمح لذاته العلية أن توازن مع مخلوقاته كي تعرف من هو الله :
هل هناك خالق إلا الله ؟ أما الإنسان إذا صنع شيئاً ، إذا صنع شيئاً من كل شيء على مثال سابق الله عز وجل سماه مجازاً خالقاً ، لكن الله خالق السماوات والأرض صنع كل شيء من لا شيء ، وعلى غير مثال سابق ، وهو الخالق ، أما إذا قال الله عز وجل : " فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ " .أن يوصف الإنسان خالقاً مجازاً، هكذا بالآية الكريمة .
أي سمح لذاته العلية أن توازن مع مخلوقاته ، كي تعرف من هو الله .
كل مخلوق مهما كان قوياً ، ولو كان ملحداً ، ولو كان كافراً ، هو عبد لله ، هو عبد القهر ، الإنسان كل قوته ، وهيمنته ، وقوة شخصيته ، وأمواله المنقولة ، والغير منقولة ، ومنصبه منوط بضربات قلبه ، فإذا توقف القلب لسبب أو آخر أصبح خبراً على الجدران ، المرحوم فلان ، كل قوته ، وهيمنته ، وكل حجمه المالي ، وكل رفعة منصبه ، منوط بقطر شريانه التاجي ، فإذا ضاق هذا الشريان دخل في متاعب كبيرة جداً ، كل هذه المكانة ، والقدرة ، والهيمنة ، والعظمة المتوهمة منوطة بنمو خلاياه ، فإذا نمت نمواً عشوائياً انتهت حباته ، حتى هذه اللحظة ليس هناك علاج للورم الخبيث ، يصيب كل الأعمار ، يصيب معظم الناس ، هذا المرض تحدى بني البشر .
عبد القهر و عبد الشكر :لذلك هناك عبد جمعه عبيد ، هناك عبد القهر الذي جمع هذا العبد عبيد .
وهناك عبد الشكر ، هذا العبد الصالح ، الذي عرف الله عز وجل ، الذي تفكر في خلق السماوات والأرض فعرف الله ، هذا العبد الصالح الذي خضع لله ، هذا العبد الصالح الذي أحبّ الله ، هذا العبد الصالح الذي شكر الله ، هو عبد ، لكن جمعه عباد . فرق كبير بين أن تكون في قبة الله ، وفي أية لحظة تنتهي الحياة ، في أية لحظة يتوقف القلب ، في أية لحظة سكتة دماغية ، في أي لحظة احتشاء قلب ، في أي لحظة حادث سير ، بين أن تكون عبداً في قبضة الله ، هذا عبد القهر ، وبين أن تكون عبداً لله عرفته وأطعته ، وتقربت إليه ، وأحببته فرق كبير جداً .لذلك العلماء قالوا : هناك عبد القهر ، وهناك عبد الشكر .
أجوع يوماً فأذكره ، وأشبع يوماً فأشكره .
الله عز وجل مع كل الخلق :
مع كل الخلق ، مع المؤمن والكافر ، مع الصالح والطالح ، مع القريب والبعيد" وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ " أي معكم بعلمه . معهم بالتوفيق ، معهم بالتأييد ، معهم بالنصر ، لكن هذه المعية مقيدة ، لها ثمن باهظ . أنا معكم بثمن ، الثمن الطاعة .فالنصر ، والـتأييد ، والتوفيق ، والحفظ ، هذه لها ثمن أن تكون مطيعاً لله عز وجل .
الله تعالى يحب التفوق ويحب أن يكون الإنسان متميزاً بين بني البشر :
أيها الأخوة الكرام ، " السيد " الله ، هو "السيد " مطلقاً ، وإذا قلنا فلان سيد مجازاً شيء محدود ، في مهمة محدودة جداً ، سيد نسبي ، والله عز وجل يحب التفوق ، يحب أن تكون متميزاً بين بني البشر .مختارات
-
خَلق الأرض
-
الديوث لا يدخل الجنة
-
" من أعمال السائرين "
-
" العمل في حياة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم "
-
" محبة الملائكة المقربين بالمؤمنين التائبين المستغفرين "
-
هل ثبت أن من فضائل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم : الراحة عند الموت؟
-
فقه الحياة العالية - الجزء الرابع
-
" قصة طموح "
-
الاستنباطات الفقهية من الحج
-
حدد هدفك