" القرآن وأهل الكتاب "
" القرآن وأهل الكتاب "
المعركة بين المسلمين وأهل الكتاب معركة قديمة؛ لأنها تتَّصل بالعقيدة في الله والتوحيد الخالص له جل جلاله، ولكون أهل الكتاب يؤمنون بتعدد الآلهة مع الله، وقد أوضح القرآن الكريم الذي هو كلام الله العالِم بأحوال عباده حقدَ أهل الكتاب من اليهود و النصارى على المسلمين؛ قال سبحانه وتعالى: " وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ " [البقرة: 120] والكفر كله ملة واحدة، ولا يزالون يقاتلون المسلمين فوق كل أرض وتحت كل سماء حتى يعيدوهم إلى الكفر إن استطاعوا؛ قال عز وجل: " وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " [البقرة: 217] فسبحان الله، ما أعظم هذا القرآن وأصدقه؛ فكأن عداءَ الكفار جميعًا ينحصر ضد هذا الدين الإسلامي العظيم، يتضح هذا حين ينظر الإنسان المسلم إلى تعاطف كل المذاهب في طول الأرض وعرضها واجتماعها على عداوة الإسلام؛ فكل المذاهب غير الإسلام مجتمعة في حلف أبدي على حرب الإسلام ومنابذة الدين الحنيف؛ فمن حين بُعِثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم والأحلاف مستمرة تعقد ضد الإسلام؛ حيث تحالف اليهودُ مع قريش في بداية الأمر، وأصدر اليهود فتاواهم إلى قريش يزعمون أن ما هم عليه من الشرك بالله و عبادة كل شيء مع الله من حجر ومدر وشجر ونجوم وملائكة وجميع الأصنام المختلفة هي الحق، وما عليه محمد هو الباطل، وهم يزعمون أنهم أهل كتاب منزل، كما عقدوا حلفًا مع قريش وبقية قبائل العرب المشركة على حرب النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الأحزاب.
ولا زالت الأحلاف بين جميع طوائف العالم إلى يومنا هذا مستمرة في تآمرها على استئصال الإسلام ومَحْوِهِ تمامًا من الوجود: " يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ " [التوبة: 32].
إن أهل الكتاب جادُّون ويبذلون المستحيل ويدخلون الشكوك والشبهات والأوهام ويتربصون بالإسلام وأهله، والحمد لله؛ فالقرآن قد بَصَّرَ المسلمين بكيد عدوِّهم وتربُّصِه بهم؛ قال عز وجل: " وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ " [آل عمران: 69].
ومن هنا تتبيَّن مكائدهم وما يضمرونه للمسلمين من عداء وغيظ قاتل وحقد دفين؛ فهم يحاولون بشتى الوسائل أن يطفئوا نور الله ويضعوا الحواجز بين المسلمين وبين كتاب ربهم وهدي نبيهم صلى الله عليه وسلم، لغرض إضعاف المسلمين وضياعهم وإضلالهم عن معتقدهم الإسلامي الخالص الذي قاد سلفهم إلى قيادة العالم بأسره وسيطر على الأرض جميعًا؛ فهم يخافون أن يعيد التاريخ نفسه ويستيقظ العملاق، وهذا أكبر ما يخافون منه ويحذرونه.
مختارات