" كيفية القيام بالأعمال القلبية "
" كيفية القيام بالأعمال القلبية "
من قواعد الشرع أن ما لا يدخل تحت القدرة لا يكلف الإنسان به.
ومن هنا قد يرد إشكال حول التكليف بالأعمال القلبية.
ويزول هذا الإشكال بمعرفة أن التكليف بها - أمرًا أو نهيًا - تكليف بأسباب تحصيلها إن كانت طاعات، أو بأسباب تنقية القلب منها إن كانت سيئات، مع تجنب الأسباب المخلة بسلامة القلب عمومًا (انظر: الموافقات، الوجيز في أصول الفقه).
وفي الكتاب والسنة إرشاد إلى هذه الأسباب وتلك.
فمن الدعوة إلى ما يحيي القلب ويصلحه قوله سبحانه " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ " [الأنفال: 24].
فقوله: " لِمَا يُحْيِيكُمْ ": هذا (وصف ملازم لكل ما دعا الله ورسوله إليه، وبيان لفائدته وحكمته، فإن حياة القلب والروح بعبودية الله تعالى ولزوم طاعته وطاعة رسوله على الدوام) (تيسير الكريم الرحمن للسعدي).
ومنها قوله: " خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " [التوبة: 103].
ومنها قوله: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " [البقرة: 183] وقد تقدم أن التقوى تقوى القلوب قبل الجوارح.
ومن الأسباب التفصيلية التي يحصل بها بعض الأعمال القلبية ذكر الله، فهو سبب في طمأنينة القلب وحياته، قال تعالى: " أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ " [الرعد: 28].
وقال صلى الله عليه وسلم: «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت» (أخرجه البخاري ومسلم بنحوه).
وقراءة القرآن سبب في تقوية محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من سره أن يحب الله ورسوله، فليقرأ في المصحف» (أخرجه أبو نعيم في الحلية وابن عدي وحسن إسناده الألباني في السلسلة الصحيحة).
ومن ذلك الإرشاد إلى إخفاء النوافل طلبًا لسلامة النية، وحذرًا من نوازع الرياء، فمن ضمن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (رجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) (أخرجه البخاري ومسلم).
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من فوقكم، فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم» (أخرجه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع).
وقوله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بما يذهب وحر الصدر: صوم ثلاثة أيام من كل شهر»(أخرجه النسائي وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي).
مختارات