يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
مبالغة المؤمن في تحري العدل ليس مع المؤمنين بل مع كل الخلق:
أيها الأخوة الكرام، مع درس جديد من دروس يا أيها الذين آمنوا آية اليوم:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا(135) ﴾
(سورة النساء)
الإنسان أحياناً يكون مضجعاً، إذا أمر مهم جداً يجلس، وإذا أمر مهم أكثر يقف، فإذا كان الأمر مصيرياً يقف متحفزاً، هذه الوقفة مع التحفز يعبر عنها في القرآن الكريم بكلمة قوام يعني المبالغة، من شأن المؤمن أنه يبالغ في تحري الحق، للتقريب ومن شأن الطبيب أن يبالغ في تنظيف الخضار والفواكه لعلمه بما ينجم عن تناول طعام ملوث من أمراض وأوبئة، من شأن أقل إنسان يعمل في الطب أن الإكثار من الملح يرفع الضغط، الضغط هو القاتل الصامت، من شأن أي إنسان يعمل بالبناء أن الإسمنت يحتاج إلى حديد، هذه بديهيات، من شأن المؤمن أنه يبالغ في تحري العدل، ليس مع المؤمنين مع كل الخلق أجمعين، مع الكافرين، مع المنحرفين:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ (135) ﴾
(سورة النساء)
ظلم المسلمين بعضهم لبعض يبعدهم عن النصر:
أي مرة حدثني إنسان قال لي عندي موظف صغير يتيم لكن فهيم جداً و ذكي، فطلب مني ساعة قبل نهاية الدوام ليغادر المحل ليلتحق بمدرسة ليلية ليأخذ شهادة قال لي هو يتيم ما سمحت له إذا تعلم أخسره، هذا الإنسان نفسه دفع لابنه مليوني ليرة دروس خاصة ليكون ابنه طبيباً، والله هناك حالات ظلم بالحياة والله لا يمكن أن ينتصر المسلمون على أعدائهم ما دام بعضهم يظلم بعضاً.
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ (135) ﴾
(سورة النساء)
كم زوج يظلم زوجته يتفنن في إذلالها تقدم له البيت ثم يطلقها، والله الذي لا إله إلا هو يصل إلى سمعي عبر الهاتف قصص يشيب لهولها الولدان من مسلمين يظلمون زوجاتهم، يظلمون أولادهم:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ (135) ﴾
(سورة النساء)
عدل ساعة يعدل أن تعبد الله ثمانين عاماً، هل تعامل زوجة ابنك وهي عندك في البيت كما تتمنى أن تعامل ابنتك في بيت أهل زوجها؟ هل تطلب من زوجتك شيئاً لا تفعله أنت، هل تحملها ما لا تطيق؟ هل ترى أن لك ما ليس لها وأن عليها ما ليس عليك؟ أنت عنصري، والله الذي لا إله إلا هو الآن شاع استخدام الخادمات، والله الذي لا إله إلا هو إن لم تعامل هذه الخادمة كما تعمل ابنتك لست مؤمناً، البواقي من الطعام، الطعام القديم تجبر على أكله، والطعام الطازج لا يسمح لها أن تأكله، هناك فتيات ينتحرن من شدة الظلم، والله لا أبالغ هناك ظلم في العالم الإسلامي تشيب لهوله الولدان.
الدنيا تصلح بالكفر والعدل ولا تصلح بالإيمان والظلم:
لذلك قال بعض العلماء: إن الله ينصر الأمة الكافرة العادلة على الأمة المسلمة الظالمة، قال بعضهم أيضاً: الدنيا تصلح بالكفر والعدل ولا تصلح بالإيمان والظلم.
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ (135) ﴾
(سورة النساء)
يا رسول الله ! اشهد أني نحلت ابني هذا (حديقة) قال: ألك ولد آخر؟ قال: نعم، قال: هل نحلته مثل ما نحلت هذا؟ قال: لا، قال: أشهد غيري فإني لا أشهد على جور، والله بيوتات لا تعد ولا تحصى بمئات الألوف تحرم الإناث أبداً مسلمون يرتادون المساجد:
إنّ الرجل وإن المرأة ليعبدان الله ستين عاماً ثم يضران في الوصية فتجب لهما النار
مرة ثانية إنّ الرجل وإن المرأة ليعبدان الله ستين عاماً ثم يضران في الوصية فتجب لهما النار.
لا تستطيع أن تُقبّل ابناً دون أن تُقبّل الآخر:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ (135) ﴾
(سورة النساء)
بالغ بالعدل، بالغ بتوزيع ما تملك وفق العدل التام، لماذا يكره الناس التعدد؟ لماذا تفضل أن تطلق عن أن تكون امرأة ثانية؟ لأن الناس ما رأوا عدل الإسلام رأوا انحياز الزوج للجديدة وإهماله للقديمة، ما رأوا تعدداً عادلاً رأوا تعدداً ظالماً.
على الإنسان أن ينطق بكلمة العدل و لو على نفسه:
أيها الأخوة، القضية ليست في المظاهر تكتب على المحل إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً والأسعار تفوق حدّ الخيال، تكتب على البضاعة مصنوعة في البلد الفلاني وهي من أسوأ البلدان في التصنيع وتخفي المنشأ الحقيقي لهذه البضاعة وأنت مسلم:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ (135) ﴾
(سورة النساء)
يجب أن تنطق بكلمة العدل، تأتيه ابنته وقد تخاصمت مع زوجها يبقيها عنده ليذل زوجها، هل اتصلت بهذا الزوج وسألته ماذا فعلت معك؟ أبداً كلام ابنته مصدق مُنزل، أيها الأخوة،
(ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد حجة الإسلام)
[ورد في الأثر]
لا تؤخذ بالمظاهر قال لي شخص بيت صاحبته من تركيا يساوي سبعة ملايين خلصته بسبعمئة ألف على قدر ما أتعبتها هو يظن نفسه ذكياً وشاطراً، امرأة تعيش من هذا البيت تقيم في تركيا قيمته سبعة ملايين.
إنسان يعمل في التدريس والتدريس بمادة دينية عقد عقده على امرأة وعنده بيت يحتاج إلى إكساء لا يملك ثمن إكساءه، تأخر الزواج إلى أن أصبح العقد في خطر، أراد أهل الزوجة أن ينهوا هذا العقد، حدّث قصته لصديق له قال له أنا عندي بيت استعره إعارة إلى أن تكسو بيتك أسترده منك، قال له: جيد فاستعاره وأقام الزواج وتركه صديقه أربع سنوات حتى يكون ارتاح، والبيت هيئه، ثم دقّ عليه الباب قال له ماذا حصل معك؟ قال له أنا من زمان البيت كسوته وأجرته وأنا عندك مستأجر على القانون، قال له أنا قلت لك إعارة هذا قبل القانون الجديد كان المستأجر مالكاً، فوسطوا عالم من علماء دمشق ليحكي معه لأنه أستاذ ديانة، قال له يا رجل صلاتك في البيت لا تجوز قال له أنا أصلي في المسجد ليس في البيت.
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا (135) ﴾
(سورة النساء)
على الإنسان أن يؤدي حق الآخرين و لو كانوا على غير دينه:
إنسان كان مع النبي عليه الصلاة والسلام من الأنصار وهناك درع سرقت اتهم بها يهودي، وهذا الذي سرقها رتب خطة حيث طلب من اليهودي أن يبقيها عنده، وكانت هذه الدرع موجودة في كيس فيه طحين، والكيس مثقوب فصار الطحين يرسم طريقاً إلى اليهودي، فجاء بهذا الدليل هو الذي سرقها، فجاء القرآن الكريم ليخاطب سيد المرسلين قال له:
﴿ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا ﴾
(سورة النساء)
تمنى النبي أن يكون اليهودي هو المتهم وأن هذا الأنصاري هو البريء، القصة بالعكس وحي السماء ينزل على سيد الأنبياء ليبرئ هذا اليهودي وهو عدو لرسول الله، بالحق لا يوجد عداوة أو غير عداوة، يجب أن تؤدي حق المجوسي الكافر الملحد، هذا الدين:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا (135) ﴾
(سورة النساء)
من عدل بين الناس على اختلاف أديانهم قربهم إلى الله تعالى:
أيها الأخوة، آية ثانية:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا (8) ﴾
(سورة المائدة)
لا يحملنكم بغض قوم على ألا تعدلوا، المؤمن بشكل تقليدي من يبغض؟ الكافر، المنافق، المنحرف، العاصي، الفاجر، هذا الكافر المنافق المنحرف العاصي الفاجر:
﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى (8) ﴾
(سورة المائدة)
تقربهم إلى الله حينما تعدل، تقربهم إلى نفسك حينما تعدل.
العدل أساس انتصار المؤمنين على أعدائهم الأقوياء:
لذلك أيها الأخوة، أرسل النبي عليه الصلاة والسلام عبد الله بن رواحة ليقيّم تمر خيبر، أغروه بحلي نسائهم كرشوة كي يخفف التقييم، فقال: والله جئتكم من عند أحبّ الخلق إلي، ولأنتم أبغض إليّ من القردة والخنازير، ومع ذلك لن أحيف عليكم، فقالت اليهود: بهذا قامت السماوات والأرض، وبهذا غلبتمونا.
والآن لن ننتصر على أعدائنا الأقوياء إلا إذا عدلنا فيما بيننا:
(هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ)
[البخاري عن سهل بن سعد]
الضعيف ينبغي أن تطعمه إن كان جائعاً، أن تكسوه إن كان عارياً، أن تعلمه إن كان جاهلاً، أن تؤويه إن كان مشرداً، أن تنصفه إن كان مظلوماً، إن فعلت هذا لعل الله يتفضل علينا بأن ينصرنا على من هو أقوى منا:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى (8) ﴾
(سورة المائدة)
شروط الدعاء:
أيها الأخوة، الدعاء له شروط:
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) ﴾
(سورة البقرة)
إلا أن العلماء اجمعوا على أن إنسانين مستثنيان من شروط الدعاء، المظلوم يستجيب الله له ولو كان كافراً:
(اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها و بين الله حجاب)
[أخرجه البخاري عن ابن عباس]
وهناك رواية:
(اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافراً)
[رواه أحمد في مسنده وأبو يعلى في مسنده والضياء عن أنس]
أغبى الأغبياء من لا يدخل عدل الله في حسابه:
الآن:
﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ (18) ﴾
(سورة آل عمران)
عدل الله مطلق، وأغبى الأغبياء من لا يدخل عدل الله في حسابه، ظلم زوجات، ظلم أولاد، ظلم عمال، يعني مع الضائقة الشديدة الاقتصادية يقبل العامل بخمسة آلاف الآن، ويريد ألف ومئتي ليرة للمواصلات، بقي ثلاثة آلاف وثمانمئة، دوام ثلاثين يوماً ثمان ساعات وساعتين طريق عشر ساعات يقبل، أما يجوز رب العمل يصرف باليوم مئة ألف هذا أليس إنساناً؟ هناك ظلم، ظلم شديد.
تخلي الله عز وجل عن المسلمين لابتعادهم عن العدل:
تخلي الله عنا التخلي الإلهي عن المسلمين الآن له أسباب كبيرة جداً:
﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)
(سورة آل عمران)
دقق الإله قائم بالقسط:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ (21) ﴾
(سورة آل عمران)
لا تخلو الأرض من إنسان ينطق بالحق، يأمر بالعدل، يأمر بالقسط، دائماً الناس مع القوي ومع الغني، لو نطق الغني بالكفر لصدقوا كلامه، لو ظلم من حوله لبجلوه وعظّموه، أما المؤمن لا يبجل ولا يعظم إلا العادل.
وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ: أمر إلهي يقتضي الوجوب:
يخاطب الله النبي عليه الصلاة والسلام فيقول له:
﴿ وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ (42) ﴾
(سورة المائدة)
قال له أحد الأعراب، اعدل يا محمد، فتبسم النبي عليه الصلاة والسلام، قال له ويحك يا هذا من يعدل إن لم أعدل؟ الصفة الصارخة للمؤمن العدل مع زوجته، مع أولاده، مع جيرانه، مع من فوقه، مع من تحته، وإذا حكمت يا محمد:
﴿ وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ(42) ﴾
(سورة المائدة)
آية أخرى:
﴿ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ (29) ﴾
(سورة الأعراف)
أمر إلهي وكل أمر يقتضي الوجوب.
أسماء الله الحسنى كلها محققة في الدنيا إلا اسم العدل المطلق التام محقق يوم القيامة:
لكن لابدّ من حقيقة دقيقة، أسماء الله الحسنى كلها محققة في الدنيا إلا اسم العدل، هذا الاسم محقق جزئياً فقط لأن الله سبحانه وتعالى يكافئ في الدنيا وهي دار امتحان بعض المحسنين تشجيعاً للباقين ويعاقب بعض المسيئين ردعاً للباقين، أما العدل المطلق التام:
﴿ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (185) ﴾
(سورة آل عمران)
لذلك الآية الكريمة:
﴿ إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ (4) ﴾
(سورة يونس)
لماذا يعيده؟
﴿ إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ(4) ﴾
(سورة يونس)
تسوية الحسابات يوم القيامة أمر حتمي لا جدال فيه:
الآن لابدّ من تسوية الحسابات، معظم العلماء يعتقدون أن الإيمان باليوم الآخر إيمان تصديقي إلا أن عالماً واحداً وأنا أجلّه كثيراً يرى أن الإيمان باليوم الآخر إيمان عقلي، لأن العقل البشري لا يقبل أن يخلق الله عز وجل ابنتين واحدة من جنوب آسيا وواحدة مقيمة في بلد غني، المقيمة في بلد غني لها زوج، وأولاد، وسيارات، وبيوت، و لها أموال بالمصارف، وهذه في جنوب آسيا تشتغل خادمة في الشهر خمسة آلاف عشرين ساعة في اليوم وتنتهي الحياة، واحدة بالغت في الزينة، وفي إغواء الناس، وفي الاستعلاء، وواحدة من أجل أن تطعم أولادها سافرت عشرات آلاف الكيلو مترات وترسل هذا الذي تأخذه لأهلها وتنتهي الحياة هكذا، دولة مستعلية تقتل مليون والمعاقين مليون وخمسة ملايين مشرد لوهم لم يثبت وكل الدول معها والعالم كله معها وتنتهي الحياة هكذا.
(تمتلئ الأرض ظلماً وعدواناً حتى يأتي أخي عيسى فيملؤها قسطاً وعدلاً)
[ابن ماجه عن عبد الله بلفظ قريب منه]
والله هناك ظلم بالأرض، الآن العقل لا يصدقه عشرة بالمئة من سكان الأرض يتمتعون بتسعين بالمئة من ثروات الأرض، والعالم الثالث مجاعات، بالسودان، بالصومال يموتون من الجوع فقراً، الأغنياء صنعوا من غذاء الفقراء وقوداً للطائرات، من غذاء الفقراء، من فول الصويا، من الذرة، وقوداً للطائرات، الآن أسعار المواد الغذائية عشرة أضعاف، يجب أن يتمتعوا بوقود لا يلوث البيئة، أما هذه المليارات من البشر تموت جوعاً لا يوجد مشكلة هذا العالم، لذلك:
(تمتلئ الأرض ظلماً وعدواناً حتى يأتي أخي عيسى فيملؤها قسطاً وعدلاً)
[ابن ماجه عن عبد الله بلفظ قريب منه]
القسط و العدل أساس الاتصال بالله عز وجل:
أيها الأخوة:
﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ (25) ﴾
(سورة الحديد)
مرة ثانية:
(ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد حجة الإسلام)
[ورد في الأثر]
هناك أناس يحبون المظاهر، لا تعبأ بالمظاهر إطلاقاً، أدِّ الذي عليك واطلب الذي لك، كن مقسطاً، كن عادلاً، كل واحد منا قد يكون قاضياً لكن هو بالأساس ليس قاضياً هو أب لكن قاضٍ بين أولاده، قاضٍ بين كنائنه، قاضٍِ بين أهل زوجته، هذا قضاء، فكن مقسطاً وكن عادلاً ترى الطريق إلى الله سالك، حينما تكون مقسطاً و عادلاً ترى الطريق إلى الله سالك، أدِّ الذي عليك واطلب الذي لك.
والحمد لله رب العالمين
مختارات