"الحديقة العاشرة : تفطير الصائمين "
" الحديقة العاشرة: تفطير الصائمين "
حصاد مضاعف لمن أسهم فيها بسهمه مخلصًا لوجه ربه، وكأنك تصوم في يومك مرتين، بقليل من الزاد الطيب تستظل أنت بظلال هذه الحديقة الغنَّاء؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من فطَّر صائمًا كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئًا» [رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح].
واليوم – بفضل من الله تعالى – تقوم وجهات الخير في كل بقاع الأرض بتسهيل هذه العبادة؛ حيث تدلك على المشاركة فيها بيسير من الطرق والوسائل، وبقليل من المال، وما ذاك إلا رحمة من الله بالمحتاجين، ومضاعفة لأجر المحسنين.
ولعلك شاهدت مرة بعينيك منظر التفطير هذا؛ حيث تمتد مائدة الخير والكرم في ساحات بيوت الله، وقد التف على جوانبها الفقراء من الجاليات المسلمة وغيرهم، في ود وحب وفرح، وتفيض مشاعرك إيمانًا حينما ترى الأغنياء والموسرين يقومون على خدمة هؤلاء الغرباء والمساكين، يباشـرونهم بالماء البارد، وبلقيمات دافئة، وبأشكال من الحلوى، تزيد حلاوتها بابتساماتهم المملوءة إخاءً وحنانًا؛ أيُّ جوٍّ إيمانيٍّ هذا الذي يوقفك معتزًّا بدينك، الذي يجعل الغني يسعى لرسم الابتسامة على الفقير؛ بل ويبحث عنه، ويعطيه حتى يرضيه.
ولا أنسى والله ذلك المنظر الأخوي الرائع حينما رأيت بعيني أحد الكفلاء يضع اللقمة في يده ويضعها في فم أحد عماله، فغالب العامل الحياء، فقام وترك المكان مهرولاً، فأتبعه الكفيل يركض خلفه، حتى وضع اللقمة في فيه؛ إنها ليست صورة حديثة؛ بل هي تطبيقٌ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه، فإن لم يجلسه معه، فليناوله لقمة أو لقمتين أو أكلة أو أكلتين فإنه ولي علاجه» [رواه البخاري].
مختارات