" الاستغفار في الشرع "
" الاستغفار في الشرع "
إن من كلام أهل اللغة أن الاستغفار من الغفر بمعنى: الستر والتغطية، وهذا معنى اللفظ في أصله.
الاستغفار في الشرع فإنه أشمل وأكبر من مجرد الستر، بل هناك معنى زائد على ذلك.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (الاستغفار من الغفران، وأصله الغفر وهو إلباس الشيء ما يصونه عما يدنسه، وتدنيس كل شيء بحسبه، والغفران من الله للعبد أن يصونه عن العذاب) (فتح الباري).
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: (الاستغفار المفرد كالتوبة، بل هو التوبة بعينها،مع تضمنه طلب المغفرة من الله، وهو محو الذنب، وإزالة أثره، ووقاية شره، لا كما ظنه بعض الناس: أنها الستر، فإن الله يستر على من يغفر له ومن لا يغفر له، ولكن الستر لازم مسماها أو جزؤه، فدلالتها عليه إما بالتضمن وإما باللزوم.
وحقيقتها: وقاية شر الذنب، لما يقي الرأس من الأذى، والستر لازم لهذا المعنى، وإلا فالعمامة لا تسمى مِغْفَرًا، ولا القبع ونحوه مع ستره، فلا بد في لفظ " المغفر " من الوقاية، وهذا الاستغفار هو الذي يمنع العذاب في قوله: " وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ " [سوره الأنفال، الآية: 33] فإن الله لا يعذب مستغفرًا) (مدارج السالكين).
فالاستغفار شرعًا هو: طلب محو الذنب، وإزالة أثره، ووقاية شره (مدارج السالكين).
وزاد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هذا التعريف توضيحاً حيث قال: (الاستغفار: طلب المغفرة، والمغفرة هي وقاية شر الذنب، والمغفرة شيء زائد على الستر ؛ لأن المغفرة معناها وقاية شر الذنب بحيث لا يعاقب عليه العبد، فمن غفر ذنبه لم يعاقب عليه، وأما مجرد ستره فقد يعاقب عليه في الباطن، ومن عوقب على الذنب باطنًا أو ظاهرًا فلم يغفر له،وإنما يكون غفران الذنوب إذا لم يعاقب عليه العقوبة المستحقة بالذنب) (مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ).
مختارات