" معالم على طريق التوفيق : الحادي والعشرون : نعم الله لا تحصى "
" معالم على طريق التوفيق: الحادي والعشرون: نعم الله لا تحصى "
ومن معالم التوفيق للعبد حفظه لنعمة الله عليه الظاهرة والباطنة وما أكثرها على هذا الإنسان! ألم يقل ربنا: " وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ " [إبراهيم: 34].
فتراه يسخر كل ما يملك من قليل أو كثير؛ منصبه، أمواله، علاقاته الاجتماعية، بيته، سيارته، استراحته، عقاره، بل حتى جواله، يستخدمها كلها في مرضاة الله تعالى، لسان حالهم يقول: اللهم ما رزقتنا في حياتنا الدنيا، اللهم اجعلها في طاعتك ومرضاتك.
أخي على طريق التوفيق:
لا تعجب مما قلت لك، فهذا طريق من وفقهم الله، وأكرمهم الله وأسعدهم الله في دنياهم قبل أُخراهم، يعرف نعمة الله عليه حتى في اللقمة الصغيرة التي بين يديه، يعرف أنها من فضل الله وكرمه عليه.
عن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليه» [رواه مسلم].
فكن أيها الموفق شاكرًا حامدًا مثنيًا على ربك في كل لحظة من لحظات حياتك " بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ " [الزمر: 66].
يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي (رحمه الله): الشاكرون أطيب الناس نفوسًا وأشرحهم صدورًا وأقرهم عيونًا؛ فإن قلوبهم ملآنة من حمد الله والاعتراف بنعمه، والاغتباط بكرمه، والابتهاج بإحسانه، وألسنتهم رطبة في كل وقت بشكره وذكره، وذلك أساس الحياة الطيبة. ا.هـ.
يقول شقيق بن إبراهيم (رحمه الله) في تفسير «الحمد لله» قال: هو على ثلاثة أوجه:
أولها: إذا أعطاك الله شيئًا تعرف من أعطاك.
الثاني: أن ترضى بما أعطاك.
الثالث: مادامت قوته في جسدك ألا تعصيه، فهذه شرائط الحمد [انظر تفسير الإمام القرطبي رحمه الله].
ويقول الدكتور خالد أبو شادي وفقه الله: إذا ميزك الله عن غيرك بنعمة من النعم، فاعلم أن لها عند الله تبعة، فلا نعمة بغير ثمن، والثمن هنا هو مزيد الشكر لا مزيد الكفر، والاستزادة من الطاعات لا من السيئات، فاستح من الله أن يقدمك اليوم بمال أو جاه أو عيال أو راحة بال، ثم لا تقدمه وتؤثر عليه غيره.
كما في رسالة له بعنوان: المهاجر من هجر ما نهى الله عنه.
ألا وإن من المحرومين من التوفيق من أكلوا وشربوا ولبسوا وسافروا وأنفقوا في شهواتهم ومعاصيهم، فكانت هذه النعمة وبالًا عليهم:
" وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ " [القصص: 77].
مختارات