كرة الثلج
لماذا يزدري الإنسان نفسه؟
هذا سؤال بدا واضحاً أمامي، وأجدني في مواجهة شبكة مسببات متداخلة، ومتفرقة المنازع، بين علل دينية، ومصاعب دنيوية.
الفشل والطموح المبالغ فيه مع مقارنة النفس بنماذج شديدة التميز في العلم أو العمل يولد مشاعر ازدرائية للذات. وتتفاقم النزعة الازدرائية للنفس بتأثير ارتكاب الخطايا القذرة، وهي تلك التي تملأ نفس فاعلها بالتأنيب، مثل إدمان أو مشاهدة المقاطع الإباحية، وارتكاب الزنا، وما يقاربه، والعادة السرية، والسرقة، والكذب المتكرر، والحسد والنفاق، وغير ذلك من الذنوب، لا سيما التي يصفها بعض أهل العلم بمعاصي الخسة.
وأحياناً يكون ازدراء الذات عرض أصيل لأزمة اكتئابية عارضة أو مزمنة، تتزامن مع شعور عام بالتفاهة، وفقدان القدرة على الاستمتاع بالحياة. ربما أيضاً يكون ذلك نتيجة لخلل في إدراك الذات باعتدال، بلا وكس ولا شطط، إما بسبب ازدراء الناس، أو بسبب كون الإنسان يعيش وسط بيئة تتفوق عليه اجتماعيا أوثقافيا أو اقتصاديا، بصورة مؤثرة…الخ ما يمكن تخمينه من العلل.
يمكن القول: أن (الإنجـاز) يعد أهم خطوة لتجاوز أزمة الازدراء، ولاستعادة السلام الداخلي، وحتى لمقاومة وطأة الاكتئاب. الإنجاز هنا عام جدا، أي إنجاز.
وضوء وصلاة ركعتين، قراءة خاشعة لصفحة من القرآن، تدبر 3 أحاديث من صحيح البخاري، هرولة نصف كم، قراءة 50 صفحة من كتاب جيد، محادثة حميمية مع أمك، كتابة فكرة لطيفة في 10 أسطر، صنع حلى أو وجبة عشاء صغيرة بيدك، مشاهدة برنامج وثائقي مفيد، الانخراط في عمل تطوعي أسبوعي، تعلممهارة جديدة، أو لغة جديدة…الخ.
هذه الإنجازات ككرة الثلج، إذا حافظت على تنفيذ أي منها بشكل شبه يومي على الأقل.
الإنجاز يعيد لك بهجة الحياة، ويشعرك بقيمة وجودك، وبقدرتك على الفعل. ويملأ الفراغ -الذي هو سبب كل مشاكل البشر، ويخفف من المبالغة في انشغال الإنسان بنفسه، ولتتوجه طاقته للفعل الخارجي، بدلاً من تكريس الكسل، والاستسلام للخواطر الرديئة.
مختارات