" بحاجة إلى مصاحف "
" بحاجة إلى مصاحف "
دخلتُ الإنترنت على غير عادة، ثم توجهت إلى غرفة المحادثة التي اعتدت الدخول عليها... وهي غرفة يشرف عليها رجل بريطاني مسلم للدعوة إلى الله.. وبينما أنا هناك أتأمل الحوار الدائر؛ دخلت لغرفة المحادثة صديقتي فاطمة تطلب منا المساعدة في إرسال مجموعة كبيرة من المصاحف باللغتين الإنجليزية والصينية لمسجد في الصين قبل حلول شهر رمضان المبارك...
قام الإخوان في الغرفة بتقديم اقتراحاتهم لها... وأشار المشرف على الغرفة إليَّ قائلًا: هل من الممكن مساعدتها لكونك من السعودية؟... قلت: لا مانع من ذلك، ولكن كم هي الكمية التي تحتاجون إليها؟... قالت صديقتي: سوف أطلب من المسئول عن المركز الإسلامي هناك إرسال بريد إلكتروني لك ليبين الكمية التي يحتاجونها..
وفعلًا ما هي إلا ساعات واستلمت رسالة من مساعد المشرف على مركز ومسجد عمار في هونج كونج يشرح فيها حاجاتهم الماسة إلى مصاحف قبل حلول شهر رمضان المبارك...
يقول نص الرسالة: " بعد التحية والسلام... يعتبر مركز ومسجد عمار واحدًا من أهم المراكز الإسلامية في هوج كونج.. حيث يضم المركز أكثر من 150 شابًّا مسلما... ويقوم المركز بعمل دورات سنوية للتعريف بالإسلام ودورات لتفسير القرآن للمسلمين الجدد... وبعد كل دورة تعريفية بالإسلام يدخل في الدين شخصان أو ثلاثة، وهذا ما دفعنا وشجعنا للقيام بأعمال الدعوة مهما كانت الظروف.
حاليا نعاني من نفاد نسخ القرآن الكريم باللغة الإنجليزية والصينية من منطقتنا منذ مدة ليست بالقصيرة... ولم نتمكن خلال هذه المدة من الحصول على تبرعات من أحد.
يا سيدتي الكريمة، لقد عرّفتنا الأخت فاطمة عليك، أو قل إن الله سبحانه وتعالى قد قادنا إليك... إننا بحاجة ماسة إلى هذه المصاحف.. فهل بإمكانك توفير الكمية المطلوبة وإرسالها إلينا... وجزاك الله كل خير ".
لم أتمالك نفسي حين قرأت رسالتهم، وعزمت على أن أقوم بتوفير الكمية المطلوبة مهما كلفني الأمر... فقمت بالاتصال بالمكتبات الكبرى والموزعين؛ لعلي أجد لديهم نسخًا من القرآن باللغة الصينية؛ لأن النسخ الإنجليزية كانت متوفرة ولله الحمد...
ووفقت للعثور على مكتبة تبيع المصاحف باللغة الصينية البسيطة... وبدأت أحسب التكلفة الإجمالية وتكلفة الشحن... فوجدت أن المبلغ سيكون كبيرًا... ولكن عزمي على أن أتم هذا العمل خالصًا لوجه الله وطمعًا في الأجر كان محركي الأول...
وفي هذه الأثناء خطرت لي فكرة !! وهي لما لا أقوم بالاستعانة بوالدي لطلب المصاحف حيث إنه يعرف من يستطيع توفيرها وشحنها وبالكميات المطلوبة... وبالفعل هذا ما حصل.. ولكن قبل ذلك طلب مني والدي أن يتم إرسال بريد إلكتروني يحتوي على الطلب بصورة رسمية من المشرف على المركز مع العنوان الذي يتم الشحن إليه...
أرسلت للمشرف رسالة إلكترونية تزف إليه الخبر، وتطلب منه الخطاب الرسمي للطلب مع العنوان...
ولما فتحت بريدي من الغد وجدت رسالة من المشرف على مركز عمار مرفق فيها الخطاب الموشح بالشكر والدعاء لنا.. بالإضافة إلى موقع المركز على شبكة الإنترنت، وعنوان المركز، وكروكي للمسجد.
وبتوفيق من الله، وفي غضون أيام تم شحن أربعة صناديق محملة بالمصاحف إلى الصين.. وقد سلمني والدي بوليصة أمر الشحن حتى أتابع مع المشرف استلامها.
وبعد أيام استلمت رسالة من المشرف على المركز... في البداية ظننت أنه سوف يبشرني باستلام المصاحف... ولكن الأمر لم يكن كذلك... فقد حجزت الخطوط الصينية المصاحف في المطار، ولم ترض بتسليمها للمشرف على المركز بحجة أنه ليس هناك اسم على الطرد البريدي... أخبرت والدي بالموضوع.. وقام بالتدخل جزاه كل خير... حيث قام بالاتصال على سلطات المطار ودفع مبلغًا معينًا لتغيير اسم المستلم.. وذلك حتى يتسنى للمشرف على المركز استلامها... واستلمها المشرف أخيرًا في أحسن حال ولله الحمد.
وما هي إلا أيام ودخل شهر رمضان المبارك، واستلمت رسالة إلكترونية من الأخت فاطمة التي كانت حلقة الوصل بيني وبين المشرف على المركز.. تقول فيها: " أختي العزيزة؛ أسأل الله أن يرزقك الجنة إن شاء الله... رمضان مبارك عليك وعلى جميع أفراد عائلتك.. يا أغلى أخت عرفتها في حياتي، لن ننساك أبدًا لا أنت ولا عائلتك من صالح دعائنا.. وأسأل الله أن يعطيك من خيري الدنيا والآخرة... ومجددًا جزاك الله مليون خير على ما قمت به... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ".
مختارات