" ديـن جينـي "
" ديـن جينـي "
حينما كنت طفلة كنت دائمًا أتطلع لحضور صلاة الكنيسة في يوم الأحد لا أدري ما الدافع وراء تطلعي للذهاب إلى الكنيسة هل كان ذلك بسبب أنني كنت أرتدي أفضل الملابس لذلك اليوم، أو أنه بسبب غداء جدتي الشهي التي كانت تعده لنا بعد الرجوع من الكنيسة.
لم يكن أفراد عائلتي يهتمون كثيرًا بالدين، ولا زلت أذكر أنني كنت أتضايق عندما يغيب أحد أفراد العائلة عن حضور الكنيسة، وفي السنوات الأخيرة اعتدت الذهاب للكنيسة وحدي.
في المرحلة الثانوية لم تكن هناك حصص دينية كما كان الحال في المرحلة الابتدائية مما اضطرني للقيام بقراءة الإنجيل وتعلمه واتباع ما فيه وحدي، لقد كنت أؤمن بوجود الله ولكن ليست على الصورة التي تعلمناها في الكنيسة فقد كانت مسألة التثليث من أصعب المفاهيم التي لم أجد لها تفسير، وكنت دائمًا ما أمني نفسي بأنني إذا كبرت سوف أفهمها.
في آخر سنة من مرحلتي الثانوية كان هناك نظام تبادل الطلاب بين دولتي أستراليا واليابان ووجدت أن هذه فرصة ممتازة لأبقى بعيدة عن أهلي وأفكر أكثر في ديني...
وفي الليلة التي سبقت رحلتي لليابان كنت أحزم أمتعتي ولم أنم تلك الليلة حتى نام أهلي جميعًا، وتسللت وأخذت الإنجيل وحزمته مع أمتعتي لم أكن أريد أن يرى أهلي حرصي على اقتناء الإنجيل لأنني أعلم سوف يضحكون عليَّ.
السنة التي قضيتها في اليابان لم تكن سعيدة... فقد كنت أواجه المشاكل هناك، وأذكر أنني تلقيت اتصالًا من أهلي يطلبون مني العودة لاستراليا قبل انتهاء مدة الدراسة بشهرين.. في تلك الليلة التي تلقيت فيها الاتصال لم أستطع النوم، وأخرجت الإنجيل لقراءته لعلي أجد فيها الراحة من هذه الضغوط.
لقد تعلمت في السنة التي قضيتها في اليابان الكثير من الدروس فقد كنت أحضر دروسًا دينية عن البوذية، في بداية الأمر لم أتقبل الوضع، ولكني كنت أجبر نفسي على الحضور، وحينما يقومون بأداء صلواتهم لبوذا، كنت أقوم أنا بتوجيه للرب الذي أؤمن به، لم أكن أفهم الدين البوذي جيدًا وكلما حاولت التعمق فيه لفهمه، أجد نفسي في طريق مسدود... حتى أنني سألت مرة أحد مدرسي اللغة الإنجليزية عن دينه فقال: إنه فقط البوذية عندما يكون في اليابان ولكن حينما يذهب لأمريكا يعتنق المسيحية !!
صحيح أن في الديانة البوذية بعض المعتقدات التي أجدها مثيرة، ولكن هذا لم يقنعني لجعل البوذية ديني، كنت أقوم باختيار ما يناسبني من الديانات الأخرى، وإضافتها إلى ما يسمى بـ " دين جيني " هذا الدين الذي ابتدعته من تلقاء نفسي يحتوي على بعض المعتقدات المنطقية التي جمعتها من الديانات المختلفة، ولكن مع ذلك شعوري بأنني لم أجد الدين المناسب يزداد يومًا بعد يوم.
عند عودتي لاستراليا بعد انتهاء سنتي الدراسية في اليابان تعرفت على فتاة وجدت فيها الكثير من الأشياء المشتركة معي... كانت الفتاة مسلمة وزادت علاقتي بها بعد عدة جلسات معها، حيث كانت تتحدث عن وجود الله فقلت في نفسي: إن حديثها يقترب أكثر من " دين جيني "... وعندما ذهبت معها لبيتها أخرجت لي كتاب يدعى " الأربعين القدسية " وقامت بقراءته عليّ مما دفعني لاستعارة الكتاب منها...
حينما كنت أقرأ الكتاب؛ انتابتني موجة من الخوف لم أعرف مصدرها، ولكن لم أكن أتصور أن الدين الإسلامي بهذه الصورة من الجمال وذلك بعد الانطباع السيئ الذي خرجت به عن الإسلام من مجتمعي.
انقطعت علاقتي بتلك الفتاة المسلمة بعد التحاقي بالجامعة ولم تسنح لي الفرصة باستعارة الكتاب منها مرة أخرى مما حدا بي للبحث في الإنترنت عن الإسلام... لقد كان لي أصدقاء مسلمين في المحادثة ولكن كنت أعتقد بأنهم لا يقولون الحقيقة عن الإسلام، لقد كنت أعتقد أنهم فقط يعرضون لي الجانب الحسن من دينهم K أذكر مرة أنني سألت أحدهم عمَّ إذا كان يؤمن بوجود الملائكة... لأن الإيمان بالملائكة كان جزءًا من " دين جيني " الذي ابتدعته... ولكنني صعقت حينما أكد لي أن الإيمان بالملائكة هو جزء من عقيدة المسلمين...
لقد كانت الصورة التي بنيتها عن الرجل المسلم أنه رجل يضرب زوجته، ويقتل البنات الرضع، وإرهابي في وقته المستقطع... لذا تحمست أكثر بعد رده ذلك لمعرفة ما هي الأشياء الأخرى التي يؤمن بها المسلمون؟.
لقد كنت أبحث في الإنترنت عن مواقع تبين لي الجانب السيئ من الإسلام.. لأنني كنت دائمًا ما أجد في الديانات الأخرى أشياء سيئة منطقية واعتقدت أن الإسلام مثل باقي الديانات الأخرى لابد له من جانب سيئ.
ذات يوم كنت في إحدى غرف المحادثة التي تتحدث عن الإسلام وكان هناك جمع من المتحدثين نساء ورجال... في البداية اعتقدت أن النساء سوف يستمعن لحديث الرجال ولن يسمح لهن بإبداء آرائهن أو حتى المشاركة... ولكنني أيضًا صعقت حينما شاهدت النساء في غرفة المحادثة يقمن بالتعليق والمشاركة... فقد كانت الصورة المرسومة في مخيلتي عن المرأة المسلمة أنها مهضومة من قبل الرجل.
لقد زادت معرفتي بالإسلام من غرف المحادثة، ومن صفحات الإنترنت التي كنت أطبعها دوريًّا. فكلما تعلمت أكثر عن هذا الدين، زاد خوفي أيضًا.
لم يعلم أحد من أهلي أو أصدقائي عن اهتمامي بالبحث عن الإسلام؛ لأنني لم أرد منهم أن يلوثوا أفكاري في تلك الفترة... حينما اقتنعت بأن الإسلام هو الدين الأمثل قررت إعلان إسلامي... ففي ذلك اليوم اصطحبتني صديقتي للمركز الإسلامي في ملبورن... ولا زلت أذكر خوفي الشديد وترددي من الذهاب إلى المركز... فحينما جلست بين يدي إحدى الأخوات لنطق الشهادة؛ بكيت بشدة مع أول كلمة نطقتها من الشهادة لقد كان شعور لا يوصف، وكانت صديقتي بجانبي تبكي أيضًا... في تلك اللحظات أحسست بقوة عجيبة في كلمات الشهادة التي كنت أرددها بعد الأخت... أشعر الآن أنه لا زال أمامي الكثير لتعلمه عن الإسلام... لكن هناك شيئًا يجب أن يعرفه الناس جميعًا وهو: أن الإسلام رحمة للبشرية. أختكم/ جيني
" ترجمة بتصرف من موقع شبكة الإسلام http://islamweb.net/.
مختارات