النسمة الخامسة - أين الله (4)
5. الحياء الأكبر من الله: أخي.. استح من الله: {الذي يراك حين تقوم. وتقلبك في الساجدين}، ألاتعلمون أن من صفاته أنه {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور}، وأنه يطلع عليكم حال سركم وجهركم، في ليلكم ونهاركم {وهو معكم أين ما كنتم}، هذا الذي يتمادى في غيه ويغرق في ذنبه {ألم يعلم بأن الله يرى}، لا تظنوا الله غافل عما تعملون، لا تحسبوه لايرى ما تصنعون {إن الله كان عليكم رقيبا}، بل هو سبحانه القائل عن ذاته أنه {قائم على كل نفس بما كسبت}، كل نفس.. بما فيها أنت أيها القارئ.
قال حميد الطويل لسليمان بن علي: لئن كنت إذا عصيت الله خاليا ظننت أنه يراك لقد اجترأت على أمر عظيم، ولئن كنت تظن أنه لا يراك فقد كفرت.
ويحك.. قال أبو الفرج ابن الجوزي: الله.. الله.. الله.. دافع عنك قبل وجودك فقال مدافعا عن خلقك: {إني أعلم ما لا تعلمون}، واستكثر قليل عملك فقال: {والذاكرين الله كثيرا والذاكرات}، واعتذر لك عن ذلة أبيك وأمك فقال: {فدلاهما بغرور}، وغطى قبيح فعلك برداء {يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم}، وأربحك معاملتة فقال: {فله عشر أمثالها}، ومن دافع عنك وأنت مفقود لايخذلك وأنت موجود، وكما قدمك على سائر المخلوقات فقدمه فى قلبك على سائر المطلوبات.
الله أم الملك؟! راقب الله في كل حركاتك وسكناتك، وخطراتك ولفظاتك، أما ترضى أن تراقبه وتعامله كما تعامل ملكا من ملوك الأرض؟ وتخيل حالك لو كلفوك بحراسة الملك؟ فكر ابن القيم بالنيابة عنك ثم قال:
هان سهر الحراس لما علموا أن أصواتهم بمسمع الملك.
مختارات