" مقـدمة "
" مقـدمة "
أخي القارئ الكريم...
تمر علينا المواسم تلو المواسم، مواسم الخير والإيمان وزيادة الإحسان، مواسم الصيام والقيام، والإنفاق، والبر، والصلة، والحج، ونحوها كرمضان، والأشهر الحرم؛ بما فيها الحج، والجُمع، والأعياد، وعاشوراء، وغيرها من الأيام والشهور الفاضلة، والتي هي محطات للسمو الروحي والإيماني، وزيادة التعلق، والصلة بالحي القيوم، وكذلك نعيش في أماكن فاضلة تضاعف فيها الأجور والحسنات، في الحرمين، والمسجد الأقصى !
ونعيش أيضًا مع أناس صالحين عددًا من الأيام أو الساعات؛ فنشعر بارتفاع مستوى الإيمان لمصاحبتهم ورفقتهم.
أقول: نعيش وعشنا في مواسم وأزمنة وأماكن خيرة ومباركة، نرجو أن نكون ممن ربح فيها من الحسنات... نسأل الله القبول.
وكذلك الحال حين نصاحب الصالحين من وقت لآخر؛ فكم أودعنا في أزمنة وأمكنة ومع أقوام من حسنات، نسأل الله القبول والتجاوز عمّا سلف من التقصير والتفريط.
ولكن ماذا يكون بعد ذلك؟!
أتحصل المواصلة والاستمرار؟! أم هي مناسبات مرت وننساها بعد ذلك؟!
كم تكلم العلماء وطلبة العلم والخطباء، وتحدث الوعاظ، وحاضر المحاضرون في الخطب والدروس والمحاضرات والمنتديات عن أهمية المداومة على الأعمال الصالحة؟!!
وعن مواصلة العمل بعد العيش في المواسم الفاضلة كرمضان، والحج ونحوه، وبعد زيارة الأماكن الفاضلة ورفقة الصالحين – أيضًا - كما تحدثوا عن لزوم الاستمرار على الطاعات في رمضان وغير رمضان وفي الحرمين وغيرها !! ومع الناس أو في خلوتك.
فإن رب رمضان والحرمين هو رب الشهور والأماكن كلها؛ قال تعالى: " إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا " [التوبة: 36].
نعم؛ نحن لا نطلب من أنفسنا أن نكون على نفس الوتيرة كما كنا في رمضان والحرمين وغيرها؛ فإن لرمضان نفحات إيمانية وجوًا خاصًا، وكذلك في الأمكنة الفاضلة، ومع الصالحين؛ لأن «الذئب إنما يأكل القاصية» كما صح عن المصطفى صلى الله عليه وسلم (رواه أبو داود وحسنه الألباني في صحيح أبي داود. وفي صحيح الجامع عن أبي الدرداء قلت: «أي أن الذئب لا يستطيع أكل الغنم مجتمعة، ولكنه يستطيع أكل المنفردة... وكذلك حال الشيطان مع ابن آدم»)مين هو رب الشهور والأماكن كل ولكن على الأقل أن نستمر على الواجبات وترك المحرمات، ونحرص على النوافل قدر الاستطاعة، وترك المكروهات كذلك، وأن نكون بعد المواسم في حال أحسن مما كنا فيه قبلها؛ فالعبد الصالح يومه خير من أمسه، وغده خير من يومه وهذا من علامات قبول العمل كما قرَّر السلف قال تعالى: " إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ " [المائدة: 27].
ونقل ابن القيم عن بعض السلف: «جزاء الحسنة الحسنة بعدها» (انظر: (الجواب الكافي) بتحقيق: عامر ياسين).
مختارات