" الطَّمــع "
" الطَّمــع "
ذم الطَّمع في الكتاب والسنة:
#### أولًا: في القرآن الكريم:
- قال تعالى: " وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ " [البقرة: 41].
قال السُّدِّي: (لا تأخذوا طمَعًا قليلًا وتكتُموا اسمَ الله، وذلك الثمن هو الطَّمع) [تفسير القرآن العظيم،لابن أبى حاتم].
وعن قتادة قال: (أنبأكم الله بمكانهم من الطَّمع) [جامع البيان،للطبرى].
- وقال جل في علاه: " وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ " [ص: 24].
(لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ: بسائق الطَّمع والحرص، وحب التكاثر بالأموال التي تميل بذويها إلى الباطل إن لم يتولَّهم الله بلطفه) [بيان المعانى،لعبد القادر العانى].
ثانيًا: في السنة النبوية:
- عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من غزا في سبيل الله، ولم ينوِ إلا عقالًا، فله ما نوى) [صححه الألبانى فى صحيح الجامع].
قال الطيبي: (هو مبالغة في قطع الطَّمع عن الغنيمة، بل ينبغي أن يكون خالصًا لله تعالى، غير مشوب بأغراض دنيوية) [مرقاة المفاتيح،شرح مشكاة المصابيح،للقارى].
- وعن عياض بن حمار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكلِّ ذي قرب ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال، وأهل النار خمسة: الضعيف الذي لا زبر له، الذين فيكم تبع، لا يبغون أهلًا ولا مالًا، والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دقَّ إلا خانه، ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك، وذكر البخل أو الكذب، والشنظير: الفحاش))[رواه مسلم].
قال القاري: (... (والخائن الذي لا يخفى له طمع- وإن دقَّ- إلا خانه): هو إغراق في وصف الطَّمع، والخيانة تابعة له، والمعنى أنه لا يتعدَّى عن الطَّمع، ولو احتاج إلى الخيانة، ولهذا قال الحسن البصري: الطَّمع فساد الدين والورع صلاحه) [مرقاة المفاتيح،شرح مشكاة المصابيح،للقارى].
- وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اتقوا الظلم؛ فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشحَّ؛ فإنَّ الشحَّ أهلك من كان قبلكم؛ حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلُّوا محارمهم) [رواه مسلم].
قال ابن عثيمين: (ثم قال صلى الله عليه وسلم: (واتقوا الشحَّ) يعني الطَّمع في حقوق الغير،اتقوه: أي احذروا منه، واجتنبوه) [شرح رياض الصالحين].
#### أقوال السلف والعلماء في الطَّمع:
- قال عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه: (تعلمن أنَّ الطَّمع فقر، وأنَّ اليأس غنى) [رواه ابن المبارك في الزهد].
- وقال عليٌّ رضي الله عنه: (أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع) [المستطرف في كل فن مستظرف، للأبشيهي].
- وقال أيضًا: (ما الخمر صرفًا بأذهب لعقول الرِّجال من الطَّمع) [المستطرف في كل فن مستظرف، للأبشيهي].
- وقال أيضًا: (الطامع في وثاق الذلِّ) [ربيع الأبرار ونصوص الأخيار، للزمخشري].
- وعنه أيضًا: (الطَّمع رقٌّ مؤبد) [القناعة والتعفف،لابن أبي الدنيا].
- وقال أيضًا: (إياك أن ترجف بك مطايا الطَّمع، فتوردك مناهل الهلكة) [القناعة والتعفف،لابن أبي الدنيا].
- وقال ابن عباس: (قلوب الجهال تستفزها الأطماع، وترتهن بالمنى، وتستغلق) [القناعة والتعفف،لابن أبي الدنيا].
- واجتمع كعب وعبد الله بن سلام، فقال له كعب: (يا ابن سلام: مَن أرباب العلم؟ قال: الذين يعملون به،قال: فما أذهب العلم عن قلوب العلماء بعد أن علموه؟ قال: الطَّمع، وشره النَّفس، وطلب الحوائج إلى النَّاس) [القناعة والتعفف،لابن أبي الدنيا].
- وقال الحسن البصري: (صلاح الدين الورع، وفساده الطَّمع) [مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، للقاري].
#### من آثار الطَّمع:
1- الانشغال الدائم والتعب الذي لا ينقطع.
2- يؤدي إلى غياب فضيلة البذل والتضحية والإيثار بين أفراد المجتمع.
3- دليل على سوء الظن بالله.
4- دليل على ضعف الثقة بالله، وقلَّة الإيمان.
5- طريق موصل إلى النار.
6- يجعل صاحبه حقيرًا في عيون الآخرين.
7- يُذِلُّ أعناق الرجال.
8- يُشعر النفس بفقر دائم، مهما كثر المال.
9- يُعمي الإنسان عن الطريق المستقيم.
10- يعود على صاحبه بالخسران في الدنيا والآخرة.
#### أنواع الطَّمع:
والطَّمع نوعان هما:
1- الطَّمع المحمود، وذلك مثل:
الطَّمع في طلب مغفرة الله للإنسان.
الطَّمع في دخول الجنة.
الطَّمع في كرم الله.
2- الطَّمع المذموم، وذلك مثل:
الطَّمع في طلب الدنيا وجمع المال.
الطَّمع في سلطة أو منصب.
الطَّمع في المأكل والمشرب والملذات.
#### من الأسباب المؤدية إلى الطَّمع:
1- عدم الاهتمام بتزكية النَّفس، وتهذيبها.
2- حبُّ الدنيا وكراهية الموت.
3- ضعف الإيمان.
4- الجهل بالآثار السيئة للطَّمع.
#### من الوسائل المعينة على ترك الطَّمع:
1- الاهتمام بتهذيب النفس.
2- التَّأمُّل في العواقب الوخيمة التي تنتج عن الطَّمع.
3- التَّأمُّل في نعم الله الكثيرة والمختلفة، وشكره عليها.
4- التَّحلِّي بالورع عند الميل إلى الطَّمع.
5- التَّسليم لقضاء الله وقدره.
6- الطَّمع في الجنة وما عند الله من نعيم في الدار الآخرة.
7- اللجوء إلى الله، والاستعانة به، في الابتعاد عن الطَّمع.
8- مجاهدة النفس، وتعويدها على القناعة، والتعفف.
9- مطالعة سير السلف، وأحوال الصالحين.
10- العلم بأنَّ الإنسان لن يأخذ من رزقه أكثر مما كُتِب له مهما حرص.
#### ما قيل في الطَّمع:
- وقال بعض العارفين: (الطَّمع طمعان: طمع يوجب الذُّل لله، وهو إظهار الافتقار، وغايته العجز والانكسار، وغايته الشرف والعز والسعادة الأبدية، وطمع يوجب الذُّل في الدارين، أي: وهو المراد هنا، وهو رأس حب الدنيا، وحب الدنيا رأس كلِّ خطيئة، والخطيئة ذلٌّ وخزي، وحقيقة الطَّمع: أن تعلِّق همتك، وقلبك، وأملك، بما ليس عندك، فإذا أمطرت مياه الآمال على أرض الوجود، وألقي فيها بذر الطَّمع بسقت أغصانها بالذُّل ومتى طمعت في الآخرة وأنت غارق في بحر الهوى ضللت وأضللت) [فيض القدير،للمناوى].
- وقال بعضهم: (من أراد أن يعيش حرًّا أيَّام حياته فلا يسكن قلبه الطَّمع) [المستطرف،للأبشيهى]
- وأراد رجل أن يقبل يد هشام بن عبد الملك فقال: (لا تفعل، فإنما يفعله من العرب الطَّمع، ومن العجم الطبع) [ربيع الأبرار ونصوص الأخيار،للزمخشرى].
مختارات