الَّلبِنة الأُولى { إقرأ }
كانَ الظَّنُ أن يكونَ أولَ حديثٍ بَينَ الله و بينَ القَلبِ الباحث حتى الوجع عن الحقيقة { إنَّني أنا اللهُ لا إله إلّا أنا فاعبُدني و أقِم الصلّاةَ لِذكّري }.
أو رُبّما كانَ الظَّنُ أَن يَكونَ أولَ أمرٍ لٍمحمد أن يَصدحَ بالقولِ أمَامَ قَومِه إنّي { عبدُ الله آتاني الكتاب و جَعَلَني نبيّا }.
لكن البداية كانت مختلفة ؛ لأنَّ مُهمة مُحمد ستكونُ مختلفةً، و النهايات الجليلة تكون للبدايات الثقيلة !
{ إقرأ } فقط.
و بِها وَحدَها يا محمد سَنَمحو كُلَّ فُصولِ الجَفافِ و تاريخ أُمّةٍ كان وَزنُها هَباء !.
و نَعلو بك الى قمّة { و إنّه لَذِكرٌ لَكَ و لِقومِك }.
قومك الغائبون في سراديبِ المَوتِ و النّسيان.
{ اقرأ }.
وحدها من ستُعلّم الأَعرابَ كيف يُصبح لخُطواتهم على الرِّمالِ صدىً تهتزُّ له عُروش الحضارات المُمتدة على فَقرِنا و جَهلِنا.
{ اقرأ }.
وحدها من ستَكتُبُ لكم حُضوركم في كلِّ تفاصيل التّاريخ و تَفاصيل النّعيم في عِليّين !
{ اقرأ }.
و ليس بين يدي مُحمد صحيفةً و لا قَلَماً و لا { ما يسطرون }.
{ اقرأ }.
و عقلُ محمد يلتفِتُ فلا يَرى إلا غاراً و رمالاً و فراغاً يلتهمُ صدى قومه و يُبقيهم في المجهول.
!
{ اقرأ }.
و مال محمد و هذا النداء.
{ اقرأ } و تتوالى عبارات من السَّماء لا تَعني العقل العربي.
{ علّم بالقلم }
{إقرأ }.
و لا تُعجِزك أُمّيَّتُك.
{ اقرأ } يا محمد أنت و أُمّتك قراءةٌ هي أعلى من التَهجِئة و إقامة الحروف.
وتنبّه { لا تُحرّك به لسانك لتعجل به }.
لأنّا { سنُقرِئُكَ }.
فما ماتَ النّبي محمد إلا و قد قَرَأَ القرآن قراءَةَ التّفعيل و التّأويل !
إذ قالت عائشةُ في وصفِ حياتِه: { كان يتأوّل القرآن } أي يُفسِّره سُلوكاً و يَتذوَّقه مَعاشاً !
{إقرأ }يا محمد.
فَهي وَحدَها من سَتَقلِبُ الوثنيَّةَ و تُفقِد الأصنام ثَباتَها و تمنَحُك نِهايةَ نشيدها { قُل جاءَ الحقُّ و زَهقَ الباطل إنَّ الباطلَ كان زَهُوقا }.
{إقرأ } يا محمد.
فبها وَحدَها سَتَرتَفِعُ المَرأَةَ من حالَةِ { وإذَ المَؤودةُ سُئِلت } إلى مَقامِ { قَد سَمِع اللهُ قَولَ الّتي تُجادِلُك في زوجها }.
و سَينتهي زَمنُ الإستِضعاف.
!
و تُصبح " لَبِنَةَ " إحدى الإماء التي سُبِيَت في زمنِ الفُتوحات عالمةَ الرّياضيّاتِ واللّغة في في جامعةِ قُرطبة أشهر جامعةٍ علميّة في القارّةِ الأوروبيّة ! وَ يَذكُر لها التّاريخ أنها كانت تَسيرُ في الـطُرقات فَتُعلِّمَ الصِّغار الحِساب لأنَّها فَقِهَت أنَّ أول التّنزيل كان { اقرأ } !
{إقرأ }.
فبها وحدها سيُبنَى بَيتُ الحِكمة في بغداد.
.
و بها وحدها سَيكتُب إبن الجوزيِّ بِأصابعه ألفي مُجلد ثم يَجمعُ بَرّايات أقلامهِ و يأمر أن يُسخُّن بها ماءَ تغسيله إذا مات ؛ لأنَّ الله يُحبُّ القَلَم !
{إقرأ} وأخواتها من {ن والقلم } حتى { الرحمن، عَلَّمَ القُرآن، خلق الانسان، علَّمهُ البَيان } هي التي جَعلت إبن عقيل يقول وأنا في الثمانين من عُمري أنشطُ في طَلبِ العِلم ممّا كُنتُ في العِشرين، و ما ماتَ حتى سطَّر لنا آلاف الأوراق في العلم !
{إقرأ } حتى تعبُدَ الله { على بصيرةٍ }.
{اقرأ } و سيمَنُحكَ الفَهمَ { رَبُّك الأَكرم } !
{إقرأ }كي تبلغَ مقام { لِتكونوا شُهداء على النّاس } ؛ كُلّ النّاسِ من المَشرقِ حتى المَغرب !
{اقرأ } وبِها كان البِدءُ و لن يَصلُحَ الحال إلا بما كان به أولُ الأمرِ.
لو أنَّ الأُمَّةَ تَفطَنُ كيف بدأ التّنزيلُ و كيف صار التّشكيلُ و بماذا بدأ الله أول كلمةٍ في مسيرة التغيير !
{ اقرأ } و لا تَهذُ القرآنَ هذا هذا.
فإن َّهذا القُرآن جاءَ لِتُجاهِدهم { به جِهاداً كَبيرا }.
مختارات