" اجتناب المعاصي "
" اجتناب المعاصي "
للخطايا تأثيرات قبيحة إن أسرعت، وإن اجتمعت آذت، فشرارة ربما أحرقت بلداً، والخطايا مطوقة في أعناق الرجال، والهلاك في الإصرار عليها، وبالمعاصي تزول النعم وتحل النقم، وبالمعصية تتعسر الأمور على العاصي، فما يتوجه لأمر إلا ويجده مغلقاً دونه أو متعسراً عليه تحقيقه، والمعصية تمحق بركة العمر، والذي يفوت بارتكاب المعصية من خيري الدنيا والآخرة أضعاف ما يحصل له من السرور واللذة بها، وعقوبة الذنب تحل ولو بعد حين قال عز وجل: " مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ " [النساء: 123].
وقد أهبط إبليس من منزل العز بترك سجدة واحدة أمر بها، وأخرج آدم من الجنة بأكلة تناولها، ودخلت امرأة النار في هرة حبستها، وبينما رجل يجر إزاره إذ خسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة.
وهكذا الذنوب تورد المهالك فكن خائفاً من ذنبك، ولا تأمن العقوبة فإن هوان الذنب على العاصي من علامة الهلاك، وكلما صغر الذنب في عين العبد عظم عند الله، فإياك ومحقرات الذنوب، فإنهن إذا اجتمعن على الرجل أهلكنه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى جمعوا ما أنضجوا به خبزهم» (رواه أحمد) والذنب يعظم ويحدق خطره إذا جاهر به العبد أو استصغره أو فرح به أو تهاون بستر الله عليه، يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: " إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر وإن كنا لنعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات " (رواه البخاري).
ولما نزل الموت بمحمد بن المنكدر بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال " والله ما أبكي لذنب أعلم أني قد أتيته، ولكني أخاف أن أكون أذنبت ذنباً حسبته هيناً وهو عند الله عظيم ".
والذنب لا يقتصر على ارتكاب المناهي فحسب، بل إن التقصير في أداء الواجب من جملة المآثم، قال شيخ الإسلام (الفتاوى): التوبة والاستغفار يكون من ترك الواجبات وفعل المحرمات والأول يخفى على كثير من الناس.
مختارات