" الإعجاز يَتَجَلَّى في الآتي "
" الإعجاز يَتَجَلَّى في الآتي "
أولًا: قالوا: إن القرآن لم ينزل على محمدٍ بوحيٍ من الله؛ وإنما كان يعلِّمُه بشرٌ من الناس، فَوَجَّههم القرآن إذا كانوا في ريب من تنزيله أن يأتوا بكل الإنس عربٍ وعجمٍ، وبكل الجن، ويشمل هذا مَنْ زعموا أنه كان يُعَلِّمُ محمدًا، فليأتوا به مع بقية الإنس والجن فيعلمونهم مثل ما تعلَّمه محمدٌ من رجل واحد، وعندها يكسبون الجولة ويفوزون بالتَّحَدِّي.
ثانيًا: إذا كان ذلك التَّحَدِّي الصارخ قد أعيى كفار قريش، وهم أفصح العرب، والقرآن نزل بلغتهم، ولم يستطيعوا أن يَثْبُتوا أمام التَّحَدِّي أو يأتوا بسورة واحدة من مثله، وهم من أشد الناس حرصًا على تكذيبه، وقد خَيَّمَ عليهم السكوت الرهيب بعد عنادهم الصارخ، ولو كان باستطاعتهم تحقيق شيء من ذلك لاستماتوا في تحقيق أمنيتهم حتى يكسبوا جولة النصر في مباراة يتحقَّق لهم فيها الفوز وتكذيب عدوهم وهزيمتهم في التحدث؛ بحيث إن المجال مفتوح أمامهم، والتحدي مستمر إلى يوم القيامة.
ثالثًا: لقد تأكد من خضوع قريش للهزيمة واستسلامهم لتحدي القرآن الكريم أن القرآن كتاب الله المنزَّل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه حجةُ الله القائمة ودليلُه القاطع على عجز الناس عمومًا في كل زمان ومكان أن يأتوا بسورة من مثله.
رابعًا: إذا كان ملوك اللغة العربية وفرسان البلاغة القرآنية من العرب الذين أنزل القرآن الكريم بلسانهم قد عجزوا عن كشف حُجُبِ البيان القرآني وإعجازه، فكيف يتصدَّى للطَّعن فيه عملاء تخرجوا في جامعات العجم التي ما قبلوا فيها إلا ليكونوا حربًا على الإسلام والمسلمين، وأدوات تستعمل لتدمير معتقداتهم؟!
فهل يفقه العلمانيون العرب هذا؟ وكيف غفلوا عن هذه المبادئ السامية الدامغة: " فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثَالَ " [الرعد: 17].
مختارات