" معالم على طريق التوفيق : السادس والعشرون : احفظ الله يحفظك "
" معالم على طريق التوفيق: السادس والعشرون: احفظ الله يحفظك "
ومن معالم التوفيق حفظ الله لعبده المؤمن، خاصة في هذا الزمن الذي تتلاطم فيه الفتن والمحن والبلايا، فيحفظه في قلبه من الشبهات والخواطر والوساوس التي تبث أمام ناظريه ليلا ونهارا، ويحفظه في جوارحه كلها في بصره وسمعه ولسانه وبطنه وفرجه.
ترى العبد الموفق يحفظ ذلك كله؛ مخافة الله جل في علاه، " وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى " [النازعات: 41].
يراقب ذلك في سفرياته في انتظاره في المطارات أو المستشفيات أو الأسواق والماركات والمنتزهات والشاليهات، فكم سقط من شاب وفتاة في مستنقعات الرذيلة والآثام، كان وراء ذلك نظرة أو ابتسامة أو كلمة إعجاب زينها الشيطان لهما: " وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ " [النور: 15].
أين هم عن قول الحق تبارك وتعالى: " أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى " [العلق: 14].
إنها آية بحق تقشعر لها الأبدان لعظمتها وعلو قدرها، إن الله العليم الكبير لا يخفى عليه شيء من أمرنا وأحوالنا وحركاتنا، مهما اختفينا عن الأنظار والأبصار، إنها الرقابة الإلهية الكبرى.
ومن لطائف القول عند قوله تعالى عن يوسف عليه السلام " وَاسُتَبَقَا الْبَابَ " [يوسف: 25].
يقول الشيخ محمد الحمد حفظه الله: وفي هذا مشروعية الفرار من الفتن مهما بلغ الإنسان من العلم والدين والعقل. ا.هـ.
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " [النور: 21].
خلو واختلاط، ونظرة وإعجاب، وشبهات وشهوات، وسياحة وعروض وسفريات وتخفيضات، احذر احذر أيها الإنسان أن تكون هذه هي أول خطوة من خطوات الشيطان !
أيها الموفق:
احفظ بصرك، احفظ سمعك، احفظ لسانك، احفظ جوارحك، احفظ قلبك في زمن المتغيرات والشهوات والشبهات والفضائيات، ولا يوفق لحفظ ذلك إلا من رُحم.
" وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا " [الإسراء: 36].
يقول مصطفى السباعي (رحمه الله): إذا همت نفسك بالمعصية فذكِّرها بالله، فإذا لم ترجع فذكِّرها بأخلاق الرجال، فإذا لم ترجع فذكرها بالفضيحة إذا علم الناس، فإذا لم ترجع فاعلم أنك تلك الساعة انقلبْتَ إلى حيوان !
وتأمل في كلام الحسن البصري (رحمه الله) وهو يقول: ما نظرت ببصري، ولا نطقت بلساني، ولا بطشت بيدي، ولا نهضت على قدمي، حتى أنظر على طاعة أو على معصية، فإن كانت طاعة تقدمت، وإن كانت معصية تأخرت.
أيها الموفق:
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك» [رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح، انظر بلوغ المرام].
احفظ الله باتباع أوامره واجتناب نواهيه، يحفظك في حلك وترحالك وأهلك ومالك وعرضك، وقبل ذلك كله في دينك، والجزاء من جنس العمل.
يقول أحمد بن خضرويه: القلوب أوعية، فإذا امتلأت من الحق، أظهرت أنوارها على الجوارح، وإذا امتلأت من الباطل، أظهرت زيادة ظلمتها على الجوارح.
يقول ربنا الرحمن:
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " [الحشر: 19].
فماذا قدمت لغدك أيها الموفق؟
إضاءة على الطريق:
اللهم احفظني بالإسلام قائماً
واحفظني بالإسلام قاعداً
واحفظني بالإسلام نائماً
ولا تشمت بي عدواً ولا حاسداً.
مختارات