" لقـاء الحبيب بحبيبته "
" لقـاء الحبيب بحبيبته "
ما أجمله من لقاء بين زوج قد طالت غيبته، وبين زوجة حبيبة لطيفة حنون لا تغضبه ولا تعارضه ولا تعصى له أمرا، بل مطيعة وضيئة تشع جمالا، وتفوح عطرا وبهاء، قاصرة طرفها عليه فاتحة قلبها له، السرور في النظر إليها، والسعادة في الجلوس بجوارها، تحنو عليه وتشفق وتنظر إلى ما يحب فتفعل ما يحب، بسمتها ضياء، وجسمها يشع بالصفاء لا ترضى غيره بديلا، ولا يحب عنها تحويلا، فهنيئا لك أيها المسلم بهذا العطاء.
أ- عن أبى ذر قال: دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يقال له عكاف بن بشر التميمي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «يا عكاف هل لك من زوجة ؟» قال: لا، قال: «ولا جارية»قال: «ولا جارية؟» قال: «وأنت موسر بخير ؟» قال: وأنا موسر بخير، قال: «أنت إذا من إخوان الشياطين، ولو كنت في النصارى كنت من رهبانهم، إن سنتنا النكاح، شراركم عزابكم، وأرازل موتاكم عزابكم، ما للشيطان سلاح أبلغ في الصالحين من النساء إلا المتزوجون، أولئك المطهرون المبرؤون من الخنا، ويحك يا عكاف، إنهن من صواحب أيوب وداود ويوسف وكرسف»، فقال له بشر بن عطية، ومن كرسف يا رسول الله قال «رجل كان يعبد الله بساحل من سواحل البحر ثلاثمائة سنة يصوم النهار ويقوم الليل، ثم إنه كفر بالله العظيم بسبب امرأة عشقها وترك ما كان عليه من عبادة الله عز وجل، ثم استدركه الله ببعض ما كان منه فتاب عليه، ويحك يا عكاف: تزوج، وإلا فأنت من المذبذبين» قال زوجني يا رسول الله، قال: " زوَّجتك كريمة بنت كلثوم الحميري» (رواه الامام أحمد فى المسند).
ب- لقاء مبارك:
مر القاضي شريح بامرأة وعندها جارية، وطلب منها شرابا، فأمرت الجارية أن تأتى بشراب فقالت الجارية: أي الشراب يريد؟؟ فقالت أمها: ائت بلبن فإن الرجل غريب.
يقول فقلت لها: هل الجارية متزوجة قالت: لا، يقول فقلت في نفسي: أتقدم لخطبتها لما رأيت من سمتها وأخلاقها، فتقدمت وتمت الموافقة والحمد لله، ودخلت بها وصليت ركعتين فإذا هي تصلى بصلاتي، فلما أردت منها ما يريد الرجل من امرأته، قالت على رسلك: الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونصلى ونسلم على النبي وصحبه، أما بعد:
فإن الله قد كتب هذا الزواج، وكان الكثير يتقدم لي من أقاربي فلم يكتب الله الزواج من أحدهم، فأخبرني بالذي تحب فآتيه، وأخبرني بما تكره فأبتعد عنه، وأخبرني من تحب من جيرانك، فأسمح له بالزيارة، ومن تكره من جيرانك فأبتعد عنه، ومتى تحب زيارة أهلي؟ قال يخاطب الشعبي: والله يا شعبي إنها قد أحرجتني وألجأتني إلى الخطابة فقلت: الحمد لله نحمده ونستعينه، ونصلى على النبي وصحبه أما بعد: فقد قلتِ وأصبتِ فان تلتزمي بما تقولين، فهو خير لك ولي، فإني أحب كذا وكذا وأكره كذا وكذا، وجيراني آل فلان أهل خير وصلاح، وآل فلان لا أحبهم، أما أهلك فيأتون في كل وقت.
ثم قال: يا شعبي، إذا أردت الزواج فعليك بنساء بني تميم فإنهن أرجح عقولا وأحسن تصرفا.
يا شعبي: لقد بقيت معها عشرين عاما لم تكدر لي بالا إلا مرة واحدة كنت أنا المخطئ، يا شعبي، لقد عشت معها عيشة هنية، وراحة سرمدية لا يكدرها نكد، ولا يشوبها خلاف.
لقد تم اللقاء بين محبين ورفرفت عليهما المحبة والسعادة والتفاهم والتعاون على البر والتقوى، راحة نفسية وسعادة بدنية، لا خلاف ولا شقاق ولا صخب ولا نصب بين الزوجين، قد تم التفاهم والتسامح والألفة والمحبة القلبية التي ترفرف على هذه الأسرة وتحيط بهذا البيت، أتدرى أخي المسلم ويا أختي المسلمة عن سبب هذه السعادة: إنها الطاعة لله واتباع هدى النبي صلى الله عليه وسلم وتشريعاته في العبادة والمعاملة والأخلاق والأحكام.
مختارات