" لقـاء سـري "
" لقـاء سـري "
كان لقاء الأحبة محمد وصحبه في بداية الدعوة في دار أحد أصحابه ومحبيه، وهى «دار الأرقم بن أبى الأرقم» وقد أسلم، واسمه عبد مناف بن أسد من بني لؤي، وقد كان من حكمته صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة أن يلتقي بأصحابه ومحبيه سرا لما يلقاه صحبه من التعذيب والاضطهاد والسجن والتشريد، لذلك كان صلى الله عليه وسلم يمنع المسلمين من إعلان إسلامهم قولا أو فعلا، وألا يجتمع بهم إلا سرا، لأنه لو اجتمع بهم علنا، فلاشك أن المشركين سوف يحولون بينه وبينهم، والرسول صلى الله عليه وسلم هدفه تعليمهم وتزكيتهم وتربيتهم وتعليمهم الكتاب والحكمة، فلو كان ذلك علنا؛ لأفضى إلى نزاع ومصادمة بين الفريقين، بل قد وقع ذلك فعلا في السنة الرابعة من النبوة، وذلك أن أصحاب رسول الله كانوا يجتمعون في الشعاب، فيصلون فيها سرا، فرآهم نفر من قريش فسبوهم وقاتلوهم، فضرب سعد بن أبى وقاص رجلا فسال دمه، وكان أول دم أهريق في الإسلام، ومعلوم أن المصادمة لو وقعت طالت، وأفضت إلى تدمير المسلمين وإبادتهم، وهم ما زالوا في أول الطريق، فكان من الحكمة الاختفاء والعمل سرا بعيدا عن أنظار كفار قريش، فكان عامة الصحابة يخفون إسلامهم وعبادتهم ودعوتهم واجتماعاتهم، أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يجهر بالدعوة والعبادة بين ظهراني المشركين، لا يصرفه عن ذلك شيء، ولكن كان يجتمع مع المسلمين سرا نظرا لصالحهم وصالح الإسلام، وكانت دار الأرقم بن أبى الأرقم المخزومي على الصفا، وكانت بمعزل عن أعين الطغاة ومجالسهم، فكان اتخاذها مركزا لدعوته ولاجتماعه بالمسلمين عين الحكمة، وكان ذلك في السنة الخامسة من النبوة» (من كتاب الرحيق المختوم بتصرف) .
مختارات