" حكم تعلم علم القلب "
" حكم تعلم علم القلب "
علم أعمال القلوب من علوم النبوة التي نقلها إلينا الصحابة، يقول ابن تيمية: (كما إن علم النبوة من الإيمان والقرآن وما يتبع ذلك من الفقه والحديث وأعمال القلوب إنما خرجت من الأمصار التي يسكنها جمهور أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (مجموع الفتاوى).
وقد ذكر النووي في معرض كلام له عن حكم تعلم العلوم أن (علم القلب كالحسد والعجب والرياء وشبهها) فيه قولان:
الأول: أن معرفة حدودها وأسبابها وطبها وعلاجها فرض عين، وهو قول الغزالي.
واستدل لهذا بأن معرفةكبائر القلب واجب (ليعالج زوالها، لأن من كان في قلبه مرض منها لم يلق الله والعياذ بالله بقلب سليم) (الدليل في الزواجر عن اقتراف الكبائر).
الثاني: التفصيل (فمن رزق قلبًا سليما من هذه الأمراض المحرمة كفاه ذلك، ومن لم يسلم وتمكن من تطهير قلبه بغير تعلم العلم المذكور وجب تطهيره، وإن لم يتمكن إلا بتعلم وجب) ونسب هذا القول لغير الغزالي (روضة الطالبين، الأشباه والنظائر للسيوطي).
ويمكن الاستدلال للقول الثاني بأن الوسائل لها حكم الغايات، وتخليص القلب من تلك الآفات واجب، فإن لم يكن له طريق سوى التعلم وجب، أما إذا كان القلب سليمًا منها، أو تمكن من تطهير قلبه بوسيلة غير التعلم فلا وجه حينئذ لإيجاب التعلم عليه.
وبهذا يتبين أن الثاني هو الراجح.
والتفصيل المتقدم في أمراض القلوب جار في فرائض القلب، فالتوكل مثلاً من رزقه الله حسن التوكل لم يحتج لتعلم أسباب تحصيله، ومن ضعف توكله عن القدر الواجب، فعليه أن يسعى في تحقيق التوكل، ويجب عليه تعلم أسباب ذلك إن لم يمكنه إصلاح قلبه إلا بذلك.
ولابن القيم تفصيل في فرض العين من العلم، وفيه قوله: (والواجب في العمل: معرفة موافقة حركات العبد الظاهرة والباطنة الاختيارية للشرع أمرًا وإباحة).
والواجب في الترك: معرفة موافقة الكف والسكون لمرضاة الله.. وقد دخل في هذه الجملة علم حركات القلوب والأبدان (مفتاح دار السعادة).
مختارات